المعلومات الواردة عن منطقة الضلوعية شمال بغداد (جنوب سامراء)، ان شريحة واسعة من الاهالي هناك، سواء الساكنين في مركز القضاء او في النواحي والقرى المحيطة، ضد تنظيم القاعدة، وان هناك معارك اهلية بين الموالين لداعش والمعارضين لها.
شهود عيان ورسائل تصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يشتكون من الخذلان الحكومي وانعدام الامدادات الامنية، وان جزءا كبيرا من المنطقة يعارض داعش، ولا يريد وجودها، خصوصا بعدما تبين وضع الموصل واحداثه.
وقد ورد في احد الرسائل "ان افرادا من بعض العشائر قدموا العون لافراد من داعش لمواجهة عشائر اخرى، وادخلوا الارهابيين، وتسببوا بحصار الضلوعية، والكثير من الاهالي يقاومونهم".
على ما يبدو ان الجيش في تلك المناطق يتخذ وضع الدفاع حتى الان، وبحسب ما يقوله شهود عيان، ان الاهالي في قرية الزوية القريبة وهم من عشيرة الجبور، قاوموا وحيدين، ولمدة يومين لكن خسروا المعركة وسقطت القرية، واعدمت داعش 70 رجلا، وهدمت البيوت...
هذه الرواية تؤكد حوادث مشابهة حصلت سابقاً في محافظة ديالى على يد تنظيم القاعدة وداعش، كانت اي قرية، تتعرض للتنكيل والقتل، وهو ليس سلوكا جديدا، بل معروف منذ فترة.
الكثير من القرى السنية تتعرض لكوارث، ولكن لا احد يتحدث عن هذا، هناك من يصمت كي لا يدين داعش سنيا، وكي يبقي فرضية "الثوار"، وهناك من يصمت كي يشيع فكرة ان السنة كلهم مع داعش.
فماذا اعدت المؤسسة العسكرية ولجان الحشد الشعبي وسواها لهذه المناطق، وهي جزء من بغداد؟
هذه المناطق خارج "البطولات الاعلامية"، الآلة الاعلامية الرسمية تريد القول ان الخطر بعيد عن بغداد، وطريق سامراء سالك، وان الجيش يقوم بما يكفي، وهذه المناطق لا تحمل سمة الاقليات، فليست مثيرة اعلاميا، كما هو حال سنجار والحمدانية.
الخطاب الرسمي لا يتحدث عن المخاطر القريبة، لهذا نسمع عن الانتصارات في جرف الصخر، الضلوعية، عامرية الفلوجة، ولا شفافية في الخسائر...
الامر يحيلنا باستمرار الى تجربة الصحوات التي اخفقت بفعل سياسات رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي، وبفعل محاولات القوى السياسية السنية خنقها لأنها كانت تهدد سطوتها ووجودها السياسي، بعد ان حققت نتائج مهمة في الانبار في 2008، واستعادت السيطرة على الصحراء التي كانت تهدد الحياة في البلاد، واعادت الهدوء للمثلث السني جنوب بغداد.
ان الحكومة بعد اكثر من شهرين على سقوط الموصل، لم تقدم خطوة ولا رؤية ولا خطة للتعامل مع المناطق السنية القريبة على بغداد والتي لا توالي داعش، بل تبحث عن دعم لمواجهتها، خصوصا بعد ان عرفت المخاطر. التخبط يكشف عن عدم وجود لتصور عن طبيعة الخلافات الاجتماعية والعشائرية وحتى السياسية، وكيفية استثمارها لمواجهة الارهاب وانقاذ الشبان من الوقوع ضحايا تحت سيطرة داعش وكراهيتها التي يسهل ان تستشري في النفوس في هذا الظرف الطائفي.
معرفة التناقضات والظروف والتعقيدات في تلك المناطق، كان مهمة من مهام اللجان الحكومية والنيابية المعنية بالمصالحة، والتي انكشف انها لم تكن سوى وجه من وجوه الكذب الاعلامي.
ان حزام بغداد لا يعاد له الامن عبر الجيش لأنها مناطق آهلة، وادخال المليشيات الشيعية الى مناطق سنية سيؤدي بالتأكيد الى بشاعات وجرائم، ويؤدي الى نتائج عكسية. استعادة الامن يكون عبر منع تحوله الى حواضن، واستثمار اي عداء للقاعدة وداعش في تلك المناطق باتجاه تضييق الفرص عليها للدخول الى تلك المناطق وفرض وجودها الكامل.
الصحوات تفككت لأكثر من سبب، لكنها كتجربة نجحت، وحققت نتائج ايجابية. ففي بلد لا يملك دولة وطنية راعية، ولا نظاما سياسيا عابرا للطوائف، يمكن ان يحتمي بتشكيلات محلية، شريطة ان تتشكل على أسس صحيحة.
لو كان العراق يدار من قبل قوى عابرة للاثنيات الطائفية والقومية، لكان كلام آخر.&
&