حلول مبتكرة لمقاومة التطرّف والارهاب (14)
في ٢٧ ابريل عام ١٩٧٨ قام الحزب الشيوعي الافغاني (الحزب الديموقراطي الافغاني) بالاستيلاء على الحكم وبدا في إصلاحات اشتراكية واجتماعية شديدة تتعارض تماما مع التقاليد الدينية الموروثة للشعب الافغاني مما أدى الى قيام معارضة شعبية كبيرة ضد الحكم الشيوعي والمدعوم من الاتحاد السوفيتي، وعندما اشتدت المعارضة الشعبية وبدات في اتخاذ شكل المعارضة المسلحة، طالبت الحكومة الشيوعية في كابول ( بناء على معاهدة دفاع مشترك) بتدخل القوات السوفيتية ضد المعارضة المسلحة، وبالفعل وفي ٢٥ ديسمبر عام ١٩٧٩ دخلت قوات الجيش الأربعين السوفيتي الى أفغانستان ولم تخرج منها نهائيا الا في ١٥ فبراير عام ١٩٨٩. ووجدت الحكومة الامريكية عن طريق جهاز المخابرات المركزية فرصة كبيرة لإغراق الاتحاد السوفيتي في مستنقع أفغانستان كما غرقت أمريكا من قبل في مستنقع فيتنام، ولم تشأ أمريكا ان تدفع بقوات أمريكية لمواجهة قوات سوفيتية وإلا قامت الحرب العالمية الثالثة، لذلك توصلت المخابرات المركزية الامريكية الى حل جهنمي وهو ان يتم تدريب الثوار الافغان بمعرفة أمريكا وان ينضم إليهم العديد من المقاتلين العرب والباكستانيين ويتم تسليمهم أسلحة أمريكية خفيفة من بنادق رشاشة م ١٦ وصواريخ مضادة للطائرات تحمل على الكتف مثل ستنجر الامريكي والذي اثبت فعالية كبيرة ضد الطائرات السوفيتية. وتم تمويل تلك العمليات باموال سعودية، معادلة أمريكية عبقرية أموال بترودولار من السعودية + أسلحة أمريكية + مقاتلين عرب وأفغان، وكانت النتيجة هي هزيمة الجيش السوفيتي بعد عشر سنوات من الصراع في أفغانستان بدون اراقة نقطة دم أمريكية واحدة، وانضم الى القتال في أفغانستان العديد من الشباب السعودي المتحمس والعديد من الشباب المصري وغيرهم من الإسلامويين العرب سواء بدافع العقيدة او بدافع المال وكان في مقدمة هؤلاء اسامة بن لادن وأيمن الظواهري.
واعطى الانتصار الاسلامي بواسطة ما سمي فيما بعد بالأفغان العرب ، زخما كبيرا لحركة الاسلام المسلح ولم لا فقد كانت هزيمة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان على يد الاسلام المسلح هي المسمار الأخير في نعش الاتحاد السوفيتي، ونشا تنظيم القاعدة من رحم الحرب ضد الاتحاد السوفيتي وهو تنظيم مصري سعودي في الأساس استطاع ان يجمع ما بين العقيدة الوهابية وعقيدة الاخوان المسلمين ممثلة في تنظيم الجهاد المصري، وكما يحدث دائماً انقلب السحر على الساحر، وضرب تنظيم القاعدة ضربته الكبرى في نيويورك في ١١ سبتمبر ٢٠٠١، والكثير من منظري وأعضاء الاسلام المسلح اليوم يؤمنون تماما بأنهم كما استطاعوا القضاء على امبراطورية الشر الاولى الممثلة في الاتحاد السوفيتي فان باستطاعتهم القضاء على الشيطان الأعظم ممثلا في أمريكا .
...
ودور البترودولار في تمويل التطرّف والارهاب بدا بقصد في بعض الأحيان وبحسن نية في احيان كثيرة، فأموال البترودولار قامت ببناء العديد من المراكز الاسلامية حول العالم والتي قامت بالترويج للمذهب الوهابي المتطرف عن طريق أئمة اعتنقوا هذا المذهب والذي يؤمن أصحابه بأنهم اتباع الدين الحق والدين النقي، كما ان أموال البترودولار قامت بتمويل العديد من الجمعيات الخيرية والتي كانت تبدو وكأنها تقوم بأعمال خيرية ولكنها في الحقيقة كانت تمول التطرّف وتقوم بالعناية بأسر "المجاهدين" والبنوك الاسلاميةً العديدة والتي انتشرت بحجة ان البنوك الاخرى هي بنوك ربوية قامت ايضا بتمويل مشروعات في ظاهرها مشروعات استثمارية ولكنها كانت تستخدم لتمويل مراكز التطرّف.
...
ولست اُذيع سرا بان أموال البترودولار قامت بتمويل العديد من المنظمات الإرهابية حول العالم وعلى سبيل المثال قامت أموال البترودولار العربية بتمويل منظمة حماس نكاية في منظمة فتح ورئيسها ياسر عرفات والذي قام وبغباء شديد بتأييد غزو صدام حسين للكويت، كما ان أموال البترودولار الإيرانية قامت ولا زالت تقوم بتمويل حزب الله حتى اصبح دولة داخل الدولة في لبنان، وبعد ان كان حسن نصر الله بطلا قوميا في العالم العربي والإسلامي اثناء حرب اسرائيل مع حزب الله عام٢٠٠٦، اصبح حزبه حزب الشيطان بدلا من حزب الله، والحقيقة ان حسن نصر الله لم يتغير فهو دائماً وأبدا تلميذ ايران النجيب سواء كان يحارب ضد اسرائيل او يحارب المعارضة السورية الى جانب حافظ الأسد، فهو في كل الأحوال يعمل لحساب ايران.
وكما انقلب السحر على الساحر في جريمة ١١ سبتمبر عام ٢٠٠١ انقلب السحر على الساحر ايضا في السعودية فها هو تنظيم القاعدة والتي ساهمت السعودية بأموال البترودولار في إنشاءه يضرب في عمليات ارهابية متتالية في السعودية وسمعنا عن تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية والذي يتخذ من جبال اليمن قاعدة له.
...
فما هو الدرس المستفاد من كل هذا؟ عندما تقوم باستخراج العفريت من القمقم يجب ان تعرف كيف تصرفه او كيف ترجعه الى القمقم مرة اخرى وإلا ربما ينقلب عليك، وراينا ذلك يتكرر دائماً فها هم رجال الاسلام المسلح الذي تبناهم السادات وأخرجهم من السجون للقضاء على اليساريين والناصريين بعد وفاة عبد الناصر ينقلبون عليه ويقومون باغتياله في يوم فرحه يوم ٦ أكتوبر .
...
لذلك اقترح على أموال البترودولار ان تكف عن تمويل التطرّف& سواء كان هذا عن طريق تمويل جمعيات خيرية او بنوك إسلامية او رعاية أسر المجاهدين او بناء مراكز إسلامية او تحت اي مسمى اخر، وان تتوقف عن نشر المدهب الوهابي حول العالم، وان توجه أموال البترودولار الى التنمية والى التخطيط لمرحلة ما بعد البترول.
[email protected]
التعليقات