أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في خطاب مفاجئ أن الأردن قوي وصامد بثبات على مرّ العقود في وجه كل من راهن على سقوطه. وقال إنه أثبت أنه أقوى وأكبر من كل ضعاف النفوس، الذين يتربصون به. وفي خطابه للأسرة الأردنية الواحدة، أكد فيه "أن قوتنا ودورنا الـمحوري في المنطقة والعالم ليس صدفة، بل هو من صنع الأيدي الأردنية المثابرة المبدعة، التي وضعت الأردن على خارطة التميّز والإنجاز، ورفعت راية الأردن عالياً في مختلف الميادين". وهذا ما يميز نظام ملكي أردني عقلاني من أنظمة الفشل العربي الجمهوري الثوري.
لنعد للخلف ونتمحض الفروق الشاسعة بين الأنظمة الملكية وأنظمة الشعارات التي تضطهد شعوبها وتدمر البلاد من أجل التشبث في السلطة.
&
العراق بعد الملكية:
استمر الحكم الملكي الهاشمي في العراق حتى عام 1958، عندما أطاح به انقلاب عسكري قام به االجيش العراقي، والمعروف باسم ثورة 14 تموز المشؤومة التي اسست لثقافة القتل والسحل والاعدامات العلنية في الساحات العامة والتصفيات العرقية والدينية والمذهبية، والذي قاد الانقلاب ضابط يدعى عبد الكريم قاسم مع زمرة من ضباط الجيش. ونتج عن هذا الانقلاب المشؤوم دخول العراق في نفق من الخراب والدمارعلى الوطن والشعب وأشير لما كتبه رجل عراقي في الذكرى الخامسة والخمسين عام 2013 " هؤلاء الانقلابيون ومن ايدهم وآزرهم وطبل وصفق لهم ومن تناسل منهم، هم المسؤولون الأوائل عن خراب وتدمير العراق، فقد اسسوا لثقافة كانت غريبة على مجتمعنا العراقي عندما تنادوا الى الثأر وإراقة الدماء فراح ضحية حقدهم ارواح عراقية طاهرة زكية"!
الحقيقة انه منذ ذلك التاريخ المشؤوم حتى يومنا هذا لم ينعم العراق بيوم واحد من الاستقرار والرخاء. حيث شهد العراق موجات من الانقلابات والاعدامات والاغتيالات والصراعات التي أفرزت صدام حسين الذي شن حربه على ايران واضطهد الأكراد والشيعة واحتل الكويت وفتح الأبواب للتدخل العسكري الخارجي وتلى ذلك سقوط بغداد وانتهى الأمر بالعثور عليه مختبأ في حفرة بائسة قبل اعدامه. ومنذ عام 2003 حتى هذه اللحظة بقيت العراق ملعبا للصراعات الطائفية والارهاب والتدخل الايراني والاحتلال الداعشي لاجزاء من العراق. والذين استلموا زمام الأمور في الحكم فشلوا حتى الآن في بسط السيادة والاستقرار والأمن في العراق. فهناك حاجة لعشرات المقالات والمجلدات لاعطاء الموضوع حقه من التحليل.
&
سوريا الشعارات والقومجية الزائفة:
أما في سوريا ومنذ انقلاب حافظ الأسد على زملاءه عام 1970 عندما قاد انقلابًا عسكريًا على رفيق دربه «صلاح جديد» ورئيس الجمهورية نورالدين الأتاسي في 16 نوفمبر 1970، فيما يعرف بـ«الحركة التصحيحية»، وسجنهما مع العديد من معارضيه بقيت سوريا دولة بوليسية قمعية وشرسة في التعامل مع اي معارضة في الداخل وحملا وديعا بما يتعلق باسرائيل.
