&

وصل التهديد الإيرانى للعرب الى مداه.. أعلن على يونسى مستشار الرئيس الإيرانى فى مؤتمر صحفى قبل القمة العربية بأيام أن بغداد هى عاصمة الإمبراطورية الإيرانية.. اذن الأمر جد خطير.. فهذا التصريح يفوق فى خطورته حلم إسرائيل الكبرى عدوه العرب التاريخية التى كانت تردد " من النيل للفرات "..&
&
إيران راهنت على إسقاط العروبة.. فعندما ما يتحدث الرئيس الإيرانى روحانى الى جمع حاشد من مواطنيه الشهر الماضى قائلا أنه لا يمكن تحقيق السلام فى المنطقة إلا من خلال إيران.. فهو هنا يبعث برسالة للعالم بأنه ليس أمامكم من طريق سوى الإتفاق معنا على الملف النووى.. وأضاف لقد رأيتم كيف ساهمت طهران فى مساعده شعوب العراق وسوريا ولبنان واليمن على مواجهة الإرهاب.. إذن طهران مستعدة للدفاع عن الأنظمة الحليفة لها فى المنطقة وقتل الشعوب العربية إذا ما عارضت سياسة إيران.. القمة العربية وعاصفة الحزم كانا موجهين أساسا الى الشعور بالإستعلاء والحس الإمبراطورى والهيمنة الفارسية التى إيقظت الأحلام القديمة لكسرى قبل دخول الإسلام إليهم..
&
الأخطر أن مصر والسعودية وحلفائهما شعرا أن أيران تسخر أحزابها وميلشياتها وحوزاتها فى الوطن العربى لخدمة التفاوض مع القوى الأكبر لإنهاء الملف النووى وعقوباته عليها.. إذن الهدف ليس إنقاذ باب المندب أو قناة السويس فقط، لكن الأهم هو إنقاذ العرب من أن يصبحوا كارتا فى يد قوة إقليمية تفاوض عليه وتلعب به لتحل مشاكلها الداخلية والخارجية.. إذن هدف الحرب التى يشنها التحالف العربى الآن هو تقليم أظافر وأنياب طهران وتحرير الإرادة اليمنية وشعوب أخرى من تغول إيران وإستبعاد العنصر الفارسى من صنع السياسات العربية وتحرير المصالح العربية من يد طهران.. القومية العربية والهوية الفارسية عدوان.. لا يمكن أن نتعانق معهم ونهاودهم – كما يزعم هيكل – تحت ستار أننا نمثل تحالف إسلامى.. لقد كانت تركيا مسلمة وأستعمرت العالم العربى.. الآن طهران تستعمرنا بالوكالة وليس من خلال إحتلال مباشر.. وربما يسألنى البعض ما الذى جعل القمة العربية بشرم الشيخ ناجزة وحازمة؟..
&
فيما مضى لم يكن العربى مضطرا الى متابعة سير القمة العربية.. كان يعتقد أن الغرض منها لا يتجاوز إظهار القدرة على الإجتماع تحت سقف واحد.. وأن المقررات هى فى النهاية عبارات عمومية ستبقى حبرا على ورق.. وأن القمة المقبلة ستعيد إنتاج قرارات القمة المنصرمة وتمنياتها.. وكان مرد هذا الشعور لدى العربى إحساسه بأن الأمة سلمت بعجزها وتنازلت عن حقها فى التأثير فى مصيرها ومصير المنطقة التى تنتمى إليها..
&
أعطت قمة شرم الشيخ أنطباعا مختلفا.. وأوحت أن الأمة التى شعرت بحجم التهديدات المحدقة بها وخطورة الحرائق المندلعة بين ضلوعها قررت إستجماع إرادتها لتفادى إكمال رحلتها نحو الهاوية.. والحقيقة أن لا مفاجأة فى إلتئام شمل القمة.. ولا فى القرارات التى صدرت عنها... كان متوقعا أن تعطى القمة شرعية عربية كاملة لـ" عاصفة الحزم " وأن تظهر العزلة العربية الكاملة لمنفذى " الإنقلاب " فى اليمن وداعميهم وكان متوقعا أيضا أن تقر مبدأ تشكيل " قوة عربية مشتركة "..
&
المتابع لأعمال قمة شرم الشيخ استوقفته ثلاث محطات وبضع جمل.. إعراب الملك سلمان بن عبد العزيز عن الأمل فى " أن يعود من تمرد على الشرعية لصوت العقل، والكف عن الإستقواء بالقوى الخارجية والعبث بأمن الشعب اليمنى العزيز، والتوقف عن الترويج للطائفية وزرع بذور الإرهاب ".. المحطة الثانية تمثلت فى الهجوم العنيف الذى شنه الرئيس عبد الفتاح السيسى على إيران وإن من دون تسميتها.. قال أن " الظروف أغرت أطرافا فى الإقليم وفى ما ورائه، وأثارت مطامعها إزاء دول عربية بعينها، فأستباحت سيادتها واستحلت مواردها وأستهدفت شعوبها.. " ولم يسبق لمصر السيسى أن وجهت مثل هذه الإنتقادات الصارمة التى وجهها الى سياسة روسيا فى سورية مثلا..
