قبل ستة شهور استضاف برنامج الاتجاه المعاكس ضيف مصري غوغائي للدفاع عن نظام المجازر السوري. وكتبت عن ذلك الموضوع في ايلاف. وليلة أمس استضاف البرنامج ضيفا جديدا أكثر غوغائية وجهلا بالواقع من الذي سبقه وما يميزه أيضا عن الضيف الذي سبقه في مارس آذار الماضي هو ان الضيف المصري الحديث كان وقحا وهاجم مقدم البرنامج بدون مبرر وهاجم الجزيرة وقطر. وابتدأ برفض نتيجة استفتاء المشاهدين ووصفها بالمفبركة. ورفض ما قاله الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي في مؤتمر عدم الانحياز في طهران أي ان محمد مرسي كاذب وبشار الأسد صادق.

جاء ضيف الجحيم Guest From Hell للبرنامج مصمما ومع سبق الاصرار ان يدافع دفاعا مستميتا عن نظام الممانعة الذي لا يمانع والمقاومة التي لا تقاوم. وخلال خمسين دقيقة لم يقل شيئا مفيدا للمشاهد. بل باشر بالصراخ والشتائم والتخوين وتبرير المجازر والدمار الذي حل بسوريا واتهم العصابات الارهابية بكل ما يحدث في سوريا من قتل وحرق وتدمير. تفوق في كذبه ومبالغاته على وليد المعلم وبثينة الصحاف وفيصل مقدادي وبشار جعفري وجوقة المحللين السياسيين الذين يظهروا على الفضائيات للدفاع عن بشار الأسد المقاوم والممانع والصامد والرافض. رفض الضيف من الجحيم اي من الحقائق التي تقدم بها مقدم البرنامج المخضرم وهو سوري ويعرف سوريا ويفهم عقلية النظام أكثر من أي ضيف مصري او عراقي. رفض الضيف من الجحيم اي من التفاصيل التي طرحها الضيف الآخر العسكري المنشق. رفض الضيف من الجحيم ان يستمع او يستوعب ان النظام سيفشل وسيسقط وان المقاومة هي أكذوبة. يطلق على هذه السلوكيات من هذا الضيف بالانجليزي:

An Ignorant Bully. (أي جاهل يستقوي على من هم أضعف منه)

نهاد إسماعيل

رفض ضيف الجحيم ان النظام متواطيء مع اسرائيل. ولم يفسر لماذا لم يتم اطلاق رصاصة واحدة لتحرير الجولان. بل انهال علينا بغوغائيات شعاراتية متهالكة وتهم جاهزة بالعمالة من النوع المبتذل والمستهلك الذي تسمعه من بعض الجهلة في المقاهي. ثورة الشعب السوري ضد الطغيان والعبودية هي مؤامرة صهيونية استعمارية اميركية. وصب جم غضبه على أميركا. نسي الضيف المغوار أن أميركا تدعم الاقتصاد المصري ونسي ضيف الجحيم ان المؤسسة العسكرية المصرية قد تنهار بدون الدعم الأميركي.

نسي ضيف الجحيم ان ابطال القومية من عبد الناصر مرورا بصدام حسين والقذافي والأسد جلبوا الكوارث لشعوبهم والهزائم والتدخل الخارجي.

وحاول ضيف الجحيم بصوت مرتفع جدا وصراخ مدوي اقناعنا ان عصابة دمشق هي نظام رائع وعظيم وممتاز واخلاقي ووطني وانساني ومثالي وقومي وممانع ورافض وصامد ومقاوم وبارع وذكي وشاطر وفهمان واصلاحي وتقدمي وعصري ويحترم حقوق الانسان ويحبط المشروع الأميركي.


بقاء النظام مصلحة استراتيجية اسرائيلية:

لا أريد تكرار النقاط التي وردت في البرنامج لضحد نظرية المؤامرة واكذوبة الممانعة والمقاومة ولكن اضيف ما يلي:

اسرائيل لا تريد سقوط الأسد حيث كتب الجنرال آفي ديختر في صحيفة ايديعوت احرونوت بتاريخ 11 ايلول2012 وهو وزير الأمن الاسرائيلي ورئيس اسبق لجهاز الشاباك ان سقوط بشار الأسد ليس في مصلحة اسرائيل. ونشرت صحيفة معاريف بتاريخ 12 ايلول 2012 ما قاله رئيس هيئة الأركان السابق الجنرال غابي اشكنازي ان تغيير النظام في سوريا سوف لا يخدم اسرائيل. وبقاء بشار الأسد في السلطة مصلحة استراتيجية لاسرائيل للحفاظ على هدوء الجبهة الشمالية في هضبة الجولان.

وأكد تقرير صحفي في الصندي تايمز البريطانية بتاريخ 12 اغسطس 2012 انه لا تدخل رصاصة واحدة للجيش السوري الحر بدون موافقة فريق من عناصر المخابرات الأميركية والاسرائيلية المتواجدة على الحدود بين تركيا وسوريا. اسرائيل غير مستعجلة على سقوط نظام قدم خدمات جليلة لاسرائيل على مدى اربعة عقود. لا شك ان الضيف من الجحيم سيقول ان كل العالم يكذب باستثناء دكتاتور سوريا الذي يقصف شعبه بالطائرات العسكرية ويعذب الاطفال ويعدم المدنيين في الشوارع.


فشل ضيف الجحيم أن يفسر لنا كيف ان نظام حافظ الأسد قتل من الفلسطينيين أكثر مما قتلت اسرائيل منذ 1967. لم يفسر لنا هدؤ جبهة الجولان لأكثر من 40 عام. لم يفسر لنا الدور التخريبي الذي تلعبه سوريا في الملفين اللبناني والفلسطيني. فشل هذا الضيف في تقديم اي خدمة للنظام السوري بل بالعكس فضح العقلية الشريرة لهذا النظام واعتماده على الكذب والخداع والمماطلة واللف والدوران والمراوغة والفسق والزلق وتشويه الحقائق والتلاعب الاعلامي الذي ينفذه بهلوان وزارة الخارجية السوري والتكتيكات الغير أخلاقية الملتوية في التعامل مع الكارثة الانسانية في سوريا.

استضافة هذا النوع من البشر لا يخدم نظام دمشق وسوف لا ينقذه من مصير مشؤوم بل يفضح عهارة النظام ويفضح نوعية المؤيدين والمصفقين والمطبلين له من الجهلة والاغبياء.


لندن