يحتاج هذا السؤال إلى تدقيق موضوعي ونفسي، لمحاولة الإجابة عن هكذا سؤال صعب ومحير، فحزب يقدّم نفسه على أنّه (حزب الله) أي ينطلق من تعليمات الله تعالى، وحسب التسمية فهو بدون شكّ يدّعي أنّه يحمل توكيلا خاصا يجعله الممثل والوكيل الوحيد للذات الإلهية، لأنّه حسب معلوماتي لم أقرأ أو أسمع عبر التاريخ أنّ حزبا إسلاميا أو مسيحيا أو يهوديا أو بوذيا أو...أو...حمل اسم الله تعالى غير حزب حسن نصر الله في لبنان، فكيف يكون داخل (حزب الله) هذا العدد من عملاء ومخابرات دولة الاحتلال الإسرائيلي؟. وهذا ليس افتراءا أو تلفيقا، إذ يكفي رصد عدد العملاء الذين أعلن الحزب نفسه اكتشافهم واعتقالهم ورفضه تسليمهم للقضاء اللبناني، لأنّ هذا الحزب يعتبر ليس دولة داخل الدولة اللبنانية فقط بل هو من يتحكم في مفاصل الدولة اللبنانية كما تفرض مصلحة أسياده ومموليه من النظامين المتوحشين في سوريا والملالي في إيران حيث ملف هذين النظامين في مجال حقوق الإنسان يعتبر من أقذر الملفات في العالم.
- آخر تحديث :
ما هو سرّ حجم عملاء إسرائيل داخل حزب الله؟
ويكفي التذكير بأهم خلايا هؤلاء العملاء،
الذين أعلن الحزب نفسه عن اعتقالهم وهروب بعضهم، دون إعطاء أية معلومات تفصيلية عنهم لا للدولة اللبنانية وأجهزتها الأمنية ولا لعائلاتهم:
1 . الخلية التي تمّ كشفها والإعلان عنها في سبتمبر 2011 ، وكان عدد أعضائها لا يقلّ عن عشرة أشخاص، وكانت الأخطر في ميدان الحرب الاستخبارية بين الحزب و دولة إسرائيل، مما شكّل صدمة كمية ونوعية داخل الحزب، خاصة أنّ بعضهم له مواقع مرموقة داخل الحزب، وأنّ اعتقال الخلية تمّ قبل هذا التاريخ بحوالي ثلاثة شهور،وأكّدت آنذاك مصادر قيادية في الحزب المعلومات الخاصة باعتقال الخلية دون الخوض في التفاصيل، ملمحة إلى انّ أحد أعضائها المعتقلين رجل دين يتبوأ مسؤولية تنظيمية داخل الحزب، وأنّ عميلا آخر من بلدة حاروف في قضاء النبطية، ذاكرة اسم عائلته ( آل ع......).
2 . الخلية التي أعلن عنها الحزب في سبتمبر من عام 2011 ، وتشمل خمسة من القياديين في الحزب يتعاملون مع المخابرات الإسرائيلية، وأشارت بعض المصادر إلى أحد هؤلاء القياديين بالحروف ( م.س) واصفة إياه ب ( أنّه من أرفع القياديين في حزب الله)، وأنّه اختفى من منزله في حارة الغبيري بالضاحية الجنوبية أحد معاقل حزب الله المغلقة نهائيا ولا وجود فيها لأي جهاز من أجهزة الدولة اللبنانية، ويتم التدقيق في مداخلها في هوية كل شخص وكأنها دويلة مستقلة.
3 . ما أعلنته العديد من وسائل الإعلام اللبنانية والعربية، ومنها جريدةquot;القدس العربيquot; في الرابع والعشرين من يناير 2013 حول كشف أخطر وأهم عملاء إسرائيل داخل حزب الله، وهو (علي رفيق ياغي) أبرز كوادره في منطقة البقاع اللبنانية، وكان الحزب قد رشّحه على قائمته البلدية في منطقة بعلبك، ويكاد يكون العميل الوحيد الذي اعتقله الحزب ثم سلّمه للسلطات القضائية اللبنانية، معتبرين إياه أخطر وأغلى العملاء حيث اعترف بتقاضية قرابة 600 ألف دولار من المخابرات الإسرائيلية، وتدور شبهات حول عميل آخر هارب في سويسرا، أشارت إلى اسمه بالحروف (أ.ش)، وأنّه كان أيضا عضوا في المجلس البلدي.
