وكم فيك يا مصر من مضحكات .. ولكنه ضحك كالبكا
أي والله، هذا ما ورد في ذهني وأنا أسمع توفيق عكاشة وهو يقول لثلاث مرات: أنا بسأل الشعب العراقي..أنتو حتفضلو حمير لحد أمته؟ أنتو حتفضو بهايم لحد أمته؟ أنتو حتفضلو بغال لحد أمته؟
هكذا، بكل "سلاسة" صعيدية وبملامح لا علاقة لها بالألمعية المصرية يكررها ثلاثا وكأنه يرمي الطلاق على حرمته. رجل صار منذ سنوات رمزا لمهازل الإعلام المصري وفوضاه التي هي انعكاس لسوء أوضاع هذا البلد الرائد في كل شيء بما في ذلك فكرة "الأراجوز" أو القرقوز كما يسميه "بهايم" العراق. كنّا رأينا أمثال هذا الإعلامي كثيرا في بلدنا لكن، الشهادة لله، لم يتجرأ قرقوز منهم على وصف شعب مصر بـ"المطايه" التي هي مرادف عندنا لـ"الحمير". وهذا المرادف أبلغ في اللغة وأحدّ في الفكر من السكين، فـ"المطيّة" عندنا تطلق على الحمار وغيره، وتوحي لمن يسمعها، لا بالغباء حسب، بل بفقدان الإرادة والتحوّل لعبد مأمور يصح عليه مثلهم: أن شفت الناس بتعبد عجل حش وأديله.
توفيق عكاشة يحشّ منذ سنين و"يدّي" بلسانه وتعابير وجهه. فالزمن زمنه لا زمن يسري فودة، و"المولد" يغري بالمزيد من الحمص في بلدٍ يأكل غلابته الفول صباحا ومساءً.
"أفهم يا وله أنته وهوه..أفهم يا وله"، هكذا يأمر الرجل العراقيين وكأنه يخاطب حياة الدريدري، المقدمة الحسناء التي ترافقه دائما وتعتبره "المعلم بتاعها". يخاطبهم هكذا ثم يقول لهم أن عليهم التوحّد لدرء الأخطار. نعم، هكذا يخاطب شعبا كاملا هو وريث لخمس حضارات أغنت الدنيا، يخاطبه بهذه الطريقة ناسيا ثقافة الصعايدة التي تختصرها كنايتهم الرائعة: الملافظ سعد، وباعثا من حضيض الأساليب ما يشير لأكثرها "رفعة" و"تحضرا" مثل "أفهمي يا وليه يا عراقية أنتي وهيه..أفهموا جبتولي كل الأمراض". لطالما سمعنا مثل هذه العبارات في أفلامهم ـ تعال يا وله منك لوه..يا حمير..يا بهايم.. مثل هذه العبارات كانت تقال على ألسنة شخصيات لم ترَ "البندر" ولم ترتدي "الكرفته" مثل صاحبنا، بل لم تحلق ذقنها ولم تدرس الصحافة في الولايات المتحدة كما يقول. شخصيات كـ"واهدان"، حارس سليمان غانم،& الذي رسمه أسامة أنور عكاشة كنقيض لشخصيات المدينة المتحضرة. ذلك الرجل أسمه عكاشة أيضا! يا كسوفي منك يا مصر !
ولكن دعونا من الهزل وتعالوا إلى الجد وسوف أخاطب توفيق عكاشة مباشرة؛ يا إلهي على مأزقك أيها الإعلامي الطريف؛ في أي زمن تعيش يا ترى وكيف لم تؤثر القاهرة في روحك، أجمل مدن الأرض وأترفها؟ كيف لم تشذّب لغتك وتمدن ألفاظك؟ ألهذه الدرجة أنت مصرٌ على العيش في جلباب "وهدان" والنهل من خزانة ألفاظ السوقة والعامة؟ بل هل تراك تعرف أنه حتى هؤلاء السوقة والعامة الطيبون قد لا يجرأون مثلك على شتم "كفر" مجاور لـ"كفرهم" والقول عن أهله أنهم "حوش" و"جربانين" و"حمير"؟ ذلك من أحط أنواع الألفاظ يا صاحبي.
لا والله، ما أنتَ بمصري أبدا. وحظّك من أم الدنيا كحظّك من شهادة الدكتوراه التي تقول أنك تحملها، ليس سوى الاسم.. نعم، ليس لك من مصر سوى الاسم.."يا وله ..يا وله ..دي الملافظ سعد يا وله!
&