quot;الآخرون هم الجحيمquot; (جان بول سارتر)

منذ صغري وأنا أفكر، هل لو ولدت في قرية هندية قريبة من quot;كلكتاquot; لأبوين يؤمنان بالديانة الهندوكية، هل كنت سأصبح هندوكيا؟ وهل لو كنت ولدت في نيويورك لأسرة يهودية هل كنت سأنشأ يهوديا؟ وهل لو كنت نشأت في أيرلندا لأسرة كاثوليكية، هل كنت سأنشأ كاثوليكيا وأحارب أقراني الأيرلنديين البروتستانت؟ وهل إذا كنت قد ولدت في أسرة شيعية في البحرين، هل كنت سأنشأ شيعيا وأتظاهر في ميدان اللؤلوة بالبحرين؟ وهل لو كنت ولدت في الصين الشيوعية ونشأت بدون أن أتعلم أي دين، هل كنت سأستمر لا أؤمن بأي دين؟
وهل الناس علي دين ملوكهم حقا؟ أم أنهم على دين آبائهم؟ (أم الإثنين معا)؟
ما سر مقاومة الناس لرسائل الأنبياء في بداياتها؟ السر في حجتهم الكبرى تقول: quot;هكذا وجدنا آبائنا لها فاعلونquot;.
...
تعرفنا بأسرة أمريكية كاثوليكية في الحي الذي نسكن فيه لأن إبنتهم (آيمي) زميلة لإبنتي الكبري منذ مرحلة الحضانة ومازالتا صديقتين والحمد لله، وعندمتا بلغت (آيمي) سن الخامسة عشر قامت تلك الأسرة Confirmationبدعوتنا إلي إحتفال كبير في الديانة الكاثوليكية يقال له (التأكيد)
ومراسم هذا الإحتفال تبدأ عادة عندما يبلغ الفتى أو الفتاة سن الرابعة عشر، تقوم الكنيسة بإختيار شخص كاثوليكي من رواد الكنيسة (بشرط ألا يكون قريبا للفتى أو للفتاة، لضمان عدم التأثير على الرأى) لإعطاء الفتى او الفتاة دروسا في الديانة الكاثوليكية وتعاليمها لمدة عام كامل، ولإقناعهما بأن يصبحا كاثوليك عن quot;إقتناعquot; وليس بمجرد quot;النشأةquot; وبعد عام اصبح أمام (آيمي) أن تعلن أنها مقتنعة بالكاثوليكية أو تعلن أنها غير مقتنعة وتبحث لها عن ديانة أخرى، وبالرغم من أنني رأيت أن هذا الإجراء هو إجراء إحتفالي في معظم الأوقات، إلا أنه خطوة مهمة (حتى لو كانت شكلية) لإعطاء الفتيان والفتيات حرية الإختيار في هذا السن الصغير.
وذهبنا إلي الإحتفال في الكنيسة الكاثوليكية، وكنا العائلة المسلمة الوحيدة التى حضرت الإحتفال، والإحتفال عادة يضم عددا كبير من الفتيان والفتيات الذين قرروا الإنضمام للكنيسة الكاثوليكية، وحدث شئ طريف في نهاية الإحتفال عندما وقف الجميع (وكنت أجلس في الصف الخلفي) بعيدا عن زوجتي وبناتي اللاتي فضلن الجلوس في الصفوف الأمامية، وعندما رأيت وقوف الجميع وقفت، ثم بدأ كل فرد في مسك يد جاره أو جارته تمهيدا للصلاة النهائية، وفوجئت بجارتي بجواري تمسك بيدي، وبحركة لا أرادية سحبت يدي بسرعة (خوفا من أن تراني زوجتي ممسكا بيد أمرأة أخرى)، وبالطبع إنزعجت المرأة كثيرا لرد فعلي اللإرادي ثم إعتذرت لها وأمسكت بيدها حتى إنتهت الصلاة!!
وما أراه اليوم وبخاصة في عالمنا العربي والإسلامي الجميل من تناحر وقتل وإنتحار حتى داخل الديانة الواحدة!! يجعلني أتساءل: ألا يفكر هؤلاء الناس قليلا؟ لقد خلقنا الله بدون أن نعرف دينا لأنفسنا حتى يبدأ آبائنا في تعليمنا أصول ديننا، وأنا عندما أصبحت مسلما وأنا طفل تم غرس في نفسي أن دين الإسلام هو الحق، لأن الدين عند الله هو الإسلام وأن أتباع الأديان الأخري أحسن لهم يدخلوا الإسلام وإلا..!! وصديقي جورج ميخائيل علمه أهله أن الديانة الأورثوذكسية هي الديانة الصحيحة وأن المسيح سيخلص وسينقذ أتباعها، وصديقي الآخر دافيد نيومان يؤمن بأن اليهود هم شعب الله المختار وأن الله إصطفاهم عن العالمين، وكذلك صديقي جيرش شارما الهندوكي يؤمن بأن السلام والأمان سيأتيه من إتباع ديانته.
لذلك فنحن المسلمون في نظر جورج ونيومان وشارما على غير دين الحق، وربنا يهدينا لإتباع دينهم الحق.
ونحن المسلمون أيضا نعتبر جورج ونيومان وشارما على غير دين الحق، وربنا يهديهم للدخول في الإسلام.
إذن فنحن جميعا كفار في نظر بعضنا البعض، وهذا خطأ كبير يتبعه المتطرفون من أتباع كل الديانات.
نحن كلنا مخلوقات لله عز وجل، ولو شاء لجعلنا أمة واحدة، وجعلنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا لنتعارك؟؟ فيؤمن كل إنسان بما يريد أن يؤمن به أو لا يؤمن، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وبعد ذلك حسابنا عند الله يغفر لمن يشاء.
لذلك فإنني أتعجب أن الله يغفر الذنوب جميعا أما البشر فلا يغفرون لبعضهم البعض وينكرون على بعضهم البعض حتى حق الإختلاف في الدين، فإما أن كلنا كفار في نظر بعضنا البعض فهيا نتقاتل حتى نفني بعضنا بعضا، وأما أن كلنا مواطنين صالحين بغض النظر عما نؤمن به لأن الإيمان في القلب وأنه مسألة شخصية جدا بيننا وبين الخالق الذي نؤمن به، وأن حسابنا عنده فقط وهو الغفور الرحيم، إذا آمنا بهذا سنعيش بسلام وهدوء ودعونا نتقاتل على أشياء أخرى أكثر أهمية مثل أرض فلسطين!!
.....
(يمكنكم متابعتي على البريد الإلكتروني أو على تويتر وخاصة لمن أراد أن ياخد راحته في الشتيمة!)
عنوان تويتر:
@samybehiri
[email protected]