منذ بزوغ فجر الإسلام وحتى وقتنا الراهن، تعرضت البلاد الإسلامية لهزات عنيفة مدمرة أبرزها تلك التي أنزلها بها الغزو المغولي في مستهل القرن السابع الهجري.. ذلك أن جموع المغول الهمج بعد أن إستولت على الصين، إستدار بها زعيمها الخان الأعظم جنكيز نحو الغرب، فطفقت تُشيع الخراب والدمار في أرضه ومدائنه بصورة لم يشهدها العالم على أيدي أحدٍ من طغاة الغزاة ممن سبقوهم.
فقد إجتاح جنكيز خان أول الأمر بحشوده الكثيفة بلاد ما وراء النهر وخُراسان، وأجزاء من البنجاب وإيران، لينطلق من بعد ذلك فريق من أبنائه مع قواتهم فيتوغلوا في جنوب روسيا ويُنفذوا إلى المجر وبولندا، حتى فر من أمامهم فرسان أوروبا وأبطالها، وفيهم التوتونيون مُحاربو بروسيا المشهورين.
ولولا أن اضطر أمراء المغول هؤلاء للعودة إلى بلادهم بسبب حوادث الحراسة، ما كانوا ليرجعوا عن أوروبا كلها حتى يفعلوا بها ما فعلوا بغيرها من الأقطار.
وفي الدور الثاني من أدوار هذا الغزو، دخلت جموع المغول يقودها حفيد جنكيز بغداد، حاضرة الخلافة العباسية، وقتلوا الخليفة العباسي نفسه.. ثم أشاعوا الخراب الشامل في تلك المدينة التي كانت تضم أعظم تراث المسلمين.. ذلك التراث الذي قام الخلفاء على جمعه قروناً طويلةً، جيلاً بعد جيل.. ولولا دفع المصريين لهؤلاء الجلاف المخربين عن عين جالوت، لضاعت كل معالم الحضارة الإسلامية في الغالب، وقُضي على ملايين عديدة جديدة من أهل البلاد الإسلامية.
ولقد أنزل المغول الخراب بالعديد من المدن الإسلامية والأمصار وانتهبوها، وقتلوا مئات الألوف من سكانها، كما هدموا أغلب مراكز الثقافة الإسلامية، بعد أن ذبحوا علماءها ذبح الشاة وساقوهُمْ في ركابهم، وهم أرباب الحرف والفنون الذين بعثوا بفريقٍ كبيرٍ منهم إلى بلادهم ليقوموا على تعميرها.
على أن هؤلاء المخربين بإختلاطهم بالمسلمين، وبدخولهم في دين الإسلام فيما بعد، ما لبثوا أن إنقلبوا بفعل الثقافة الإسلامية، يُساهمون في بناء الحضارة والمدنية، فأُتيح بذلك لبعض مراكز الثقافة الإسلامية أن تستعيد ماضيها القديم من جديد، حتى صدر عنها في القرن الثامن الهجري جملة من المعطيات المهمة في مختلف فنون المعرفة، سارع الأوروبيون بنقلها إلى اللاتينية فجر عصر النهضة الذي أُطلق عليه REINSANCE.
فإذا كان المغول والتتار بعد فترةٍ وجيزةٍ من الزمن، قد هداهم الله إلى الإسلام، وانقلبوا بقدرةِ قادرٍ من مدمرين إلى معمرين..
فمتى يحين الوقت لأبناء الإسلام الذين نراهم في وقتنا الراهن، حكاماً ومحكومين.. وقد أمسك كلٌ منهم بأشد معاوله وأخذ يهدم بعض معطيات أو مكتسبات العصر الاسلامي الراهن، دون اعتبار للأخطار المحدقة التي تحيط بالأمة العربية والإسلامية من كل جانب؟!.. وليس هذا فحسب، بل للأسف نجد بعض المسلمين قد وضعوا قُدراتهم في خدمة أعداء العروبة والاسلام، والبعض الآخر منهم قد تآمر بشكل مكشوفٍ ظناً منه أن فضائيةً تُبث من فوق أرضه تعطيه حصانةً ضدَّ الهزات باعتبار أن هذه الفضائية تحمل صوتاً ديموقراطياً حراً!!.. ولكن أن تكون في أرضه أكبر قاعدة للأعداء، وأن تكون له اتصالات بإسرائيل، بحجة أنه يفعل ذلك علناً، بينما هناك من يفعلونه سراً، نقول لهؤلاء وأولئك : أخسكم الله جميعاً.. فمن أجل إكتناز الأموال التي أُتخمتم بها جعلتم من أنفسكم أعداءاً للعروبة والاسلام، وتظنون.. أن ذلك (شطارة).
دون أدنى اهتمام لنظرية (انقلاب السحر على الساحر)، خصوصاً وإنكم تمولون الارهاب هنا وهناك، ظانين أنكم ستكونون بمأمن.. يبدو أن درس السادات في المنصة، لم يكن كافياً لتتعظوا!!..
التعليقات