مرة أخرى تقف أربيل على شفا بطالة سياسية من شأنها، اذا ما تكاملت حلقتها، أن تعطل المبادرة والقرار الوطني.

والحكومة التي لم تكن في أي يوم حكومة قوية تنتظر في الايام القادمة قرار الشكيل البائس من نيجيرفان البرزاني الذي لن يوفر حلا وأن بدا كأنه ينهي اشكالا.

ورئاسة اقليم كردستان، التي كانت أعظم الضحايا لغياب الوفاق الوطني والنهج السليم، تنتظر توفر المناخ الصحي الضروري لأستعادة أعتبارها السياسي وتجديد مؤسساتها على أرض صلبة لا يؤثر فيها تقلب القادة أو الأمزجة أو النزوات المغلفة دائما بذرائع سلطوية من نوع تطمين الخائفين وحماية أمتيازاتهم.. الضمانات في وجه المغبونين.. المحرومين

أما بقية المؤسسات فيحكمها الفشل، هذا اذا كان قد أمكن استنقاذها من خطر التفكك أو الأنقسام والغرق في جحيم لون الحزب الواحد. وبالمقابل فان صورة المعارضة التي أقتربت في الأمس القريب من احتمال ان توفر في ذاتها صورة البديل المؤهل لتسلم قيادة البلاد تبدو الان مهزوزة وتعيسة، بعد التحالف مع حزب البرزاني خصوصا وان طروحاتها، المتناثرة وغير المحكومة ببرنامج واضح ومنهج عمل محدد، لم تعد تشكل أرض اللقاء العتيد بين القوى الراغبة في الأصلاح أو التغيير أو حتى التطوير.

لقد بدا للحظة وكأن التلاقي على وحدة الهدف ولو محدودة بين الاتحاد الوطني (حزب الرئيس العراقي طالباني) المعروف برموزه القيادية وهيكيلته التنظيمية الكبيرة وبين حركة التغيير ( تيار نوشيروان مصطفى) المعروفة بنزعتها الراديكالية وزخمها الجماهييري، يمكن أن يشكل قوة جذب لأطراف وقوى سياسية اخرى، متنوعة ومتمايزة في رؤيتها ومناهجها، بحيث تقوم من الكل مجتمعين جبهة وطنية قادرة عبر صياغة البرنامج السياسي الملائم للمرحلة والمستوعب لمطامح الوطن وهموم المواطنين، لكن هذا التقدير، بل التمني، لم يعمر طويلا، وانصرف الجهد بعد اجتماع نيجيرفان البرزاني مع قادة التغيير الى الاتفاق انهاء دور الاتحاد الوطني ذاتها، في حين يتوجب العلاقة مع التيارالمنشق من الاتحاد (نوشيروان مصطفى) ان تبحث مسألة حكومة الوحدة الوطنية وان تنتظر تفرغ المعنيين والقادرين على ترميم واسعة النطاق، وأما الحيارى والباحثون عن جسم سياسي متماسك ينخرطون فيه فيوفر لهم الأمان والحماية وأستعادة الأعتبار، فموزعون بين تيه الشعور الممض بخيبة الأمل أو التباهي ببعد النظر وتهنئة الذات على عدم التورط في خيار كان كفيلا.. لم تم.. بتدمير مستقبل شعب كردستان.

-:حتى ليبدو وكأن اتفاق أربيل ( جماعة البرزاني والتغيير) كانت محطة بين أنشطارين

&فما قبلها كان عصر أنشطار رئاسة اقليم كردستان بحيث أنعدمت أهليته وفاعليته لغياب الشرط الموجب لبقاءه،أي التوافق عليه والتسليم له خاصة بعد عملية تمديد لبقاء البرزاني لمدة عامين اضافيين في 30 حزيران 2013، وما بعد اتفاق أربيل هوعصر أنشطار المعارضة وتشتتها بما يلغي جديتها كبديل مؤهل لقيادة الوطن،

بل لعل ما حدث في اتفاق أربيل كان أخطر وافدح فالقادة المؤتمرون من الطرفين وبكل من أحتشد فيه وعلى رأسهم نيجيرفان البرزاني ظلوا أعجز من ان يقدموا الصورة المرتجاة للقيادة المؤهلة العتيدة.

كذلك فقد أكتسى الأنشطار السياسي، السابق عليه طابعا حزبيا عبر سياقه والمواقف التي حكمت المناقشات والنتائج.&

ومرة اخرة كما عند كل محطة من محطات الحالة الكردية ,تبرز المفارقة الراسخة في الحياة السياسية والمتمثلة في الانفصام الكامل بين تطلعات الجماهيير والشعارات المعلنة وبين اهتمامات الطبقة السياسية وحركتها وطريقة تصرفها.&

ومن أبرز المفارقات ان مسعود البرزاني الذي رفض مرارا وتكرارا طلب انتخاب رئيس الأقليم عبر البرلمان وكان مصرا على انتخابه مباشرة من قبل الشعب عاد ليناقض نفسه من جديد ويقول عن منصب رئيس الجمهورية بأن اي شخص يتم ترشيحه لهذا المنصب يجب ان يحظى بموافقة البرلمان الكردستاني,,

فيبدو ان مواقع الحكم المعلنة تتصل بالقوى والاحزاب وليس بهموم الناس وطموحاتهم وتطلعاتهم الى وضع أفضل وأحيانا الى وضع محدد.

فالطبقة السياسية الجديدة تتابع مسيرتها المظفرة بتفاصليها , مع تنبه لأتجاهات الريح بحيث لا يباغتهم جديد ولايقتحم ناديهم طارئ يحدث خللا في أصول اللعبة التي احترفوها ببراعة حتى النخاع.. فأذا حدث واضطروا الى التسليم بوافد غير محسوب تفرضه طبيعة التوازنات أو التحالفات المستجدة والاضطرارية والمؤقتة تعاملوا معه وكأنه ضيف ثقيل لابد من قبوله لقاعدة لا حول ولاقوة الا بالله!.

&فنحن نشهد فصلا جديدا وهو الاكثر ايلاما من فصول انفصام بين الناس وبين من يفترض ان يكونوا الزعماء التاريخين والقادة السياسيين في الوطن.&

نتمنى ان يعي الحكم في كردستان قبل طرف اخر مسؤولياته بكل اثقالها فيتحملها كما ينبغي لاي حكم مسؤول ان يفعل.

&

كاتب صحفي عراقي

&