سألنى عدد كبير من الإصدقاء وأفراد العائلة، لماذا لا ترشح نفسك لرئاسة مصر؟ ويبدو أن كل مصري فوق سن الأربعين يفكر فى ترشيح نفسه لرئاسة مصر، وعندما رأيت طابور المتقدمين للترشح للرئاسة فى أول يوم، إعتقدت أنهم يوزعون فراخ الجمعية أو أنابيب بوتاجاز مع إستمارة الترشح وقلت لنفسي آه لو كنت فى القاهرة الآن لفزت بأنبوبة بوتاجاز، ولكن خاب ظنى وكل ما فى الأمر أن الناس متحمسون لكي يكونوا رؤساء لمصر وخاصة بعد أن أصبحت البلد (من غير ريس) لأكثر من سنة مما جعل كرسي الرئاسة الفاضى مطمعا لكل الناس وهذا من حق أى مواطن، بعد أن تم كسر تابو الرئاسة ليس فقط رئاسة الجمهورية بل أى رئاسة، اصبح كل مواطن مصري يعتقد أن ثورة 25 يناير لم تحرر المصريين فقط من رئاسة حسنى مبارك بل من كل رئيس سواء كان رئيس شركة أو رئيس مصلحة حكومية أو حتى quot;ريس عمالquot; أصبح كل مواطن هو رئيس نفسه، لذا أعتقد أنه من الأصوب إلغاء منصب الرئاسة تماما ولنرفع شعار quot;رئيس لكل مواطنquot; أو quot;مواطن لكل رئيسquot;.
وأنا للأسف أمر بمرحلة نفسية عصيبة جدا، وها أنذا أصارح القراء الأعزاء عن الأزمة النفسية التى أمر بها حاليا والتى لم اصرح بها لأقرب الناس إلىّ حتى الآن، الآ وهى أننى مع إقتراب إنتخابات الرئاسة المصرية وإنتخابات الرئاسة الأمريكية إكتشفت فجأة أنى لا يمكن أن أرشح نفسى لرئاسة مصر أو لرئاسة أمريكا، فالنسبة لأمريكا لا أستطيع الترشح لأننى غير مولود فى أمريكا، وهى أحد شروط الترشح لذلك نصيحتى لكل أب وأم يعيش فى أمريكا أو خارج أمريكا، إذا أردت أن تكون بنتك أو إبنك الذى لم يولد بعد رئيسا لأمريكا فيجب عليك التأكد من أنه سيولد فى أمريكا.
أما بالنسبة للرئاسة المصرية، فإننى لا يمكن أن أترشح لأننى حصلت على الجنسية الأمريكية، حتى لو تنازلت عن الجنسية الأمريكية فإن الدستور المصري لا يسمح لى بالترشح لأننى حصلت على جنسية أخرى.
فهل تستطيع أيها القارئ العزيز أن تقدر مقدار العذاب النفسي الذى أعيشه حاليا وهو أننى لا يمكن أن أكون رئيسا لأى بلد فى العالم، حتى بوركينا فاسو أو جزر القمر، فهل هناك هدم لآمال أى إنسان أكثر من هذا، لأن الأمل الأعظم لأى مواطن هو أن يصبح رئيسا لوطنه، وأنا محروم حتى من هذا الأمل، فمصر تعتبرنى متأمركا وخارج عن الملة المصرية بحصولى على الجنسية الأمريكية، وأمريكا لا تعتبرنى متأمركا بما فيه الكفاية لمجرد أننى مولود خارج أمريكا رغم أنني أقسمت عندما حصلت على الجنسية الأمريكية على أن أقوم بالدفاع عن أمريكا إذا دعت الضرورة، يعنى ممكن أن أموت دفاعا عن أمريكا ولكن لا يمكن أن أكون رئيسا لأمريكا، والشئ بالشئ يذكر فإننى قد دافعت عن مصر فى حرب أكتوبر العظيمة عندما كنت مجندا فى الجيش الثانى على الجبهة المصرية وكدت أفقد حياتى أكثر من ثلاث مرات فى هذه الحرب دفاعا عن مصر، ورغم هذا فأنا محروم من أن أكون رئيسا لمصر.
المهم فى الموضوع أنه يجب علىّ أن أقبل بالأمر الواقع وأسلم أمري لله، وأنتظر بعد عمر طويل إن شاء الله فهناك إحتمال أن أكون رئيسا لأي بلد فى الجنة ونعيمها (لو كانت الجنة مقسمة إلى بلدان، وهو شئ لا نعرفه، كل ما نعرفه أن بالجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر).
وبما أننى لن أستطيع أن أحلم بأن أكون رئيسا، أعتقد أن من حقى أن أحلم بمواصفات الرئيس القادم لكل من أمريكا ومصر (موطنى الثانى والأول على الترتيب).