4 . ما نشرته جريدة quot;النهارquot; اللبنانية يوم الأول من فبراير 2013 حرفيا: (فيما كان مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية quot;صقر صقرquot; يدعي على الموقوف quot;طلال خ.quot; بجرم التعامل مع المخابرات الاسرائيلية والاجتماع بضباطه داخل بلاد العدو وخارجها، وإعطائه معلومات عن مراكز ومواقع أمنية منذ عام 2001، ولا سيما منها منزل أمين عام quot;حزب اللهquot; حسن نصرالله، مقابل مبالغ من المال. وتنص العقوبات المدعى عليه فيها على الاعدام. كان الحزب يقبض على عميل آخر قريب لأحد نوابه في البقاع. وهو الثاني بعد quot;طلال خ.quot; الذي كان الحزب قد أوقفه وسلمه الى مخابرات الجيش).
5 . ما كشفه السيد علي الحسيني يوم الثاني من يناير 2013 في موقع quot;شفاف الشرق الأوسطquot; حول قبض المخابرات الإيرانية العاملة داخل لبنان لحساب حزب الله، على عميل جديد للمخابرات الإسرائيلية يعمل داخل الحزب، بعد أن راقبته المخابرات الإيرانية في داخل لبنان عدة شهور، ملاحظة تبدلا في نمط حياته من الزهد الكامل إلى اقتناء السيارات الفارهة رغم أنّ راتبه الشهري لا يتعدى 700 دولارا. وكان الخبر يمثل صاعقة حقيقية كون العميل (ينتمي إلى أهم منظومة أمنية في الشرق الأوسط أي الجهاز الأمني رقم واحد في الحزب).
5 . الغارة الجوية الإسرائيلية يوم الأربعاء، الثلاثين من يناير 2013 ، التي استهدفت مواقع داخل سوريا، تؤكد مصادر إعلامية متعددة منها بريطانية أنّها ما كانت ستتم لولا معلومات مؤكدة قدّمها عملاء داخل حزب الله يعملون لصالح المخابرات الإسرائيلية، كشفوا محاولات للنظام السوري لتهريب أسلحة وصواريخ مضادة إلى حزب الله داخل لبنان، فاستهدف الطيران الإسرائيلي تدمير مواقع عسكرية للنظام السوري في منطقة الزبداني وقافلة عسكرية كانت في طريقها للحزب في لبنان، وتتكهن تلك المصادر بأنّ أولئك العملاء ما كانوا سيحصلوا على تلك المعلومات، لو لم يكونوا في مواقع قيادية متقدمة داخل الحزب.
وتطول القائمة إذا استمرينا في رصد كافة الأسماء والحالات الخاصة بهولاء العملاء الذين أعلن الحزب نفسه عن اكتشافهم واعتقالهم، خاصة إذا تمعنّا في عمليات الاغتيال التي مارستها المخابرات الإسرائيلية داخل قيادات الحزب، ومنها اغتيال القياديين في الحزب عماد مغنية و عز الدين الخليل في قلب عاصمة الممانعة والمقاومة دمشق، وقبل ذلك في فبراير 1992 اغتيال الأمين العام لحزب الله آنذاك عباس الموسوي بقصف موكبه في جنوب لبنان. فهل كان من الممكن استهداف هذه القيادات دون معلومات من داخل الحزب عن مكان وجودها والتوقيت الأمثل لاستهدافهما؟.
