من أجمل ما قرأت عن التسامح الذى كان منتشرا فى مصر فى النصف الأول من القرن العشرين:
من المعروف أن نجيب الريحانى وبديع خيرى كونا فرقة مسرحية وكذلك كتبا أفلاما سينمائيا سويا، وكان شركاء فى الأعمال الفنية وفى الأعمال التجارية المرتبطة بتلك الأعمال الفنية، ومازالت أعمالهم رغم مرور أكثر من 60 عاما هى من أبرز الأعمال السينمائية فى تاريخ السينما المصرية. كان لا بد من تلك المقدمة، والحكاية أن نجيب الريحانى علم بأن أحد أقرباء بديع خيرى قد مات، فذهب نجيب الريحانى لتقديم واجب العزاء، وعندما ذهب إلى مكان العزاء لاحظ أن هناك شيخا يقرأ القرآن الكريم، فبعد أن إنتهى الشيخ من القراءة، ذهب الريحانى إلى بديع خيرى يلومه بقوله: إزاى عمرك ما قلت لى إنك مسلم؟ فأجابه بديع خيرى بأجمل إجابة على الإطلاق: ما إنت عمرك ما سألتنى!!
للعلم نجيب الريحانى كان مسيحيا من أب عراقى وأم مصرية!!
واليوم ومصر مقبلة على أهم إنتخابات فى تاريخها على الإطلاق يجب أن ننتهز تلك الفرصة لإستعادة مصر المتسامحة المتحررة والتى فتحت ذراعيها لكل الناس من أطراف العالم: لليونانيين والإيطاليين والشوام والأرمن واليهود والشراكسة والعرب والبدو، كانت مصر بوتقة ذابت فيها كل الأجناس والأديان، حتى جاءت نعرة :quot;مصر للمصريينquot; ثم جاء بعد ذلك شعار quot;الإسلام هو الحلquot;، وهذين الشعارين تجاهلا تماما تلك البوتقة الجميلة والتى أنتجت لنا مصر الحديثة والتى أنشأ بها الخديو إسماعيل برلمانا فى القرن التاسع عشر قبل إيطاليا والعديد من بلدان أوروبا، وكان اليونانيون والإيطاليون يحضرون للعمل فى مصر بمهن خدمات المطاعم والبقالات والمبانى.
ورغم حالة التشاؤم التى تعم العديد من المصريين الأحرار هذه الأيام بسبب المنحى الذى إتجهت إليه ثورة 25 يناير المصرية، ورغم الأصوات العالية للمتطرفين، إلا أننى متفاءل بأن المصريين سيختارون البرلمان القادم الذى سيحقق مبادئ ثورة 25 يناير :quot;حرية وعدالةquot; ، وتفاؤلى مشروط بثلاثة شروط صعبة المنال ولكنها ليست مستحيلة:
أولها: أن تتوجه كل نساء مصر للتصويت ضد التطرف ومع الحرية الحقيقية، وأقول لك يا أمى و ياأختى وياإبنتى، إذا لم تذهبى للتصويت فربما سوف يأتى للحكم من يجبرك على تلبسين كما ترين فى تلك الصورة

وعندما يعقدون quot;المؤتمر النسائى الأولquot; فلن تكونى مدعوة لهذا المؤتمر كما ترين فى هذه الصورة:

هل تريدين أن تحرمى من حقك فى التعليم؟
هل تريدين أن تحرمى من حقك فى العمل؟
هل تريدين أن تحرمى من حقك فى طلب الطلاق؟
هل تريدين أن لا تخرجى من بيتك إلا إلى بيت زوجك أو إلى القبر، كما يريدون؟
هل تريدين أن تحرمى من الحياة؟
هل تريدين أن تصبحى مجرد وعاء يفرغ الرجل فيه شهوته؟
هل تريدين أن تصبحى مجرد حامل لأطفاله؟
هل تريدين أن يرش أحد المعتوهين وجهك بميه نار حتى لا تكشفيه مرة أخرى؟
هل تريدين أن تعطى صوتك لمن يعتبره عورة؟
إذا كنت تريدين كل هذا فإمكثى فى بيتك يوم الإنتخابات ولا تلومن إلا نفسك بعد ذلك.
أما إذا كنت ترغبين فى تحرير المرأة المصرية فإذهبى إلى صندوق الإنتخابات وأعطى صوتك لمن لا يعتبره عورة!! أنت نصف المجتمع، وبدونك فإن مصر سوف لا تستطيع الحركة بساق واحدة.
......
