هذا النظام المتربع على صدور الشعب السوري والمصادر لكرامته وحريته منذ ما يزيد على 42 عاما، منذ انقلاب الوحش الأب عام 1970 إلى توريث الوحش الإبن عام 2000 وحتى اليوم، وهو يعتمد في استمراره الإجرامي على عدة عوامل وحيثيات ابتدع أغلبها منذ الإستيلاء العسكري اللا أخلاقي على السلطة، وأهم هذه العوامل وقد عايشت أغلبها ميدانيا في سوريا المنكوبة بهذه العائلة المجرمة:

1 . السجون والمعتقلات التي أصبحت من كثرة عددها تطلق عليها الأسماء بالأرقام مثل ( فرع 290 )، فرع ( 297 )....وهكذا، بحيث أصبح سجل هذا النظام في ميدان الحريات الديمقراطية من أبشع السجلات في العالم أجمع، ولا أعتقد أنّ هناك عددا من المعتقلين والمفقويدين يمكن أن يصل لنسبة واحد في المائة مما لدى هذا النظام المجرم، لدرجة أنّ المثل الشعبي السوري يصف هذه السجون بقوله ( الداخل مفقود والخارج مولود).

2 . استغلال البعد الطائفي بطريقة شبه سرّية وعلى مراحل، وذلك من خلال وضع غالبية المسؤوليات العسكرية والاستخبارية والأمنية تحت يد ضباط الأقليات التي تعيش بأمان وكرامة مع غالبية أبناء الشعب السوري، ولكن الشحن الطائفي للنظام الذي كان يتمّ في حلقات خاصة يخوف ابناء هذه الأقليات والطوائف من حكم أبناء الأغلبية السنّية، وهذا التخويف كان سببا من أسباب مجزرة ومذبحة حماة التي بدأها النظام في الثاني من فبراير 1982 واستمرت قصفا وتدمير وذبحا لمدة سبعة وعشرين يوما، قتل فيها مجرمو النظام وشبيحته ما لا يقل عن 35 ألفا من المواطنين السوريين بحجة انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين، استنادا لقانونه الإجرامي رقم 49 لعام 1980 الذي ينصّ على إعدام كل من ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين. وتصوروا..مجرد الانتماء أي العضوية حتى لو لم يرتكب العضو أية مخالفة، أي إعدام بناءا على العقيدة حتى لو كانت العقيدة الإسلامية. ورغم التعايش السلمي الودي الذي كان يسود المجتمع السوري، إلا أن الشحن الطائفي القذر للنظام استهدف أبناء الطائفة العلوية الشرفاء مخوفا لهم بوحشية فائقة من حكم الأغلبية السورية السنّية. وقد كنّا نسمعها علانية من بعض ضباط أمن ومخابرات هذا النظام عندما نراجعهم للسؤال عن مفقودين وسجناء فلسطينيين، حيث ما يزال حتى اليوم ما يزيد على 280 فلسطينيا وأردنيا مفقودين لا توجد أية معلومة عنهم منذ ما يزيد على أربعين عاما، ومئات منهم قتلوا في سجون عملاء النظام الفلسطينيين أمثال أحمد جبريل وأبو خالد العملة بعد انشقاقه عن حركة فتح عام 1983 بأوامر و دعم من مخابرات وجيش حافظ الوحش التي حاصرت ياسر عرفات وقواته في مدينة طرابلس في خريف عام 1983 ، وقتلت المئات من الفللسطينيين وهجّرت ألاف منهم لمخيمات الفلسطينيين في الجنوب اللبناني، وهذا الحصار وما تبعه في أعوام لاحقة من حروب المخيمات الفلسطينية سيظلّ وصمة عار في جبين هذا النظام وعميله الأكثر توحشا أحمد جبريل.

العامل الثالث الأكثر أهمية هو رضا الاحتلال الإسرائيلي،
الذي تحتل قواته الجولان السورية منذ العام 1967 دون إطلاق أية رصاصة من جيش هذا النظام لتحريرها، ومنع أية منظمة فلسطينية من إطلاق أية رصاصة على الاحتلال عبر الحدود السورية، مما يؤيد بنسبة عالية شهادة الدكتور المصري quot;محمود جامعquot; الذي كان صديقا مقرّبا للرئيس أنور السادات، وهو صاحب كتاب ( عرفت السادات) الذي كشف فيه سرا باح له به الرئيس السادات وهو معه في زيارة لسوريا، حول أنّ هضبة الجولان قد بيعت لإسرائيل مقابل شيك ب 100 مليون دولار، تسلّمه رفعت الأسد وشقيقه حافظ الأسد وتمّ ايداع الشيك في أحد البنوك السويسرية، وأنّ رقم هذا الشيك موجود في الخزانة الخاصة بالأوراق السرّية للرئيس جمال عبد الناصر. ويؤكد ذلك إصدار حافظ الأسد الذي كان عام 1967 وزيرا للدفاع أوامره للقوات السورية بالانسحاب من الجولان قبل دخول القوات الإسرائيلية إليها.

وبشار الوحش يؤكد على ( قد يردّ على العدوان الإسرائيلي)،
ففي مقابلته الغبية مع quot;صندي تايمزquot; البريطانية يوم الأحد الثالث من مارس 2012 يؤكد بشجاعة نادرة على (أنه لا يستبعد رد بلاده على الغارة التي شنتها اسرائيل قرب دمشق في يناير الماضي ). تصوروا ( لا يستبعد) وهذا غباء في صياغة جديدة لشعار النظام منذ عام 1967 ( سنردّ في الزمان والمكان المناسبين)!!! ولنا أن نتصور أنّ هذا الزمان والمكان لم يتحددا من قبل النظام طوال 46 عاما منذ أن كان الوحش حافظ وزيرا للدفاع، فمتى سيأتي زمان الشعار الجديد ( لا يستبعد )؟. هذا بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي، أما الجرائم الوحشية ضد الشعب السوري فزمانها بدأ منذ مجزرة ومذبحة حماة عام 1982 ، وهو مستمر منذ ذلك الزمان متصاعدا بوحشية متناهية منذ مارس 2011 ، أمّا المكان فهو عموم الأراضي السورية التي طالها القصف والتدمير والقتل ومئات ألاف اللاجئين...وما زال هذا الوحش يصرّ على البقاء والاستمرار، ولن تكتب له الحياة بفضل إرادة وصمود الشعب السوري البطل، خاصة بعد أن تمت سيطرة قوات الثورة السورية على كامل محافظة الرقة، بدليل قيام طيران الوحش المجرم بقصف المدينة قصفا لن ينطبق عليه قوله ( قد يردّ على العدوان الإسرائيلي )، لأنّ وجود هذا النظام المجرم مرهون بالدعم الخفي له من قبل الاحتلال المتمثل في تردد كافة الدول الغربية عن التدخل العسكري أو تسليح الثورة السورية بأسلحة خاصة لمواجهة طيران ومدفعية هذا النظام القاتل. وكم كان غبيا رئيس هذا النظام الوحش عندما يصرّ على البقاء ونيته للترشح لرئاسة جديدة عام 2014 ، رغم أنّ كل مؤشرات صمود الثورة السورية وتوسع نفوذها في الداخل، يؤذن بنهايته المخزية قبل هذا الموعد.