نقلت مواقع التواصل الاجتماعي عن زمان التركية ـ القسم العربي تصريحات للسيد اوردغان يتهم فيها حزب العمال الكوردستاني بالإرهاب ويقول ما مفاده انه ليس هناك مشكلة كوردية في تركيا ومن يقول بذلك فهو يدعو الى التفرقة والتمييز وأيضا بانه لم تكن هناك أي مفاوضات مع الجانب الكوردي.
تأتي هذه التصريحات في وقت كانت شعوب تركيا واصدقائهم و كل محبي الحرية والديموقراطية والسلام يتوقعون حدوث تطورات إيجابية لمسيرة الحل السلمي للمشكلة الكوردية في كوردستان الشمالية هذه المسيرة التي قطعت شوطا طويلا نحو الامام ابتداء من رفع المنع عن استعمال اللغة الكوردية الذي دام زهاء ثمانية عقود والاعتذار عن الجرائم والمجازر البشعة التي اقترفتها تركيا ضد الكورد في منطقة درسيم في الثلاثينيات من القرن الماضي وأخيرا التفاوض مع زعيم حزب العمال السيد عبدالله اوجلان السجين مدى الحياة في جزيرة ايمرلي حول إيجاد حل سلمي للمشكلة الكوردية.
ان تصريحات السيد اوردغان بعدم وجود مشكلة كوردية تعني مفهوما واحدا لم يتغير منذ تأسيس تركيا الحديثة و هو عدم وجود الكورد أساسا والعودة الى منطق ونظرية اتراك الجبال واتهام حزب العمال الكوردستاني بالإرهاب يعني عمليا غلق باب الحوار والحل السلمي الضامن لحقوق شعب كوردستان في تركيا عصرية متصالحة مع نفسها ومع الاخرين.
انه نفس منطق السفير التركي في القاهرة أيام الرئيس جمال عبد الناصر الذي استنكر قيام القاهرة بفتح اذاعة باللغة الكوردية فأجابه الرئيس عبدالناصر قل لي ان لديكم شعب كوردي وسالغي الإذاعة فورا وكان ان خرج السفير يجر اذيال خيبته وبقيت الإذاعة وبقي الكورد.
الرئيس التركي الذي يعيش في قصره السلطاني الذي كلف الخزينة التركية اكثر من ستمائة مليون دولار يبدو بعيدا تماما عن الاستفادة من تجارب الماضي القريب والفشل الذريع الذي منيت به الحملات العنصرية الشرسة ضد شعب كوردستان وتدمير اكثر من أربعة الاف قرية منذ عام 1984 و حتى عام 2009 دون ان تستطيع اخماد لهيب الحرية والمطالبة بالحقوق المشروعة و تصريحاته الأخيرة تعني باختصار العودة الى المربع الأول مربع العنف الدموي وجهل تام بالحقائق الجديدة على الأرض والدور الذي لعبه حزب العمال الكوردستاني او التنظيمات المرتبطة به في التصدي للعدوان الإرهابي في العراق وسوريا تحت انظار العالم والتحالف الدولي المناهض للإرهاب.
العودة الى هذه النغمة النشاز وعدم الاعتراف بوجود المشكلة الكوردية والتصدي لحلها بالطرق الحضارية السلمية وكيل الاتهامات الجزاف ضد حزب العمال الكوردستاني لن يكون ابدا في صالح تركيا ولا في صالح عملية السلام ان كانت هناك حقا عملية للسلام كما ان تبعات هذا الموقف الجديد ستتعدى حدود كوردستان الشمالية الى باقي أجزاء كوردستان وسيكون من الصعب ان لم يكن من المستحيل لأي طرف كوردي إقامة علاقات ودية مع تركيا اوردغان تحت ضغط الشارع الكوردي الذي لديه اكثر من سبب وجيه.
للرئيس التركي كل الحرية في ان يدفن رأسه في الرمال وينكر وجود مشكلة يعرفها العالم اجمع ولكنه بالتأكيد لن يستطيع ان يجبر الاخرين على ذلك وغلق باب الحوار والتفاوض والسلام يعني فتح باب الحرب والعنف والعدوان والمسؤول عن ذلك ليس الطرف الكوردي الذي يحمل غصن الزيتون.
&
التعليقات