ثانيهما: الشرط الثانى هو أن يتوجه كل المصريين المسيحيين للإدلاء بأصواتهم، وهذه هى كلمتى إليكم:
أنتم أصل مصر، أنتم لستم أقلية، ولستم خواجات ولستم مؤقتين، أنتم quot;ملح الأرضquot; وبمقدوركم تغيير الخارطة السياسية فى مصر لو تخليتم عن سلبيتكم، لن ينفعكم قسيس أو كنيسة، سوف تنفعكم فقط أصواتكم.
هل تريدون أن تعاملوا كأهل ذمة تدفعون الجزية quot;عن يد وأنتم صاغرونquot;؟
هل تريدون أن تحرق وتدمر كنائسكم؟
هل تريدون لأولادكم أن يقتلوا فى الشوارع أو المدارس إذا إرتدوا صلبانا؟
هل تريدون أن تتحجب بناتكم ونسائكم رغما عنهم؟
هل تريدون أن تحرموا من الدفاع عن وطنكم؟
هل تريدون أن يتم إجباركم على الهجرة من بلدكم مصر كما فعلوا مع يهود مصر؟
هل تريدون أن تحرموا من تولى الوظائف quot;الحساسةquot; فى الدولة وكأنكم جواسيس؟
هل تريدون أن يستمر تنفيذ مخطط تقسيم مصر؟
هل تريدون أن يأتى جيوش أجنبية إلى مصر لحمايتكم؟
هل تريدون لأولادكم وبناتكم من الحرمان من التفوق الدراسى الذى يستحقونه؟
إذا كنتم تريدون كل ذلك فلا تذهبوا للإدلاء بأصواتكم، وساعتها سوف تندمون حيث لا ينفع الندم، لأن هذه الإنتخابات ربما تكون آخر إنتخابات تشهدها مصر إذا فاز بها المتطرفون لأنهم لايعترفون بالإنتخابات ولا الديموقراطية، ويعتبرون الخروج عن الحاكم خروجا عن الملة.
....
ثالثهما: إلى المصريين المسلمين أقول:
أعرف أن بعض المتطرفين قد يخدعوكم بمنظرهم المتدين، وتواجدهم معكم فى المسجد دائما، وأنكم ربما تنتخبوهم لأنهم quot;ناس بتوع ربناquot;، ولكن يجب أن تعرفوا أن كلنا quot;بتوع ربناquot; ولسنا بتوع الشيطان، وأن المصريين بطبيعتهم متدينين بإعتدال بدون هوس دينى وفى نفس الوقت يؤمنون بحظهم من الدنيا، quot;إعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، وإعمل لدنياك كأنك تعيش أبداquot;.
هل تريدون أن يأتى من يفرض عليكم ماذا تلبسون وتشربون؟
هل تريدون أن تجبروا على إطلاق لحاكم؟
هل تريدون لمصر أن تصبح مثل أفغانستان أو الصومال؟
هل تريدون معاملة بناتكم وزوجاتكم كمواطنين من الدرجة الثانية؟
هل تريدون أن يحكمكم طالبان؟
هل تريدون لأولادكم وبناتكم الخمسة ملايين الذين يعملون فى مجال السياحة أن يصبحوا بلا عمل؟
هل تريدون هدم آثاركم العظيمة التى تركها لنا أجدادنا الفراعنة العظماء منذ خمسة آلاف سنة بإعتبارها أصناما؟
هل تريدون هدم ضريح الحسين والسيدة زينب وغيرهم من عباد الله الصالحين؟
هل تقبلون بإرهاب أخوة الوطن المسيحيين حتى يتم تنفيذ مخطط تقسيم مصر؟
هل تقبلون بإلغاء الفن والأدب والغناء والموسيقى؟
هل تقبلون أن تغلق القاهرة quot;هوليود الشرقquot; بالضبة والمفتاح؟
هل تريدون تسليم سيناء مرة أخرى إلى إسرائيل؟
هل تريدون أن تكون الإنتخابات القادمة هى الأولى والأخيرة؟
إذا كنتم تريدون كل هذا فلا تذهبوا للإنتخابات أو أعطوا أصواتكم لمن يخدعوكم بشعارت دينية وهى حق يراد به باطل.
...
وأنا شخصيا سوف إسافر إلى مصر خصيصا للإدلاء بصوتى، وأدعو كل المصريين العاملين بالخارج أن يحضروا (إن إستطاعوا) للإدلاء بأصواتهم، لأننى أشك أن الحكومة لديها وقت أو حتى رغبة لتنظيم الإنتخابات البرلمانية بسفارات مصر بالخارج.
وإن لم تعط صوتك، فلا تلومن إلا نفسك.
[email protected]