لم يكد يمضي أسبوعان على التدخل العسكري الروسي الكبير والمفاجئ في سوريا والذي قلب موازين كل المعادلات وَحَوّل أحلام البَعض من الذين يَعبثون بأمن هذا البلد الى كوابيس مُزعجة، حتى بادرت تركيا وهي من الدول الرئيسية التي عملت على زعزعة الإستقرار ودعمت المجاميع الإرهابية في سوريا الى عمل إستفزازي خطير عن طريق إستهدافها طائرة روسية وإسقاطها.
وبهذا العمل المُشين والمُدان وغَير المَحسوب العَواقب تكون تركيا قد أوصَلت الأمور في هذه المنطقة المتوترة أصلآ الى حافة الهاوية، فالروس لن يَسمحوا بخدش كبريائهم والإستهانة بهم كدولة عظمى وسوف يردون بدون شك على هذا الإستفزاز التركي الأحمق ولديهم الكثير من أوراق الضغط السياسية والعسكرية التي يمكن بها أن يوجعوا الأتراك ويردوا لهم الصاع صاعين، فتركيا هشة داخليآ رغم مظاهر الإنتعاش الإقتصادي الذي تشهده، فهي لا تَخلو من النَزعات القومية والطائفية والتي تَحتاج فقط الى شرارة قوية حتى تشتعل، فالأكراد لن يتنازلوا عن حلمهم بالإنفصال عن تركيا، والعلويون بدأوا يتلمسون مواطن قوتهم في هذا البلد ويعلنون عن خصوصيتهم الطائفية، علاوة على المحيط التركي والذي يُعتَبر بغالبيته مُعادٍ وله ثارات تأريخية مع الأتراك، فالأرمن لن ينسوا مذابحهم، واليونانيون يشتاقون لعاصمتهم التأريخية القسطنطينية، عدا عن سورية والعراق وإيران والتي لكل واحد منها مشكلة مع الأتراك
من خلال بعض مما ذكرناه من حقائق في أعلاه نستطيع القول إن تركيا محاصرة ويمكن أن تتفكك في أية لحظة وهي ليست أهلآ لهذا التحدي الكبير,وعليها أن تعيش الواقع وتراعي التوازنات، ولا تَحن الى خلافتها العثمانية التي ولت وإندثرت ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تعود، حيث الشُعوب التي كانت تَرزح تحت سُلطانها إستفاقت،وموازين القوى قد تَغيرت والمُطالِبون بالثأر من تلك الحُقبة التأريخية كَثيرون يَنتظرون اللحظة المُناسبة للإنقضاض
أما روسيا فهي ليست بالإتحاد السوفيتي في لحظات إحتضاره على يد غورباتشوف، ولا هي بروسيا بوريس يلتسن مُدمن الفودكا والذي جَعل من روسيا البلد الأول في تصدير العاهرات الى العالم، روسيا اليوم هي روسيا فلادمير بوتين الرَجُل القَوي الذي أعادها دولة عظمى ووريثة حقيقية للإتحاد السوفيتي السابق في أوج عصره. روسيا اليوم هي التي تجاوزت مبيعات أسلحتها هذا العام الخمسين مليار دولار، وهي التي تدافع عن مصالحها بكل عناد في أوكرانيا، حيث أعادت القرم وفَرَضَت شُروط تسوية لصالح حُلفاءها شَرق أوكرانيا، وأوقفت تمدد الإتحاد الأوربي، وها هي اليوم تُدافع بِضَراوة عن حَليفها ومَصالحها في سوريا.
فَعلى تركيا أن لا تراهن كثيرآ على عضويتها في الحلف الأطلسي، فهذا الحلف الذي يَتكون بغالبيته من دول أوربية وهذه الدول هي التي تَرفض دخول تركيا لإتحادها. وقد وقفت تركيا لعقود على ابواب هذا الإتحاد تستجدي العضوية فلا يسمح لها، لذلك فوجود تركيا في الحلف الأطلسي كانت حالة إستثنائية فرضتها ظروف الحرب الباردة، فهذا الحلف سوف يجامل تركيا شكليآ لا شك، لكنه لا يَذهب معها بعيدآ على حساب مسيحية روسيا. فتعويل تركيا كثيرآ عليه، واخذها العِزة بالإثم والمغامرة &بمستقبل تركيا للحصول على بِضعة مليارات تحصل عليها من بعض الدول النفطية، لتنفيذ بعض السياسات والأجندات في المنطقة، لن تنفها في مناطحتها روسيا فلاديمير&بوتين العظمى .
&
التعليقات