وعليه فإن حقوقنا أيضا عالمية!
أسعد جدا بنجاحات المرأة العربية.. خاصة وفي الآونة الأخيره ظهور مجموعة من الكاتبات السعوديات اللواتي يحاولن كسر الحواجز لإثبات وجودهن كبشر..
rsquo;أعجب جدا وأستمتع بقراءة كتابات..الكاتبة بدرية البشر.. إنتهيت قبل سنتين تقريبا.. من قراءة روايتها هند والعسكر.. إستمتعت بلا حدود بقدرتها الفائقه على ضخ دم جديد في عروق اللغة العربية لتحييها بمصطلحات رائعه تحيي في النفس والروح ألوان جديده من الحياة خاصة بعد أن تعوّدنا ولفترة طويله سماع لغة الكاسيتات الخشبيه القادمه من السعوديه.. والتي تعدم في الإنسان والمرأة بالتحديد الروح والحياة.. من كثرة مصطلحات الخوف.. من الله.. والنهي والتحريم..

القصة تحمل جنونا من نوع جديد لم نتعودة من النساء السعوديات.. صرخات إستغاثه من نساء القصه وإن عجزن عن تحقيق طموحهن. آملين أن rsquo;تسمع هذه الصرخات في العالم كله.. لمحاولة إنقاذهن من قيود المجتمع الذكوري اللا محدوده.. التي تعطي للرجل كل صلاحيات القمع والقهر.. والإيذاء النفسي..

تبين الكاتبه في قصتها الإرتباط التام في حياة المرأه السعوديه بين الأحلام والواقع.. فبينما تحلم نساء العالم كله باحلام وردية..تحلم السعوديات بكوابيس رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. وقيود المجتمع الصارمه.. تطاردهن حتى في المنام..

بلغة عربية نفّاذه إلى القلب والروح تسرد المؤلفة قصص النساء السعوديات وتشبه معانتهن بأنه وفي كثير من الأ حيان فإن قصصهن لا تقل مرارة عن مرارة القهوة السوداء.. تحكي قصص الحب العذري الذي يبدأ بالنظرة.. ولكنها تحكي أيضا عن جسارة البعض منهن على تجاوز كل الحدود والقيود المجتمعيه من أجل الرغبه العارمه لمعرفة الآخر والتي قد تتحول بفعل القيود والمحرمات إلى علاقة محرمه بين الرجل والمرأه تدفع ثمنها المرأه غاليا.. وقد يصل الأمر إلى فقدان حياتها كثمن لغلطه أو حتى مجرد شك..

عادات مجتمع توقف عنده الزمن.. تنتقم فيه المرأه من حرمانها من كل حقوقها في الماضي.. ولكنها تصر على حرمان إبنتها في الزمن الحاضر.. وتتوارثه اجيال من النساء.. فقط لحماية الماضي كما هو تحت مسمى التقاليد...وعدم التفريط بها حتى وإن كان ثمن هذا الحرمان الحرمان الأكبر لإبنتها من السعادة.

تقاليد تزويج الصغيره.. بدون سؤالها.. وزواج الرجل بتلك الصغيرة.. وتزويج إبنته من رجل آخر حتى وإن كان مزواجا.. ليحافظ بذلك على حقه هو الآخر بالزواجات المتعددة..

تبرع الكاتبه في سرد حكاية سرقة الأطفال من دول أفريقيه في الماضي وبيعهم كعبيد لعائلات لا تلتزم إلا بإطعامهم... وكيف أن وثيقة التحرير التي أصدرها الملك فيصل (رحمه الله ) لم تشفع في تحريرهم.. لأن المجتمع نفسه حكم عليهم تبعا للونهم الأسود ووضعهم في أدنى التصنيف الإجتماعي..إضافة إلى رفضهم للحرية الممنوحه لهم خوفا من مجهول لا يعرفونه...