ما أتمناه من رئيس أمريكا القادم:
ألا يعد بشئ لا يستطيع تحقيقه
أن يهتم بالطبقات المهمشة (%99) أكثر من إهتمامه بالطبقات المريشة (%1)
أن يوقف نزيف الديون الأمريكية الداخلية والخارجية والتى قد تضع أمريكا على حافة الإفلاس
أن يعيد للصناعة الأمريكية سمعتها وإنتشارها فى العالم
أن يوقف الدور الذى تلعبه أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية وهو دور شرطي العالم، ويقوم بتفكيك كل القواعد الأمريكية خارج أمريكا ويكتفى بالأساطيل والغواصات الأمريكية وحاملات الطائرات التى تجوب العالم من شرقه إلى غربه
أن يحاول تحقيق توازن بين إسرائيل وفلسطين ويحاول أن يساعد الطرفين لتحقيق سلام فيه شئ من العدل وليس سلام المهزوم، لأنه ثبت أن سلام المهزوم لا يدوم.
أما ما أتمناه من رئيس مصر القادم:
ألا يعد بشئ لا يستطيع تحقيقه
أن يهتم بالطبقات المهمشة (%99) أكثر من إهتمامه بالطبقات المريشة (%1)
أن يوقف نزيف الديون المصرية الداخلية والخارجية والتى قد تضع مصر على حافة الإفلاس
أن يعيد لصناعة القطن والمنسوجات المصرية سمعتها وإنتشارها فى العالم
أن يجعل ميزانية التعليم أكبر من ميزانية الجيش
أن يعامل كل فئات الشعب بنفس القدر من المساواة والإحترام سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، أغنياء أم فقراء، بدو أو فلاحين أو حضر، نساء أم رجال
أن يجعل ملف النيل على قمة أولوياته، لأنه بدون النيل لا توجد مصر، ويجعل علاقات مصر مع إثيوبيا أهم من أى علاقة مع أى بلد آخر
أن يسعى لتحقيق الأمن والنظام والنظافة فى الشارع المصري حتى لو كانت الوسيلة الأخيرة لذلك هى إستخدام الشدة والحزم مع المخالفين، لأنه بدون أمن يفقد المواطن أهم شئ فى الحياة، الأمن أهم من الحرية والديموقراطية والوحدة
أن تتوقف مصر عن لعب دور الشقيقة الكبرى مع الأخوة العرب، دور مصر القيادى يأتى بطبيعته ولوحده عندما تكون مصر متعلمة وقوية ومحترمة ومنتجة
أن يعلم أن السياحة بالنسبة لمصر ممكن أن تكون الفرخة التى تبيض ذهبا كل يوم نظرا لشواطئها ولجوها المعتدل ولآثارها التى يصعب أن تجدها متجمعة في بلد واحد، ولو بدأت مصر تطفش السياح بأن تفرض عليهم ماذا يلبسون وماذا يشربون فقل على السياحة السلام وقل على 5 مليون وظيفة السلام
أن يسعى لخطة طموحة لتحديد النسل، ويعرف أن تكاثر الإنتاج الصناعى والزراعى والتجارى أهم كثيرا من التكاثر السكانى، وأن تكاثر السكان المفرط ممكن أن يأكل كل خطط التنمية مهما كانت طموحة وناجحة ولنأخذ بتجربة الصين فى تحديد النسل، إن كنا حقا معجبين بالتجربة الصينية الإقتصادية والصناعية.
أن يعرف أن كرسي الرئاسة غير دائم وأنه مثل الديون، هم بالنهار وغم بالليل، لذلك: ما تفرحش قوي يا خويا!!
أن يعرف أن مقاومة الفساد هو أكبر من كونه مطلب شعبى وإنما مطلب إنسانى، والشعب المصري نفسه غارق فى الفساد والمحسوبية من رأسه إلى أخمص قدمه، ولذا فإن مقاومة الفساد ربما تأخذ أكثر من جيل أو جيلين، بشرط أن نبدأ فى السيرعلى طريق محاربته.
أن يعترف إلى أن مصر دولة متخلفة من العالم الثالث وأنها تستحق أكثر مما هى فيه بكثير وأن قطار التنمية والتطور والحداثة ربما فات مصر، ولكن مازالت هناك قطارات أخرى قادمة وبدون أن نعترف بأننا متأخرون فلن نتقدم وستفوتنا القطارات القادمة أيضا.
يجب أن يقاوم قوى الظلام التى تريد أن تعيد مصر إلى قرون الجاهلية الأولى، ويعرف أن شعبيتها فى الشارع مؤقتة، وأنه بمجرد أن خرجوا من قمقمهم فقد إتضح للناس أنهم أشخاص عاديين يخطئون ويصيبون مثلهم مثل أى سياسي وأنهم ليسوا ملائكة.
وأخيرا أقول لمن سيفوز برئاسة مصر :quot;إشرب ياحبيبى ...تعيش وتاخد غيرهاquot;!!
[email protected]