كان يهود كوردستان يقطنون كوردستان منذ آلاف السنين ويمثلون جزءا أصيلا وشعبا مهما فى التركيبة السكانية الحقيقية لكوردستان، كما كان لهم الدور الريادى فى تأسيس كوردستان وبنائها وتطويرها وخدماتها فى شتى مرافق الحياة والمؤسسات والدولة كما تثبته الوثائق العالمية والمصادر التاريخية. تواجد اليهود فى كورستان منذ نفى الملك شلمنصر حيث كان ينفى سكان المدن التى يغزوها، وعندها كان تهجير اليهود ونفيهم هو من أوائل النفى والتهجير العالمى لأمة كبيرة عن وطنها وأرضها.
تعتبر أوضاع اليهود فى كردستان وما حولها آنذاك متميزة حتى عدت بعض مناطقها مركزا مهما روحيا وثقافيا ليهود العالم ومركزهم لدرجة استقبالها المنفيين منهم من دول العالم لتثبت انفتاحها وحبها وبل ومركزيتها ومحوريتها لاستقبال اليهود من شتى بقاع الدنيا.
قام العديد من الرحالة اليهود برحلات علمية إلى كوردستان للعثور على الأسباط العشرة ودراسة التاريخ اليهودى العالمى ومصادره الأولية.
إضطرت الظروف القاهرة بعد الحرب العالمية الثانية إلى هجرة اليهود القسرية نتيجة ظروف قاهرة ومعاناة كبيرة لترك كوردستان الغالية عليهم حيث بقوا متشبثين ومتمسكين بعادات وثقافات الكورد حتى فى اللباس والطعام والمعيشة والتقاليد ولازالوا يتجمعون فيما بينهم فى مناسبات الكورد التى لم ينسوها وباتت مغروسة فى عقولهم وقلوبهم وذاكرتهم.
تمّ تأليف عدة كتب فى يهود كوردستان أهمها يهود كوردستان لأريك براور وهو أنثولوجى قام ببحث علمى فى المجتمع اليهودى فى كوردستان فى القرن الماضى وفيه فصل مفصل عن تاريخ يهود كوردستان الحافل بالإنجازات والمكاسب كما يتناول اليهودية الكوردية فى ثقافاتها وعاداتها وطقوسها حتى الطعام واللباس والزواج والولادة والدفن ومختلف المراسيم.
والكتاب الثانى بنفس العنوان فى السبعينات من القرن الماضى لأوراشفارتس وهى عالمة أثنولوجية درست يهود كوردستان بعمق وهو كتاب رائع موثق بالصور والمصادر العلمية المختلفة
والكتاب الثالث وبنفس العنوان أيضا لهه لويست عمر قادر الذى يعتمد على المصدرين الآنفين ثم يضيف إضافات جديدة جميلة منها انخفاض الجماعات اليهودية بسبب الإبادات الجماعية ضد اليهود وما يعرف ب (هولوكست) وهجرة اليهود إلى أرض الميعاد وأهميتها من الناحية الدينية والتاريخية.
وكتب أخرى منها يهود العراق ليعقوب يوسف كوريه الذى يتناول تاريخهم وأحوالهم وهجرتهم، وكتاب هنرى فيلد عن جنوب كوردستان، وكتاب يونا صابر عن آثارهم الأدبية. كما ذكرهم ضمن يهود العراق كله، مؤلفون كثيرون منهم خلدون ناجى معروف بعنوان (الأقلية اليهودية فى العراق)، ولكن الحقيقة أنهم فى الواقع ليسوا أقلية وأعدادهم كبيرة ويمكن تسجيل اعتراض كونهم أقلية، وكتاب يوسف رزق الله غنيمة فى (نزهة المشتاق فى تاريخ يهود العراق) وفاضل البراك فى كتابه (المدارس اليهودية فى العراق) وغيرها
يعتبر يهود كوردسيتان من أقدم المجتمعات اليهودية فى تاريخ العالم وكان لهم طقوسهم ومراسمهم الخاصة والتى تمايزت عن بقية يهود العالم كما تذكر المصادر أعلاه. إنّ التلمود البابلى الذى كتب باللغة الآرامية القديمة الخاصة بيهود كوردستان، قد ذكر أن اليهود قد استقروا فى كوردستان منذ أكثر من 2800 سنة من الآن بعد نفيهم من الملك شلمنصر الثالث لكى يكونوا بعيدين عن مواطنهم ولايمكنهم الرجوع إليها.