كيف يحلل الرجل لنفسه إنتهاك العبد أو العبده معنويا وجنسيا على أنه الحق الممنوح له والمباح برغم تقاليده الصارمه على نساؤة الحرّات..
من خلال القصه.. تبين الكاتبه.. كيف إعتاد مجتمع باكمله على تصوير الله بسلبية مطلقه.. وبث الخوف في العقول والقلوب.. بحيث يتجمد كلاهما حين يذكر إسمه في التحريمات التي لا تنقطع.. مثل.. إن الله يصهر حديدا في آذان من يسمع الغناء.. ثم العقاب المتواصل بالحرق بالنار يوم القيامه.. كلما أذاب جلدا أبدله بجلد آخر.. وكيف أن من لا تجيب نداء زوجها إلى الفراش تلعنها الملائكه حتى تصبح.. وما إجتمع رجل وإمرأه إلا وكان الشيطان بينهما..

تقول الكاتبه في تصوير تلك العلاقه مع الله ومع أمها..
quot;quot; ظل ذكر الله (كما رسمته امي ) حتى وقت طويل يطاردني، يزلزل أمني، ويفزعني، وكلما عرفت لحظات من السعادة يهيأ لي أن الله القاسي، مثل أمي، سيخبرها عني، ويرسلها لتخرب سعادتي، حتى ولو كنت على بعد الآف الكيلو مترات منها. quot;quot;

تشاؤم مجتمع بأكمله من ولادة البنت.. خوفا من العار.. وكأنما هي التي تجلبه.. وليس الرجل الذي ينتهك جسمها.. وعرضها حتى حين زواجه منها.. كما حدث مع أمها في ليلة زفافها حين ربط العريس يديها وقدميها وأفترسها...؟؟؟
وصف مشاعر المرأة وعالم الرجل. وشتان ما بين السجين والسِجّان.. برغم أن كلاهما يعيش في سجن حياة قاتمه أفقدها تحجّر وتصلب التقاليد كل الألوان فباتت كالماء بلا لون ولا طعم ولا رائحه..ولكن لا نستطيع الإستغناء عنه!

كيف تستمر حياة النساء السعوديات مابين عادتين لا ثالث لهما.. البيت بقضبانه العاليه.. والتسوق. تقول الكاتبه quot;quot;. وفي المكانين هن مسجونات في خزانات ثيابهن.. وقدور مطابخهن.. تدور فيها أرواحهن.. وتدور حتى تشيخ بالكآبة والوهن.. ويصبح بكاؤهن على المخدات عادة ليلية لا يعبأ بها أحد quot;quot;.. quot;quot;
أما عن الرجل وعلاقته مع النساء.. تقول quot;quot; النساء خلقن للمتعة وليس للحب.. والنساء لا يستودعهن الرجل الحر الأسرار.. فالنساء بطبعهن ثرثارات.. كما أن كثرة مخالطتهن تصيب صاحبها بالضعف والرخاوة.. وأن المرأه هي حبائل الشيطان،،هي الفتنه والسحر.. وإن إستجاب لها الرجل واستسلم لغوايتها تحوّل إلى أضحوكة بين الرجال..quot; !!!

قصة رائعه وإن خلت من تفاصيل أخرى مهمه للقصة.. تستحق القراءه وتستحق جائزة إبداع. وجائزة جرأه...
ما جعلني أتذكّر القصة.. مقابلتي لشابة سعودية في دعوة عشاء قبل يومين.. شابه في عمر الورد..تنبض بالحياة والطموح.. في مراحل دراستها الأخيرة لنيل شهادة الدكتوراه.. كسرت في عقلي كل النمطية التي كنت احملها عن المرأة السعودية.. إستمتعت بحديثها وآمالها للعودة لتساهم في مجتمعها..
وأيقنت بأننا كبشر ( نساء ) نأتي في كل الأشكال والألوان.. ولكن كل أحلامنا وطموحاتنا لا تختلف من قارة إلى أخرى...ولكن ما يعيقنا في المنطقة العربية.. القيود التي تكبل أرواحنا...

نعم.. في عالم العولمة.. حقوق المرأه أينما كانت أيضا حقوق عالمية.. بالتأكيد ستختلف من بيئة إلى أخرى.. ولكن هذه الإختلافات يجب ان تخضع لخيارات المراة نفسها.. وليس لأية سلطه تتصرف بإسم الدين.. ولكنها لا تفقه من روح الدين سوى التسلط والقمع على إناثه..


باحثه وناشطة في حقوق الإنسان