غابت ردود الفعل العربية على جعل القدس عاصمة لدولة اسرائيل من قبل الحزبين الجمهوري والديمقراطي اللذان يتنافسان على الفوز في الانتخابات المقبلة التي ستجري في السادس من نوفمبر.

فالأمراصبح طبيعيا، يجري تهويد القدس وتُسرق اراضيها ويتم هدم البيوت و تُدنس المقدسات، والحزبين الامريكيين يتنافسان على اهداء القدس الى اسرائيل وكأنها ارض اجدادهم، كل ذلك يحدث دون اي ردة فعل من قبل الدول العربية التي تتصرف كالنعامة التي التي تطمر رأسها في الرمال هربا من الواقع، لكي لا يروا ما يجري، واقصى ما يستطيعون فعله هو الشجب والاستنكار وتحميل اسرائيل مسؤولية افعالها.

يبدو ان العرب اجمعوا على تحرير دمشق لانها تسبب العائق امام تحرير القدس، ولذلك يجري دعم المعارضة بكل الامكانات السياسية والعسكرية والمادية المتاحة، ان هذه المعارضة ليست موحدة وتتميز بانتماءاتها المختلفة، وبأهدافها التي تريد تحقيقها ما بعد سقوط النظام، فالهدف الحالي المشترك الذي يوحد هذه الجماعات هو دون شك اسقاط النظام، اما بعد ذلك وهذا هو الاهم، ماذا سيحدث بسوريا الدولة ومن سيحكمها السلفيون ام تنظيم القاعدة ام الاخوان المسلمون.

هذه الجماعات المسلحة لم تُطمئِن الرأي العام العربي بأن اسرائيل هي العدو الرئيسي وانها مع تحرير مرتفعات الجولان، التي لم يقدر النظام الحالي على تحريرها ولم يطلق اي مقاومة من اجل هذا الهدف، فلو فعلت المعارضة هذا لكسبت عطف وتأييد أكبر لصالحها، وبالطبع يوجد هناك معارضة لا تقبل التدخل الخارجي والارتهان لقوى خارجية اقليمية كانت ام دولية، وتهدف الى التغيير البناء والاسهام في بناء سوريا الجديدة القائمة على اسس ديمقراطية.

ولكن الذين يدعمون المعارضة المسلحة من الدول الاقليمية ليس في اجندتهم بناء سوريا القوية والمستقلة، وانما الهدف هو ازالة النظام واقامة نظام اخواني مهادن أو سلفي ومن غير المعروف لمن ستكون الغلبة في المستقبل.

ان الانسجام والتوافق في المواقف من الوضع في سوريا بين الجهات الدولية والجهات الاقليمية التي تدعم هذه المعارضة، هدفها هو التنسيق مع من سيحكم سوريا وابعاد هذه القوى عن التفكير بمعاداة اسرائيل، بل وبالعكس ستعمل هذه القوى على العمل من اجل التقارب مع اسرائيل.

يشكل التدخل المصري المفاجئ على خط الازمة السورية عامل ضغط جديد وقوي على النظام السوري الذي انتقد بشدة التدخل المصري في الشؤون الداخلية، ان السبب الرئيسي في التدخل المصري هو انسجام الاخوان المسلمين مع المواقف الامريكية وبعض الدول العربية لما يجري في سوريا وقد وجرى الضغط على مصرمن اجل ان لا تبقى متفرجة على ما يحدث في سوريا، ومن الاسباب الاخرى التي تجعل الرئيس محمد مرسي يتدخل هو طموحاته ببناء الامبراطورية الاخوانية وتوسيعها لتضم دول عربية عدة بالتعاون مع تركيا الاسلامية التي تطمح الى لعب دور اكبر في المنطقة.

لا شك بأن الازمة السورية تطغى عما عداها من احداث الوطن العربي، وكذلك مصر كانت اثناء ثورة 25 يناير وما زالت في دائرة الاهتمام وخاصة بعد وصول الاخوان المسلمين الى السلطة، هذا لأن هذان البلدان يشكلان واجهة الامة العربية المهمة في الصراع مع اسرائيل ومصيرهم يؤثر على باقي الدول العربية، فمصر جرى تحييدها عن هذا الصراع، وظن بعض الناس في مصر وفي الدول العربية انه بوصول الاخوان الى السلطة سيجري الغاء معاهدة كامب ديفد، الا هذا لم يحدث ولن يحدث لأن السلطات المصرية الجديدة ليس من اهدافها الغاء هذه المعاهدة، وذلك حفاظا على نفسها وعلى مصداقيتها امام اسرائيل والولايات المتحدة، ولكي لا تفقد المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة ثمنا للسلام الموقع مع اسرائيل.

ان وصول الاخوان المسلمين في سوريا على الطريقة المصرية في حال سقوط النظام، ستتشكل سياسة موحدة تجاه القضايا العربية المهمة، مثل الحرب مع اسرائيل أو السلام معها، وكل الدلائل تشير الى مرحلة من الوئام ستعم بين الأنظمة العربية واسرائيل، بالرغم من كل ما تقوم به اسرائيل من اعمال عدوانية كتدنيس المقدسات وتهويد القدس التي تنتظر صلاح الدين الثاني لتحريرها.

أميركا بشقيها الجمهوري والديمقراطي تعطي الاولوية لأن تكون القدس عاصمة اسرائيل الابدية، والعرب والرئيس مرسي يعطون الأولوية لتحرير دمشق لتكون بعد ذلك راية تحرير القدس تحت راية الاخوان المسلمين.

كاتب وصحافي فلسطيني
[email protected]