ولازال يهود كوردستان الذين هجّروا عن وطنهم كوردستان يتمسكون بذاكرتهم وذكرياتهم التى يحيوا عليها صباحا ومساءا قياما وقعودا فى أناشيدهم وأغانيهم وطعامهم وعاداتهم لدرجة أن ما رفقته كوردستان من بعض العادات لازالوا متمسكين به تعبيرا عن الأصالة والتاريخ كما تذكر المصادر أعلاه.
إن يهود كوردستان هم الوثيقة التاريخية الناصعة فى تاريخ كوردستان وتشهد على ذلك معالهم وآثارهم فى شتى المرافق فضلا عن بيوتهم ومدارسهم الدينية ومقابرهم hellip; لكن ذلك كلّه غائب مغيّب لا يتم التطرق لها، لا من قريب ولا من بعيد، بينما نتوقع من كوردستان إقامة الندوات والمؤتمرات لدعوة أبنائها اليهود الكورد لبناء كوردستان وإحياء أمجادها وتاريخها والمساهمة فى بنائها.
وبعد زيارتى إلى كوردستان فى نوفمبر الماضى قد دعوتُهُم فى المؤتمر إلى إرجاع حقوق اليهود كمكوّن أصيل ندين له فى البلاد وتاريخها وحضارتها ونموها وإرجاع المواطنة أولا لجميع اليهود وإضافتهم فى الدستور كما ذكرت الأديان الأخرى وإعطائهم مقاعد برلمانية أسوة بغيرهم من الأديان والمذاهب ثم إرجاع أملاكهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة كما أرجعت لبعض العراقيين الآخرين وتم التصويت والموافقة وصدر ذلك فى البيان الختامى الرسمى بحضور المسؤولين من القضاة والوزراء وغيرهم.
إنّنا فى الوقت الذى نفخر بكوردستان فى التطور والنمو والإزدهار والإنفتاح ونعيب على الأحزاب الدينية الحاكمة فى بغداد تخلفها وتعصبها وطائفيتها وتأخرها وجعلها بغداد من أسوأ عواصم العالم فسادا وجهلا وتخلفا والفساد الأكبر حيث الحديث عن سرقة مليارات الدولارات لتحويلها إلى عقارات وفنادق شخصية فى الخارج للساسة الحاكمين فى بغداد، وقد وضع للكهرباء 27 مليار دولار ولم يظهر منها شئ فالكهرباء معدوم والمعاناة كبيرة فى مختلف المرافق وطالبناهم بالإقتداء بكوردستان فى نجاحهم فى الخدمات وتوفيرها لكنا فى الوقت نفسه نطالب وبشدة السيد الكريم مسعود البرزانى والسيد مام جلال الطالبانى والمسؤولين الكرام فى كوردستان بإرجاع حقوق يهود كوردستان كما ذكرت فى بعض مداخلاتى فى مؤتمر الأديان وبحضور المسؤولين، أن تقوم بإعادة المواطنة والجنسية إلى يهود كوردستان وأن تعطى مقاعد برلمانية لهم توازى حجمهم الحقيقى أسوة بغيرهم من الأديان والمذاهب فى برلمان كوردستان وإرجاع حقوقهم وممتلكاتهم وأموالهم المنقولة وغير المنقولة لتعطى كوردستان نموذجا فى العدالة والإنصاف والديمقراطية وإرجاع الحقوق إلى أصحابها فإن ذلك سيحقق نموذجا حقيقيا للشعارات المرفوعة كما يحقق عدالة وبناءً ونموا ومستقبلا زاهرا.
التعليقات