لا شك أن هناك مستفيدين كثر من وجود تنظيم داعش وبقائه، هذا التنظيم المعروف بتطرفه الشديد وقسوته، بحق المنافسين له، والشعب الكردي على وجه الخصوص.

وأول هؤلاء المستفدين وأكثرهم، هما النظامان السوري والتركي على حدٍ سواء. وبدليل تجنب هذا التنظيم التعرض لكلا النظامين، وبالمقابل إمتناع هذين النظامين القيام بأي عمل ضد هذا التنظيم المجرم، رغم كلام بشار الأسد وأردوغان الكثيرعن محاربة الإرهاب.

فنظام بشار الأسد المتخصص في القضايا الإرهابية، وذو الخبرة الطويلة في إنتاج وتفريخ المنظمات الإرهابية، مثل داعش قادر على تسيرها لمصلحته، وهو من أوجد هذا التنظيم بهدف خلق بعبع يخيف به السوريين والعالم معهم، ووضعهم أمام خيارين أحلاهما مر، فإما أن يختاروا نظامه المجرم، أو أن يختاروا تنظيم داعش الإرهابي، ولكنه فشل في تسويق هذه البضاعة الفاسدة في السوق السياسية الدولية لحد الأن.

وحسب قناعتي هذا النظام قادر على إنهاء هذا التنظيم، متى ما شاء بسبب إختراقه له وتحكمه به، من خلال زرع عناصره داخل التنظيم وتقديم الدعم له، وفي اللحظة التي لا يعود النظام بحاجة إلى وجود هذا التنظيم وخدماته، سوف يتخلى عنه ويتركه لمصيره المحتوم.

وفي المقابل، فتح السيد أردوغان أبواب المطارات التركية ومعابرها الحدود الرسمية والغير الرسمية، أمام الإهاربين القادمين من كافة أنحاء العالم، والمتجهين إلى سوريا.

ولم يكتف بذلك وإنما قام أردوغان وحكومته، بتقديم كافة أنواع الدعم اللوجستي والمالي والإستخباراتي لهؤلاء الإرهابيين، لتحقيق هدفين رئيسيين هما: الهدف الأول هو ضرب الكرد، ومنعهم من إنشاء كيان خاص بهم في سوريا، والثاني إقامة حكم إخواني في سوريا. ولولا وجود جهات مستفيدة من وجود داعش، لم ظهر هذا التنظيم أساسآ، ولما سمح له بأن يتضخم إلى هذا الحد، ويهدد أمن المنطقة والعالم بأسره.&

هذا التنظيم كما هو معلوم، أكثرية أفراده من الأجانب، أي ليسوا عراقيين ولا سوريين، وإنما قدموا إلى سوريا عبر تركيا، وتحت أنظار مخابراتها، التي تعد الأنفس على كل مواطن كردي في شمال كردستان. والنفط الذي سيطر عليه داعش يشتري منه طرفين محددين، هما تركيا عبر صهر أردوغان الذي إشترى من داعش النفط حتى الأن بحوالي 800 مليون دولار بنصف السعر وباعه في الأسواق التركية بالأسعار العالمية. ونظام بشار الأسد، هو الأخر يشتري النفط من داعش لحاجته الماسة للوقود لتشغيل ألته العسكرية، لمواصلت حربه الإجرامية على الشعب السوري.

ولائحة المستفدين لا تقف عند هذين النظامين، وإنما تشمل العديد من الدول والجهات، منها إيران وحزب الله، والحكومة العراقية الشيعية، وإسرائيل وأمريكا ونظام السيسي.

وعلى الضفة الإخرى، فإن أول الخاسرين، وأكثرهم ضررآ من ظهور تنظيم داعش وأخواتها، هما الشعب السوري والشعب الكردي. ورأينا كيف ذهبت الثورة السورية ضحية للأعمال الإجرامية، التي قام بها هذه التنظيمات الإرهابية ضد السوريين وثورتهم، وحولوا البلد إلى خراب مع نظام الطاغية بشار. وثانيآ الحرب الإجرامية، التي شنها هذه التنظيمات وعلى رأسهم تنظيم داعش، ضد الشعب الكردي في جنوب وغرب كردستان، معروفة للجميع ويكفي أن نذكر بالمجازر، التي ارتكبها هؤلاء الارهابيون القتلة، بحق الكرد الايزيديين في مدينة شنكال.

والخاسر الأخر من وجود داعش وجبهة النصرة وبقائهما، هو الدين الإسلامي وعامة المسلمين أنفسهم. والخاسر الثالث هم المسلمين المقيمين في أوروبا ويرغبون العيش بسلام، والخاسر الرابع هما ضحايا هذه التنظيمات الإرهابية من مواطنين أبرياء وسواح ومسافرين مسلمين كانوا أو مسيحيين أوروبيين، وخامس الخاسرين،هم اولئك الشباب الصغار المغررين بهم ولا يفقهون في الدين والدنيا بشيئ.

وبرأي إن هذه التنظيمات باقية، مادامت هناك جهات وأنظمة مستفيدة من وجودها، وكل هذا الحديث عن محاربة داعش، ليس سوى كلام هدفه تهدئة مخاوف المواطنيين وشراء الوقت لا أكثر. إن الذي يريد محاربة الإرهاب والإرهابيين لا يحتاج إلى إعلان ذلك على شاشات التلفزة. ثم أليس هناك تحالف دولي يضم 60 دولة تدعي إنها تحارب تنظيم داعش منذ سنة، فماذا كانت النتيجة؟ وقبل شهرين إنضمت روسيا للمحاربين لداعش ومع ذلك إستطاع التنظيم القيام بتنفيذ هجمات باريس، والتي ذهبت ضحيتها

أكثر من 120 ضحية برئية. فهل يعقل إن كل هذه الدول غير قادرة على دحر هذا التنظيم؟؟ الجواب هذا ليس صحيحآ، والصحيح إن هذه الدول تقول شيئآ في النهار وتعمل عكسه في الليل.

إن الذي يحارب تنظيم داعش على الأرض هو الطرف الكردي فقط، وبالذات قوات الحماية الشعبية، ومن بعدها تأتي قوات البيشمركة، ولهذا إستطاع الكرد تحرير مجمل الأراضي الكردستانية، ما عدا بعض الأمكان مثل جرابلس وإعزاز ومنبج، لأن الطرف الأمريكي لا يرغب في إزعاج حليفه التركي. لا شك إن الدعم الجوي الأمريكي كان له دور مؤثر في تحرير تلك المناطق، ولكنه مازال دون مستوى المطلوب، إذا كنا فعلآ نريد القضاء على داعش وبقية المنظمات الإرهابية العاملة في كل من سوريا والعراق.