&
يمكن تفسير مناخات قمة شرم الشيخ بالإلتفات الى ثلاثة أخطاء كبرى أرتكبت فى اليمن.. الأول أرتكبته مجموعة " أنصار الله " حين أعتبرت أن من حقها قلب الطاولة اليمنية على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادى ومخرجات الحوار الوطنى والمبادرة الخليجية.. وأى قراءة هادئة للتركيبة اليمنية وتعقيداتها ولموقع اليمن وحساسيته تظهر أن الحوثيين أرتكبوا مجازفة بالغة الخطورة..
&
الخطأ الثانى أرتكبه يمنى طالما اشتهر بالبراعة وأستعذب ممارسة السلطة على قاعدة " الرقص على رؤوس الثعابين ".. مشاعر الثأر تغتال التحفظ والكيدية تعطل البراعة.. قد يكون على عبد الله صالح استمتع برؤيه غريمه هادى محاصرا فى منزله يرسل كتاب استقالته.. وقد يكون سخر من اضطراره الى الفرار الى عدن.. لكن البراعة خاصمته حين سهل للحوثيين الإستيلاء على صنعاء وأسلحة الجيش وحين زايد عليهم فى الرغبة فى طرد الرئيس من عدن.. أرتكب على صالح مجازفة كبرى..
&
يمكن القول أيضا أن إيران التى كانت منخرطة فى المفاوضات النووية أرتكبت فى اليمن خطا يمكن اعتباره مجازفة خطرة.. وقد تكون استندت الى نجاحها سابقا فى انتهاك الخطوط الحمر فى أكثر من مكان من دون التعرض لهجوم مضاد.. لا إسقاط صنعاء بسيط ولا مهاجمة عدن ولا وضع اليد على باب المندب.. وتناقض الغلطة الإيرانية فى اليمن تاريخا من البراعة أظهرته السياسات الإيرانية فى التقدم والتمكن فى أنحاء أخرى من الإقليم..
&
القاسم المشترك بين مرتكبى الأخطاء الثلاثاء هو سوء تقديرهم لرد فعل السعودية المجاورة.. أغلب الظن أنهم أعتقدوا أن السعودية لا تملك غير سياسات الصبر، وأن الحكمة ستدفعها الى قبول الأمر الواقع المفروض حتى ولو كان يشكل أخطارا على أمنها واستقرارها.. لم يتخيل مرتكبو الأخطاء الثلاثة أن السعودية وفى ضوء محاولة تطويقها وتحجيم ثقلها ودورها ستتخذ قرارا إستراتيجيا مخالفا لتحفظها التقليدى.. والقرار هو توظيف قدراتها العسكرية وثقلها العربى والإسلامى وترسانتها من العلاقات الدولية فى خدمة سياسة رادعة فى الإقليم المضطرب.. ولعل مرتكبى الأخطاء الثلاثة أعتقدوا أن مصر الحالية المنشغلة بأمنها وجوارها وإقتصادها لن تتخلى عن سياسة مهادنة إيران أملا فى لعب دور الوسيط فى الأزمة السورية إنه سوء تقدير مكلف..
&
&الصراع المذهبى&
ويبقى أن نحرر الرأى العام من شبهه أن حرب اليمن هى مواجهة بين السنة والشيعة.. فليس كل شيعى بالضرورة يوافق على سياسات إيران فى الوطن العربى.. فنحن نقف ضد توسع طهران وليس ضد مذهبها.. فمثلا حزب الله اللبنانى الشيعى يعارض حركة أمل الشيعية.. الأول إيرانى الهوى والثانية تؤمن بالعروبة.. وفى العراق نفسة هناك شقاق بين مصلحة إيران ومصلحة سياسى مخضرم مثل إياد علوى رغم أن كليهما شيعى.. هناك عشائر شيعية فى العراق ضد الإحتلال الأمريكى والإيرانى والزعيم الشيعى مقتدى الصدر يتقاطع مع توجه إيران الفارسى.. أننا فى مواجهتنا العسكرية والسياسية مع حلفاء إيران نميز بين ما هو دينى وما هو سياسى.
&
تورط حزب الله!
.
واشنطن لم تتفاجأ بالتحرك العسكرى فى اليمن والذى لم يكن من باب المصادفة ان يعلن بدايته السفير السعودى فى الولايات المتحدة عادل الجبير،وعلى بعد كيلو مترات من البيت الابيض ف "عاصفة الحزم "هى المرة الاولى منذ الحروب العربية –الاسرائيلية التى تتحرك فيها دول المنطقة عسكريا من دون مشاركة امريكية، على الرغم انة تم "ابلاغ" واشنطن واستعرضت معها الخيارات المتاحة منذ بدء الازمة فى اليمن الصيف الفائت.