وتولى «الأسد» رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الدفاع في 21 نوفمبر 1970، ثم ما لبث أن حصل على صلاحيات رئيس الجمهورية في 12 مارس 1971، ليكون بذلك أول رئيس في التاريخ السوري ينتمي إلى الطائفة العلوية. وشهدت سوريا صراعات ومجازر أشهرها مجزرة حماة المروعة حيث قتل النظام أكثر من 20 الف مواطن وأشرف رفعت الأسد عم بشار الأسد على هذه المجزرة عام 1982 ولا يزال ينفي انه لعب دورا فيها وعندما قابلته للمرة الأولى في آيار 2005 في مكاتب قناة ايه أن أن الفضائية في لندن أقسم لي بأنه لم يؤذي فأرا او حشرة حتى قبل ان أفتح الموضوع معه.
أما ليبيا التي حكمها معمر القذافي بالحديد والنار وصاحب الكتاب الأخضر ونظرية زنقة زنقة الذي أفقر البلد وأعدم الآلاف من الليبيين وكان يهيء ابنه سيف الاسلام لخلافته لولا سقوط النظام في خريف 2011 وانتهى به الأمر بأحد المصارف الصحية للمياه العادمة حيث قتل بطريقة بشعة.
أما الجمهورية السودانية العتيدة التي يترأسها عمر البشير صاحب مجازر دارفور والهارب من العدالة الدولية تقمع كل من يعارض النظام وتطبق الشريعة الاسلامية حتى على غير المسلمين. لم يتورع نظام البشير المجرم من اعدام ثمانية وعشرين ضابطا و أكثر من أربعة وخمسين جنديا ليلة القدر في اليوم الثامن والعشرين من شهر رمضان 24 ابريل 1990. البشير يواصل خطى سيء الذكر جعفر النميري الذي أعدم معارضيه السياسيين شنقا في السبعينات والثمانينات.
&
لنقارن أنظمة القمع الثورية بالأنظمة الملكية:
قارن تلك الجمهوريات الثورية الوراثية القمعية بالأنظمة الملكية في المغرب والسعودية والأردن وستجد الفرق الشاسع. هذه الدول لا تقصف شعوبها بالطائرات ولا تعدم الناس في الشوارع. أثبتت الملكيات أنها أكثر انسجاما مع شعوبها من الأنظمة الثورجية القومجية الجمهورية وأثبتت الملكيات انها أكثر احتراما لشعوبها واكثرا مراعاة لحقوق المواطن وحقوق الانسان دون الحاجة لرفع شعارات رنانة للضحك على الساذجين في الشارع العربي.
باستثناء البحرين التي تشهد حالة من التوتر بسبب التدخل والتحريض الايراني فان المغرب والسعودية والأردن ودول الخليج تتمتع باستقرار سياسي ومناخ آمن وأجهزة أمنية قوية للحفاظ على سلامة وأمن المواطن وليس لقمعه والتنكيل به كما يحدث روتينيا في انظمة القمع الجمهورية. وكمثل بسيط على ذلك أسلط الضوء على النظام الهاشمي في الأردن وأقارنه مع الجمهوريات المجاورة.
بعد وفاة الرئيس السوري "حافظ الأسد"،الذي حكم سورية خلال ثلاثة عقود (1970-2000) ورث بشار الأسد منصب رئيس الجمهورية بعد تعديل سريع للدستور وواصل سياسة والده القمعية التي شملت المجازر والاعدامات والتصفيات وزعزعة الاستقرار في لبنان واغتيالات خصومه السياسيين&والاعلاميين. مختصر الكلام ان بشار لم يكن مؤهلا ان يكون رئيسا للجمهورية حيث ظهرت ملامح الغباء والتهور في تعامله مع الاحتجاجات السلمية منذ ربيع عام 2011.
في المملكة الأردنية الهاشمية يوجد دستور واضح يفصل السلطات الثلاث ويحدد صلاحيات الملك. صدر الدستور الأردني في 8 يناير/كانون الثاني 1952، في عهد الملك طلال والد الملك الحسين طيب الله ثراهما وجدُّ الملك عبد الله الثاني بن الحسين. ويتكون الدستور من تسعة فصول، و131 مادة دستورية، وقد اعتبر واحدا من أكثر الدساتير العربية نصا على فصل السلطات، وعلى الحريات العامة بمواد واضحة، وعلى منح حق العمل السياسي والحزبي والتنظيم النقابي للمواطنين.
&
&
&
&
&
&
&
&
&
التعليقات