ما هي أسباب هذا العدد من العملاء؟
1 . انهيار المنظومة الأخلاقية داخل الحزب،
لأنّه كان منذ بدايات تأسيسه مرهونا للخارج، فلم تكن ضرورة تأسيسه مصلحة لبنانية داخليه، إذ باعتراف الحزب في بيانه الرسمي الصادر في السادس عشر من فبراير 1985 يقول حرفيا: ( إنّ الحزب ملتزم بأوامر قيادة حكيمة وعادلة متجسدة في ولاية الفقيه، وتتجسد في روح الله آية الله الموسوي الخميني مفجر ثورة المسلمين وباعث نهضتهم). لذلك حصل الخلاف مبكرا مع الأمين العام الأول للحزب الشيخ صبحي الطفيلي بسبب رفضه لنظرية ولاية الفقيه التي لا وجود لها في التراث التاريخي الشيعي بل هي صناعة خمينية بحتة، فترك الشيخ صبحي الطفيلي الحزب عام 1991 ليتولى الأمانة العامة من بعده عباس الموسوي لتسعة شهور فقط حيث اغتالته القوات الإسرائيلية في عملية ما كانت لتتم بهذه الدقة في الوقت والمكان لولا معلومات عملاء من داخل الحزب ومقربين من الأمين العام المغتال، ومن بعده وحتى اليوم يتولى حسن نصر الله منصب الأمين العام للحزب. لذلك فإنّ الارتهان للخارج يغري ضعاف النفوس في أي حزب وتنظيم على التعامل مع خارج آخر ولو كان الاحتلال الإسرائيلي، فالاحتلال واحد لا يوجد احتلال نصفق له واحتلال نقاومه، فإسرائيل تحتل فلسطين وجمهورية الملالي الإسلامية تحتل الأحواز العربية منذ عام 1925 والجزر الإماراتية العربية منذ العام 1971 وتعتبر مملكة البحرين المحافظة الإيرانية رقم 14 والعراق المحافظة الإيرانية رقم 35 !!!.
2 . حياة البذخ والرفاهية غير المنطقية،
التي طرأت على حياة المئات من كوادر الحزب وقياداته رغم رواتبهم البسيطة وحياتهم العادية للغاية قبل انضمامهم للحزب، مما يعني أن ألافا دخلوا الحزب ليس ايمانا بمبادئه بل رغبة في الثراء والرفاهية التي رأوا أنها تهبط بسرعة ضوئية على ألاف من كوادر الحزب. ويكفي التذكير بملف ملياردير الحزب (صلاح عزالدين ) الذي أعلن افلاسه بعد نهبه لملايين من ألاف المودعين اللبنانيين لديه. كيف أصبح هذا العضو العادي في الحزب صاحب مليارات؟ وقد تداولت الأخبار آنذاك أنّ المسؤولين الإيرانيين طلبوا من قيادة الحزب التعامل بجدية وحذر مع القضية ومحاولة لفلفتها كي لا تأخذ حيزا كبيرا في الإعلام، وأنّ طهران غير قادرة على تعويض الخسائر التي لحقت بأكثر من 11 ألف مودع أموال لدى هذا الملياردير الإلهي المفلس، وهل هو أفلس فعلا أم سرق أموال المودعين مدعيا الإفلاس؟. وقد تضخمت تداعيات هذه القضية لدرجة أنها أصبحت ورقة صراع بين المحافظين الإيرانيين الداعمين لحزب الله والإصلاحيين الذين لا يرون أية فائدة إيرانية من تبذير أموال المواطن الإيراني على هذا الحزب ومفسديه.
والدليل على هذا البذخ والفساد،
هو النداء الذي سبق أن توجّه به حسن نصرالله شخصيا لكوادر الحزب طالبا منهم العودة لحياتهم الطبيعية، والبعد عن مظاهر الثراء الفاحشة ومنها السيارات التي لا يملكها سوى الأثرياء، مما يعني أنّ الأمين العام للحزب يعرف نتائج هذا الثراء الفاحش، وإلا ما معنى عدم ثقة حسن نصر الله نفسه في غالبية كوادر حزبه بدليل اختفائه المستمر ولا يعرف أحد مكان تواجده سوى نفر محدود للغاية، ولا يستطيع حضور أي اجتماع علني للحزب أو توجيه كلمة مباشرة بل دوما عبر بث تلفزيوني سرّي من خلال شاشات منصوبة للمشاهدين. إنّ استعمال اسم الله تعالى غطاءا لحزب أو تنظيم لا يعني الطهارة والعفة والثورية الصادقة بدليل هذا الكم من العملاء والاختراق.
التعليقات