&تتناقل وسائل واجهزة الإعلام هذه الأيام أنباءً عن تشكيل غرفة عمليات مشتركة تضم كلاً من (روسيا وإيران والعراق وسوريا) وهذه الغرفة هي عبارة عن مركز معلوماتي يضم ممثلي هيئات أركان الجيوش الأربعة (الروسي والايراني العملاقين) و (العراقي والسوري المنهكين)، وتزامناً مع هذا التطور بدأت روسيا بالتدخل العسكري المباشر في سوريا عبر ضربات جوية تنفذها الطائرات التابعة لسلاح الجو الروسي في سوريا، في حين نزلت قوات قتالية أميريكية في كامل جهوزيتها في المنطقة الغربية في العراق مع استمرار ضربات التحالف الدولي الجوية على مسلحي داعش...هنا بدأت المصالح تتقاطع بشكل واضح لا لبس فيه حتى للمتتبع العادي والمواطن البسيط البعيد عن غرف صنع القرار وتقرير مصائر الأبرياء.
ان التدخل الروسي بهذا الشكل وتحرك الدب الأبيض من جديد في المنطقة (المياه الدافئة) سيحول المنطقة الى بؤرة حرب غير باردة كما كان في السابق، لكن ما الضير في ان تستعر النيران في جحيم مستعر أصلاً؟!
&لقد جلبت السياسة الأميريكية وبخاصة على عهد الإداراة الحالية (باراك اوباما) الويلات والمآسي على المنطقة، فقد غدا العراق جسماً عليلاً مريضاً هرماً، وأوشكت سوريا على التلاشي والسقوط التام، وانفجرت الحمم البركانية في اليمن في ظل حرب النيابة بين (جمهورية ايران الاسلامية والمملكة العربية السعودية )، في صراع مغلف بالمذهبية، لكنه في الأصل صراع الهيمنة المعهودة التي تتخذ من الأفكار والمعتقدات والايديولوجيات ستاراً ومبرراً لها، كما تحولت ليبيا الى دولة لا رأس لها بسبب ذلك الفراغ القيادي الذي تؤنب أميريكا نفسها بسبب ذلك محملة نفسها مسؤولية ذلك الإنفلات، في وقت تغلي فيه الأمور في تركيا بشكل خطير ومخيف في ظل عودة طرفي النزاع (الجيش التركي وحزب العمال الكردستاني) الى منطق الحرب.
في ظل هذه اللامبالاة الأميريكية التي جلبت الويلات على شعوب المنطقة على إثر ظهور تنظيم داعش الإرهابي وممارساته الوحشية بحق المدنيين العزل في العراق وسوريا كان لا بد ان يتم حفظ التوازنات القائمة والتي ان تخلخلت أكثر فستموج المنطقة بأنهار الدماء وجثث الضحايا اضافة الى ظاهرة الهجرة المأساوية والمفتعلة بشكل مثير أصلاً، وها هي بوادر حفظ التوازنات تظهر ملامحها بقوة.
لقد أدى التعامل الأميريكي بهذا الشكل الى استقطاب روسيا للتدخل، وهذا التطور بالطبع سيكون مفيداً للمنطقة كون ان الحروب بالنيابة توشك على الانتهاء شيئاً كي تكون هناك اما اشتباكاً مباشراً بين القطبين العملاقين (أميريكا وروسيا) أو وصولاً الى صيغ أخرى أكثر معقولية وقبولاً في اعادة رسم الخرائط الاقتصادية وتوزيع الثروات على أساس لا يجعل الشعوب من امثالنا فرائس يومية سهلة لهذه السياسات الدنيئة.
&ان تأسيس مركز معلوماتي في بغداد لا بد أن لا يقتصر على هذه الدول الأربع، إذ لايمكن لحليفة العراق الاستراتيجية (اميريكا) القبول بسهولة والتفرج هكذا، فهي ترتبط بالعراق باتفاقيات استراتيجية عسكرية أمنية واقتصادية وثقافية، رغم انها (اميريكا) لم تف بالتزاماتها على الوجه المقبول، لكن ان لم تنضم الى المركز المعلوماتي فبكل تأكيد ستكون لأميريكا مركزها المعلوماتي المنفرد الذي قد يؤجج الحرب ويعيد الى االأذهان مرحلة الحرب الباردة، لكنها هذه المرة ستكون سعيراً.
لا ضير من حلف بغداد الجديد ما دام يهدف الى انهاء او تحجيم او ايقاف تمدد تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) وجرائمه المروعة... وينبغي بأصحاب الشعارات أن لا يطلقوا على هذا الحلف الجديد أوصاف من قبيل الخيانة والمؤامرة وما الى ذلك من سخف الأقاويل التي ضيعتنا وأوهنتنا وخدعتنا.
*كاتب وصحفي كردي عراقي
&
التعليقات