خنجر اسرائيل، عنوان لكتاب اصدره عام 1957 الكاتب الهندي ر.ك. كرانجيا، واعيد نشره قبل سنوات، يزعم مؤلف الكتاب وجود خطة اسرائيلية لتقسيم العراق الى عدة دول. وشخصيا قرأت في مقابلة مع وزير خارجية النظام البعثي حينها السيد طارق عزيز مع مجلة اليقضة الكويتية انه قال مبررا الحرب ضد ايران ان هناك مخطط لتقسيم العراق الى دولة شيعية وسنية وكوردية واثورية (اشورية). وطبعا لو عملنا بحث حول المؤامرات المزعومة او لنقل الحقيقية لتقسيم العراق وسوريا والمنطقة كلها، سنجد الالاف من المقالات التي تدعي وجود مخطط بريطاني قديم، او امريكي، او صهيوني او مشترك، لتحقيق التقسيم، واغلب هذه المخططات يتم تنفيذها لحماية اسرائيل، حسب الادعاء طبعا. وهذه المخططات مكشوفة للجميع بدليل ان حولها كتب وابحاث ومقالات صحفية.

عندما تعلن الدولة س او عدد من الدول معاداتها للدولة ص، فان ص وبغض النظر عن الشرعية او اي امر اخر، بل من باب الشعور بالمسؤولية والواجب، تتخذ احتياطياتها المختلفة، كان تشتري او تنتج الاسلحة اللازمة للتصدي لهذا العداء المعلن، او ان تعمل جاهدة لتكون جزء من حلف اقتصادي سياسي عسمري يحميها من مغبات الاعتداء من قبل الاعداء المعلنين، او ان تعمل من اجل جمع معلومات استخباراتية وسرية حول وضع س او الدول المعادية، يمكن بواسطتها تغيير المعادلة في هذه الدول او العمل من اجل خلخلة الوضع فيها بحيث لا تستطيع القيام باي شئ ضد ص. هذه وغيرها من الخطوات من بديهيات العمل السياسي المسؤول، وباعتقادي ان الجميع يعرفه، ولكن علام صراخ الدول عن مؤامرات صهيونية لعرقلة التنمية والتقدم، وعرقلة الوحدة العربية والاسلامية، اذا هم يدركون انهم مستهدفون من الدولة الصهيونية بدليل اعلانهم العداء المطلق لها.

اليوم تنتشر الدعايات والاجتهادات التي تقول ان العراق وسورية ومصر والعربية السعودية وليبيا ستنقسم، مرة يعزون الامر الى الصهيونية او الى برنارد لويس او الى جون بايدن نائب الرئيس الامريكي اوباما وهلم جر من سلسلة المتهمين بهذه الجريمة الكبرى!!! ولتحقيق غاياتهم الاجرايمة يقومون ((المخططون)) باشعال نيران الفتن الطائفية والصراعات القومية. ومن هنا فان الكثير من المحللين السياسين العرب او المفكرون القوميون والاسلاميون، يشيرون الى الحركات المطالبة بالمساواة والعدل والانصاف بان هذه الحركات تريد تنفيذ المخططات الصهيونية. وعلى سبيل المثال المقاومة اللبنانية التي اندلعت ضد تصرفات وتجاوزات منظمة التحرير الفلسطينية والتي قادها حينها حزبا الكتائب والاحرار، نظر اليها على انها حركات ترمي لفصل لبنان عن جسده العربي والمحيط الاسلامي، لان من قاد هذه المعارضة كان يرمي الى وضع الامورفي نصابها والاحتكام الى قانون الدولة اللبنانية والاهم انه كان مسيحيا. بدليل انه لم ينظر الى ما قام به الملك حسين في شهر ايلول عام 1970 من القضاء وطرد كل التنظيمات الفلسطينية من الاردن مع ما رافق ذلك من قتل وسجن الكثير منهم، كتحرك معادي للوجود العربي الاسلامي، بل خلاف سياسي قابل للحل. ويمكن ادراج امثلة اخرى فحصار المخيمات وما رافق ذلك من قتل وتجويع الفلسطينيين من قبل منظمة امل الشيعية الاسلامية، وما رافق حصار حافظ الاسد للمخيمات الفلسطينية والمجازر التي اقترفت حينها لم يتم مماثلتها مع ما تم اقترافه في مخيمي صبرا وشاتيلا والذي اتهمت به القوات اللبنانية مع اعتبار ان النتائج كانت واحدة وهي القضاء على اناس اغلبهم ابرياء لا ذنب لهم.لا بل كانت حدود الدول العربية ذات التوجهات القومية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية مثل مصر وسوريا والاردن حدود امنة لاسرائيل على رغم غنى وقوة جيوش والعدد الكبير لسكان هذه الدول قياسا الى لبنان، الا ان الاستقواء كان على لبنان لانه كان دولة متعددة في تكوينها وكان يراعي هذا التعدد حتى في سياسيته الداخلية والخارجية، والاهم انه كدولة رسميا لم يتاجر بالشعارات القومية، وان كانت خدمات البلد للشعوب في الدول الشرق اوسطية اكبر من اي دولة اخرى.&

