يبحث الجربوع في أول الصيف عن ثمرة القرع (وتسمى أيضا بالخفيف) فيثقب القشرة الطرية لها ويدخل فيها حيث الجو الرطب والطعم اللذيذ لقلب الثمرة فيقيم هناك طـــــــوال الصيف يأكل ويتبرد وينام و....يسمن.

في نهاية الفصل يكون حجم الجربوع قد أصبح أكبر كثيرا من الثقب الذي دخل منه وتكون قشرة القرع قد تصلبت وأصبحت كالخشب فيتعذر عليه الخروج منها. فماذا يفعل الجربوع في هذه الحالة؟ إنه يضطر لتنحيف نفســـه. يجوع ويجوع ويهزل وينتظر حتى يتسنى له الخروج من ثقب القرع. وبعدها يكتشف أنه كان ضحية مقلب صنعه بنفسه لنفسه.

ولو أن الإنسان أخذ العبرة من حياة الطيور والحيوانات والزواحف وحتى الجرابيع لما ارتكب الكثير من الأخطاء والخطايا في حياته. ولما شعر بالندم وتأنيب الضمير بعد كل ورطة وضع نفسه فيها.

ولدينا اليوم في العراق الكثير من المسؤولين الفاسدين الذين مروا بتجربة الجربوع وهم الآن داخل ثمرة الفساد يأكلون ويتبردون وينامون في العسل ولكنهم سيكتشفون يوما أن ثقب الثمرة الذي دخلوا منه سيضيق عليهم بعد أن يكونوا قد سمنوا وفاحت منهم روائح الفساد. فمن أين سيخرجون حينها؟

هل يبدأون بعملية تنحيف لجيوبهم وأجسادهم حتى تعود كما كانت من قبل؟ ربما سيكون الأوان قد فات على مثل هذه العملية وعندها لا ينفع مال ولا بنون.

النصيحة لهؤلاء أن يقرأوا كتاب الحيوان للجاحظ الذي يصف طبائع الحيوان وغرائزه وأحواله وعاداته عسى أن يجدوا فيه ما ينفعهم من الدروس والعبر ما دامت عبر الحياة البشرية ودروسها لم تنفعهم!