الموقف الامريكى يدعم العمليات وفق ما اكد الرئيس باراك اوباما لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وهو على غرار الرياض ملتزم حل سياسيا للازمة... التلاقى الامريكى –السعودى ينعكس ايضا فى قراءة البعد الجيو- استراتيجى فى صنعاء والخيوط الايرانية الداعمة للحوثيين وجماعة النظام السابق ففى حين اكد الجبير لمحطة "ان.بى.سى "ان عاصفة الحزم تهدف الى حماية الشعب اليمنى والدفاع عن حكومتة الشرعية من مجموعة مدعومة من ايران وحزب الله، تحدث مسؤولون امريكيون عن تلقى الحوثيين تدريبات من الحرس الثورى الايرانى.
&
مصادر فى العاصمة الامريكية تذهب ابعد من ذلك وتلفت الى تواجد عناصر من "حزب الله " اللبنانى فى صعدة والى ان مقاتلين حوثيين توجهوا الى لبنان لغرض التدريب، حتى قناة "المسيرة "الحوثية تتشابة فى الشكل والمضمون مع قناة "المنار" التابعة للحزب وعلى رغم ذلك فالوضع اليمنى لم يكن ليؤدى الى ضربات جوية لولا انقلاب الحوثيين على شرعية فى صنعاء وشل الحكومة وتقويض السلطات الامنية وصولا الى تهميش وحرق المرحلة الانتقالية ومعها مسودة دستور جديد للبلاد.
&
هدف "عاصفة الحزم" استراتيجى بالدرجة الاولى ممايعنى ان العمليات ستستمر لفترة غير معروفة فعدن وصنعاء وصعدة ليست تكريت وبغداد ودرعا بالنسبة للامن السعودي وسيناريو الفوضى والتمزق فى اليمن غير مقبول امريكيا لانة سيحول هذا البلد "مغناطسيا" للمجموعات الارهابية ايا كان ممولها وهذا كان خطأ فى حسابات ايران التى جرت حلفائها اليمنيين الى مواجهة كانوا بغنى عنها...&
&
لم نعد ظاهرة صوتية
&
ويشير سبراغوار الواقع العربى الراهن فى ظل اجواء قمة شرم الشيخ الى دلالات وامور كثيرة اولها ان التنسيق الامنى والسياسى العربى بلغ مبلغا يدعو للتفاؤل وان هناك حوارات وتفاهمات بين الاجهزة الامنية والعسكرية والاستخباراتية العربية حاليا ترتقى الى مستوى التحديات وهو ما يدعو الى ضرورة التجديد النخبوى فى الافكار التى ترسخت بشأن حالة العجز العربية فمن المؤكد انه سبق القمة وعملية عاصفة الحزم مشاورات على اعلى مستوى بين القيادات والاجهزة المختصة منذ اسابيع وان مشروع القوات العربية كان مطروحا....وان القيادات السياسية تركت النخب الفكريةعند مستوى تفكيرها المتشائم بشأن المقترح،ولم تعمل على افشاء ما يجرى بشانة و هوما استهدف الحفاظ على السرية و ايضا المفا جأة بما لم يكن متوقعا وربما اطلاق روح عربية جديدة فى شعوب و مجتمعات فقدت طويلا كل امل بعمل عربى ناجز.. وتؤكد القمة بلا مبالغة ان العرب لم يعودوا ظاهرة صوتية انما افعال سبقت الا قوال فلقد ادت الضربات للحوثيين الى شد عصب النظام العربى الرسمى وتضاءلت وصغرت كل الاطراف الداخلية التى علا صوتها على صوت الدولة،والتى كان يجرى تضخيمها سابقا و كسبت مواقعها مستغلة ضعف الدولة دون اى اعتبار للمعنى الوطنى ومن المرجح ان يكون للتحرك العربى تأثيره على القوة الاقليمية الاخرى التى ستعيد منذ اليوم ترتيب اوراقها وحساباتها بشأن العالم العربى وتؤمن بأن هذا الجسد لم يعد ميتا، وانه يمكن ان يقود برد جماعى يفقد العدو توازنة على حد الكلمات الخالدة للرئيس السادات خلال حرب اكتوبر... ومنذ الان سوف يتعين على اطراف وقوى داخلية اصيبت بتضخم في الذات فى زمن التردى العربى مراجعة نفسها والعودة الى حجمها الطبيعى وعدم الرهان على اى بديل او طرف اخر غير وطنى وهذه رسالة قوية للغاية لقوى الارهاب والتطرف وجماعات الاسلام السياسى التى اختطفت الاوطان والدين على مدى العقود الاخيرة.
&
اليوم يؤكد النظام العربى الرسمى قدرتة على هزيمة قوى الغباء الداخلية التى استشرت واستفحلت ومارست الهدم لمنجزات اوطانها بلاوعى او ضمير وهى التى عاشت عالة على الوطن على الدوام ولم تضف شيئا ذا قيمة اليه ومع ذلك استعدت اوطانها وصوبت نحوها سهام الحقد والضغينة والفرقة واصطفت الى جانت اجنبى طالما تحدثت عن بغضها لة عقائديا وفكريا وعند الخلاف مع اوطانهانسيت كل شى وفجرت فى الخصومة ولن يمضى وقت طويل قبل أن يعلن الكثير من هذه القوى عن التوبة.
&