الوضع في بعض كردستان غير مستقر بل في هلع والاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان وراء وصول الطالباني الى سدة الحكم في بغداد قد يكون وراء اسقاطه ايضا, لكن لاتزال هناك عدة أوراق وأمور متحركة قبل ان ينفض الغبار عن المشهد السياسي النهائي في اقليم كردستان.

يواجه الرئيس العراقي الطالباني أقوى أزمة داخل حزبه منذ نقله الى المانيا لغرض العلاج جراء ردود الفعل الجماهييرية الغاضبة على تاخير انعقاد الموتمر الحزبي وبقاء بعض القيادات الحزبية والمسؤولين المتهمين بقضايا الفساد واستغلال السلطات والذين كانوا سببا رئيسيا لخسارة الاتحاد الوطني في الانتخابات الاخيرة.

وفي حين كانت أحزاب عديدة في دول العالم التي خاضت تجربة الاصلاح تتسارع لتقديم التنازلات من أجل مصلحة بقاءها، بوعي كامل لحقيقة أن المصلحة العليا أهم من الحكم والحكومة وحقائبها والمناصب، وانها تكون للجميع أو لا تكون أبدا، كان المواطن في إقليم كردستان يتابع بقلق شديد مجريات الصراع في أعلى مستويات الحكم، بعدما أتخذت سياقا من شأنه تجديد حالة الأنقسامات الداخلية وليس المساعدة عى انهائها.
ذلك أن من يملك ما يفوق حقه بالكثير، قد رفض وما يزال يرفض أن يتنازل عن بعض ما أغتصب من أسباب السلطة ومواقعها، أي من حقوق الاخرين، تحت أسم التوافق أو الضمانات الاقليمية مع وعيه الكامل بأن مثل هذا الوضع المغلوط لا يمكن أن يستمر الى الابد.

نحن نعلم ان في كل مرة عندما يتخندق قادة التكتلات داخل حزبه في مواجهة الاخر، ويشحذون اسنانهم لجولة عراك جديدة، يعطي برهم صالح الدليل تلو الاخر، على انه مؤمن بمستقبل العراق وتعافيه، مؤكدا ان قضية خدمة صالح العام فوق كل أعتبار، وهو ينأى بنفسه وبحزبه عن لعبة المغانم والخسائر، اذا كانت الخسارة هي خسارة ثقة الشعب.

ان برهم صالح رجل يتعامل بصدق مع الحقائق والوقائع وبرهن بقوة انه يحترم الالية الديمقراطية والتعددية الحزبية وهو يدرك بوضوح تام ان أكراد العراق لا يمكن ان يكونوا جزيرة معزولة عن محيطهم العربي، أو غير منتمية لهذا المحيط، وهم أقوياء بقدر ما ينتمون الى قضايا العرب المصيرية،ويلتحمون معهم في الدفاع عن هذه القضايا، ويفقدون حصانتهم التاريخية والوطنية والقومية، اذا ربطوا مصيرهم او بعض هذا المصير ببعض الدول في المنطقة.

الشارع الكردي يتحدث عن مؤامرة استهدف الدكتور برهم صالح وان كانت فعلا مؤامرة فأن اخطر ما في هذه المؤامرة بساطتها وبراء تها فهي ببساطتها تستدعي الاعجاب والتأييد ووبراء تها تمنع الاعتراض والتنديد.
لعبة ذكية بلا شك و ولو تمعنا باهدافها لحاصرتها الشكوك!

فمن الطبيعي ان يتمتع المتأمر بالذكاء حاد،يعززه خبث يتفوق فيه على الضحية.
ولكن في زمن المؤامرات عرف برهم صالح طوال حياته السياسية كيف يتعامل مع المتأمرين الاصدقاء والبعيدين، الا ان المراقبين يعتقدون ان اقصاء المتأمرين ستجعل الأمور اكثر سوء له، باعتبار انها ستؤدي الى تقوية التيار(كوران) المنشق عن حزبه والتكتلات السياسية المعارضة له داخل الحزب.

بكل تأكيد لا يريد الرئيس ان يبقى هو واسرته في الحكم وحسب، وانما ان يبقى رئيسا للبلاد حتى في الانتخابات العراقية الحالية. لكن هل ستقضي الانشقاقات الداخلية في حزبه على رئاسته واحلامه معا؟

راوند رسول
كاتب صحافي عراقي

[email protected]