في الوقت الذي يمكن ملاحظة وبوضوح تام التعامل المزدوج في الفعل ذاته كما اوضحت اعلاه، وحسب دين او احيانا قومية او مذهبية الفاعل، فان الصراخ يعم ما يسمى العالم العربي بالتعامل المزدوج من قبل الاخرين؟ ففي الوقت الذي تم وصم لبنان بانه بلد الطوائف وليس وطنا لكل ابناءه وقد يكون في ذلك بعض الحقيقة، من حيث ان الطوائف القوية تستحوذ على اغلب المناصب والمصالح في البلد، وهو امر معلن وهناك اتفاق وطني عليه. في ذلك كانت اغلب الدول العربية تتغني بانها دول لكل ابناء الشعب وانها ترمي لتحقيق الطموحات القومية للامة العربية وبعضها كان يرمي لتحقيق عوة الاسلام،ولكنها في حقيقة الامر كانت دول طائفية بامتياز ولكن بشعارات قومية او دينية، ليس اليوم بل منذ ان بدات مرحلة الثورات والانقلابات. ففي الوقت الذي تمكنت وبقرار فوقية من سلخ اعداد من مواطنيها لكونهم يهود، فانها تدريجيا همشت ابناء الاديان والمكونات القليلة العدل من المشاركة في القرار الوطني، ويلاحظ انه بعد مرحلة الانقلابات تم تهميش المسيحيين في العراق وسورية ومصر، كما م تهميش الكورد في العراق وسوريا.

وكما اشرت فان اي مطالب ذات نبرة قومية او دينية اعتبر من قبل هذه الدول عاملا لاضاعف الدولة ووحدتها وتوجهها العروبي والاهم عاملا في اضعافها تجاه المعركة العربية المركزية. وفي ظل مثل هذه المفاهيم الشمولية والتي ارادت صهر الناس بالقوة في اطار قومي واحد، وارتقى لاحقا في العراق وسوريا الى حزبي وحيد، تعمقت مشاكل المكونات الاخرى في هذه الدول، وازدات المعاناة اليومية، فمن تسفير مئات الالاف من الشيعة العرب والكورد ومن الاشوريين والارمن في العراق في بداية التسعينيات بحجة اصولهم الايرانية، الى فرض العروبة بشكل قانوني في العراق وسوريا على البلد ككل، بحجة انها قومية الاكثرية. وفي العراق وثاناء تاميم النفط تم بشتى الطرق تعريب شركة النفط العراقية IPC، من خلال دفع الموظفين الغير العرب لتقديم تسنقالاتهم مقابل بدل نقدي بسيط. وتم تبعيث الجيش والاجهزة الامنية وحتى الكثير من الكليات من التربية والتعليم. ويمكن على هذا المنوال عد الكثير من الممارسات التي اقترفت بحق المكونات الاخرى مثل الانفال وتدمير الالاف من القرى الكودرية والاشورية وحصر سكانها في مجمعات خاضعة للرقابة والاذلال اليومي. ان ما تمارسه منزمة مثل داعش اليوم مورس قبلا ولكن في ظل تكتكم اعلامي وصمت دولي تام.

اي ان هذه الدول وبدلا من احباط المؤامرات المزعومة من قبل الصهيونية، من خلال منح الحريات والاقرار بالحقوق القومية والمساواة بين الافراد بغض النظر عن الدين والقومية واللغة، رسخت وجعلت من مطالب المكونات المختلفة محقة اكثر ودفعتهم للالتجاء لكل الطرق لحماية الذات المستلبة.

انه بالحقيقة ليس خنجر احد، انه خنجر الانظمة التي ابتلت بها المنطقة، انه خنجر دقع الامور وبالقوة في اتجاه معين وقسر الناس عليه دون رغبتهم. ان ما يحدث للمنطقة هو نتاج الشعارات العروبية والاسلاموية ليس اكثر، انه الخنجر الذاتي والذي ضرب بعمق في خاصرة الاوطان التي يدعون الدفاع عنها.

&