في خطوة مسؤولة و معبرة عن مسؤولية إنسانية وأخلاقية ودينية كبرى، وفي توقيت حساس وفي ظل أوضاع إقليمية متسمة بالفوضى و الحيرة وسيادة التوتر الطائفي المؤسف الذي يفت في عضد الأمة ويدمر الأمة الإسلامية و يساهم أبشع مساهمة في كرنفالات الدم والإنتقام السائدة، أصدرت مجموعة من رجال الدين المسلمين الشيعة في بيروت بيانا سياسيا و إيمانيا واضحا و بلسان عربي مبين لاعجمة فيه و لا إلتواء و لا فذلكة يدعو لنصرة الثورة السورية و نصرة كل الأحرار و المظلومين في العالم، والبيان الذي وقع عليه كل من السيد هاني فحص عضو اللجنة الشرعية في المجلس الإسلامي الشيعي اللبناني الأعلى، والسيد محمد حسن الأمين القاضي في المحكمة الجعفرية اللبنانية، جاء ليؤكد تأكيدا قاطعا بأن الشيعة العرب ليسوا أبدا ضمن الطواقم المؤيدة لجرائم النظام السوري وإن ماصدر من مواقف شيعية هنا أو هناك و تحديدا في لبنان و العراق اللذان يخضعان لتأثير سلطوي إيراني واضح وقوي لايعبر أبدا عن مجمل الطائفة الشيعية التي إن إفتخرت بشيء فإنما بتراثها الثوري عبر التاريخ والرافض للهيمنة و الإستغلال و الرافع للشعار الحسيني الخالد عبر العصور ( هيهات منا الذلة ).. فأتباع التشيع العلوي المحمدي النقي الصافي بمبادئه الإسلامية العريقة و الحنيفة و المستلة من مكرمات و مناقب أهل بيت النبوة الكرام لا يمكن أبدا أن يكون ستارا لثلة من المجرمين و القتلة، كما أن النظام الصفوي الحاكم في إيران بعنترياته و مواقفه السياسية المشبوهة و بعنصريته الفجة وروحه القومية الإستعلائية لايمكن أبدا أن يكون ممثلا وناطقا رسميا بإسم المذهب الشيعي أو بأسم أحرار الشيعة من الرافضين للمنهج الصفوي التحريفي بدلالاته العنصرية والخرافية البعيدة كل البعد عن مباديء وقيم وأخلاق وتصرفات و عقيدة أهل بيت النبوة من الأئمة الأطهار المعبرين عن حقيقة وإنسانية الإسلام الحنيف ورقيه الحضاري، بيان التضامن والدعم المنسوب للسيدين الكريمين هو محاولة خجولة من بعض قادة المرجعية الشيعية لتوضيح الموقف وفك الإشتباك وتصحيح الصورة والخروج من عتمة الإصطفافات و التوتران الطائفية المزعجة و التي جعلت للأسف من قضية سقوط النظام السوري على يد شعبه الثائر مجالا لتوتر و ىفتنة طائفية لاداعي لها أصلا و لا ينبغي أن يكون لها تداعيات طائفية أو دينية من الأساس، النظام السوري ليس نظاما دينيا و لا يقود الدولة السورية من واقع الرؤية الدينية أو المذهبية بل أنه نظام إستبدادي متخلف على شاكلة نظام المماليك لا قدسية له و لا مرجعية دينية تؤطره و لا فلسفة تسيره سوى فلسفة الإستبداد و توريث الظلم و العرش و الإستئثار، و تحالفاته الخارجية والداخلية تؤطرها في الأساس مجموعة المصالح و الإمتيازات لرموز السلطة الغاشمة المغطاة بغطاء إيديولوجي بعثي لاقيمة له أصلا لأن حزب البعث في الشام قد مات و شبع موت منذ خمسين عاما و تحديدا منذ عام 1966 حينما تم اللجوء للغة السلاح و القتل لحسم الخلافات الحزبية، لقد إختلطت الأوراق بشكل مريع بعد التأييد الإيراني المطلق للنظام السوري و إنخراط إيران وغلمانها الإقليميين في العراق ولبنان بمخطط محاربة الثوةرة السورية ومحاولة منع سقوط النظام مما خلق موجات من الكراهية الطائفية المؤسفة التي تصب في مصلحة نظام القتلة السوري ومما عزز ذلك الإنقسام المؤسف تردد المرجعيات الدينية الشيعية في إظهار مواقف واضحة من ذلك الموضوع تاركين المجال لإيران وحلفائها لكي يعبروا عن الموقف الشيعي والذي جاء بيان السيدين فحص و الأمين من لبنان لكي يكون الخطوة المباشرة الأولى لموقف شيعي مختلف و متميز و منسجم مع مباديء التشيع العلوي و معبر عنه في رفض الظلم و حتمية إنتصار الدم على السيف و ضرورة مناهضة الطغاة و العمل على إسقاطهم وبالتالي تأييد المطالب المشروعة للشعب السوري فالشيعة كمذهب ليس لهم أي مصلحة مباشرة في الدفاع عن النظام السوري أو القتال نيابة عنه و المصالح الإيرانية في الشام و التي تدفع الجماعات و الأحزاب المؤيدة لإيران لمحاربة الثورة السورية لاتعبر أبدا عن مصالح الشيعة العرب ولا عن تطلعاتهم أو رؤيتهم، الخطوة القادمة و المطلوبة و التي ستسهل عملية المصالحة الطائفية ونزع فتيل التوتر تتلخص في ضرورة تحرك المرجعيات الشيعية الكبرى و المعروفة لإصدار بيانات توضح المواقف و تشدد على ثوابت نصرة المستضعفين و المحرومين وبالتالي التميز الواضح عن الخطاب و الموقف الإيراني الذي تحكمه المصالح السياسية وليس الرؤية الشرعية والدينية، فالنظام الإيراني يلعب السياسة بوجه ديني مذهبي مما أساء للدين و الطائفة وحملها مواقف سيئة ليست مسؤولة عنها بالكامل، أحرار الشيعة اليوم و العرب منهم خصوصا أمام تحدي و إختبار تاريخي وقد فتح بيان السيدين فحص والأمين المجال لخطوات أكثر تقدما ووضوحا و إنسجاما مع التشيع العلوي الذي تشوش عليه فقاعات الصفويين و أذنابهم... فهل تتحرك المرجعيات لؤاد الفتنة وفك الإشتباك بين النظرية و التطبيق.
- آخر تحديث :
التعليقات