المقال الذي نشرته في جريدة (إيلاف) أثار موجة من ردود فعلٍ كنت أتوقعها، ولكن ما لم أكن أتوقعه أن تكون ردود الأفعال بهذاالحجم، وبهذه الحدة.
البعض صبَّ جام غضبه علي، بما يبدو أنه لازال أسيراً للفكرة التي زرعت في رأس، منذ نعومة أظفاره، عن ربٍّ مخيف، فأفتى، بناءً على ذلك، بقتلي، ونبزني البعض الآخر بالعلوية مستنداً، ربما لاسمي، وقرنني بعضٌ آخر بكتّاب آخرين لم أجد فيما كتبوا صراحة كتلك التي صارحت بها قارئي، خاصة فيما يتعلق يموضوع حساس كهذا.

من أجمل التعليقات أن البعض حاول،خلالها، أن يمارس دور الرقيب، فأوحى بتعليقه للجريدة بأن مقالاً كهذا مخالف لشروط النشر.
الذي أثار دهشتي أن هناك معركة نشبت بين المعلقين على المقال، فقد تركوا كاتبه وانشغلوا ببعضهم البعض يكيلون التهم، ويتبادلون الشتائم.
لم أكن منزعجاً مما تهجم به علي البعض، فأنا متأكد بأن خوفه، وما بداخله من رعب من الرب المزعوم، هو دافعه لمهاجمتي، ولكنه، في قرارة نفسه، لازال يعيش ما عشته في صغري من تناقضات، ولم يتمكن من التخلص منها.

إذا كانت كلمة شركي بربهم أثارت كل تلك الموجات العارمة من الغضب، فان ذلك لن يخيفني ولن يثني عزمي فيما أنا ماضٍ به، من تمزيق صورة إلهٍ مزعومٍ مشوه، رسموه في مخيلتنا، لا وجود له في الواقع.
أنا هنا لأعلن كفري بهكذا رب، رب يدفع الخائفين منه إلى أن يكيلوا تهماً تستوجب إزهاق الأرواح استرضاءً له، نعم أنا كافر بهكذا رب وأعلنها أمام الملأ، وبمليء فمي، أنا كافر بربكم هذا.
كيف لي أن أؤمن بربٍ لا يتسع حلمه لفكرة جالت في خاطر صاحبها؟

وكيف أؤمن بمن لا يستوعب عقله سؤالاً، وليس في ساحته حيزٌ لشك؟
أنا عرفتُ رباً يقول: ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) رباً ترك الخيار للإنسان في تبني أية فكرة يعتقد هو بصحتها، فهو صاحب العقل، وهو المسؤول عن اختياره، وقد ورد في الأثر أنه: quot; من اعتقد بحجرٍ كفاه quot;.
عرفتُ رباً يقول: ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ) ولم أعرف رباً يريد أن يضع تعاليمه في رؤوس من خلق، قسراً.

أنا لستُ ملحداً كما نعتني البعض، ولستُ علوياً كما قال آخر، ولستُ ولستُ ولستُ.
أنا ببساطة إنسان، وهذا ما يريده ربي أن أكون، ولستُ ولن أكون ما يريده ربكم المزعوم أن أكون، ولن أكون.