توشك جثّة بلادي ان تعلّق في مسلخ السياسة الغليظة القلب وتقطّع أشلاءً بسكاكين العمّ سام يشحذها سياسيو المقت والكراهية والعنف وحاملو رايات الدين غير القويم؛ دين الشياطين الطامعين بالأوراق الخضر والمناصب الرثّة وقد أحضروا ساطورا حادا لتكسير عظامه وتفتيت لحمته
الوليمة توشك ان تعدّ والحاضرون المدعوون كلهم من الاذناب والأذيال الذين امتطوا صهوة العراق النحيف اصلا وغير القادر على تحمّل الكثير من الاعباء ليزيدوه ارهاقا وتعبا بهدف الاطاحة به ليكون نسيا منسيا الاّ من الذكرى الواهنة في الرؤوس التعبى والاجساد المترعة بالأسقام
اخاطبك بلسانٍ كسير وخاطرٍ متعب حسير الرأس يا من كنت مربعا ومصطافا للنازح والغادي والرائح؛ لاتحزن ياسيّد الاوطان، اعرف انك كنت زمانا وطناً حنونا تحبّ الجميع؛ من أولادك من كان في اعالي الجبال في مرابع كردستان الخضر ومن تربّى في سومر بين الاهوار حيث المنبت الاول للحضارة والرقيّ العقلي مرورا ببغداد حاضرة الدنيا وقبلة العلم والادب والفنّ ومن استوطن الصحراء ونهل من قيم الارض الجرداء صبرا وجلَدا وتحمّل جفافها ورزقها غير الوفير وعيشها المرير لكنه عشقها على قلة مائها وشحّة خيراتها
كنت وطنا عطوفا تحنو لى الصغار وتبجّل الكبار وكنا نعيش في فسحتك راضين مطمئنين سواء شحّ ضرعك ام سمنَ وارتوى، ونبوسك صباح مساء، لانشبع من محيّاك الجميل الطلعة ونشدو لك نشيدنا الاثير في طوابير الصباح وفي داخل الفصل وفي البيت امام ابوينا واخواننا واصدقائنا الزائرين
ومرّ زمان وتبدّل الحال والمآل وأقحل البستان وحزم الحنان حقائبه وغادر الى غير رجعة وطغت الانفاس الكريهة على رائحة الاقحوان والزعفران، دخل بيننا الشيطان ليؤمّ صلاتنا ويتّهمنا تكفيرا ثم ليسمّم الزمان والمكان
كنا نستظلّ بعباءة أبينا الكبير ونحتمي بها من الهجير والبرد، لكن هذا الاب بات عاجزا كسيحا وهاهو يلملم حسناته وأعماله الصالحة وصلاته وقلبه الرؤوف ليُريها الى الله لعله يثابُ عليها جنّة خالدة مادام قد وصل الى هزيع العمر الاخير، جمعنا معا نحن الاخوة الاعداء ليوزع إرثه وماتبقّى لديه وقسمَ حلاله وماله بيننا وتجزّأ البيت الكبير قسمة أرغمنا على القبول بها وفق الشريعة التي سنّها فقهاء اليانكي الاميركي فكان لابد ان نستقلّ كلاً في حدبهِ وصوبهِ عسى ان ينتهي العراك والتخاصم والعداوة ونزف الدم
إلامَ نبقى اخوة اعداء طوال اكثر من عقد من السنين، لقد حان الوقت ان نفصم العرى بعد ان تنازعنا أمدا غير قصير وسالت منا دماء كثيرة وقُتل منا بشر كثرٌ؛ اما غيلة او صلفا عقائديا وخلّفنا أرامل وأيتاما من اطفالنا وإعاقات دائمة في العقل والجسد وكان لزاما علينا ان نرضى بما قسم لنا أملا في ان نهنأ وننعم بالسلام ونعيش حياة هادئة بلا ضجيج الرصاص ودوي القذائف ونحيب النسوة ولطم الخدود في ثلاجات الموتى وصالات المشافي
لايسعنا الاّ ان نشكر الكونغرس الاميركي هذا اليوم ليعلن خطة تقسيم البلاد والعباد ربما الى ثلاثة اقسام اول الامر وبعدها الى اجزاء مفتتة لاحقا وفي المقبل القريب او البعيد، من يدري ؟ !
امتناني للعجوز " بريزجنيسكي " واضع الحجر الاساس لخطة تقسيم العراق والشكر موصول ايضا للعزيز هنري كسينجر وللآنسة المصون العزباء كونداليزا رايس& فقد تحقق جزء كبير من فوضاها الخلاّقة لما تريد من شرق أوسط وفق خارطتها التي رسمتها
لايسعني الاّ ان اشكر ايضا صديقنا الدائم الزيارة لنا السيد " بايدن " فقد رفرفت خطته في بلاد القهرين ورفع لواءها اهلنا من العرب والكرد رمز النضال والكفاح الذي وصل غاية مناه في إلغاء ماكان يسمّى العراق وادي الرافدين النزقين
دعوني قبل ان اختم مقالتي أورد هذا البيت الشعري الذي قلّبته وحوّرته بنفسي فانا ايضا أصابني الهوس والخبل مما يجري في بلادي السقيمة جراء اهلها :
ألسنا بني أوروك كيف تبدّلت ------------ بنا الدار أو دارت علينا الدوائرُ
موعدنا معكم بعد أمد لاأظنه سيطول كثيرا في بلاد " شيعستان " و" سنّستان " المجاورتين قالبا لا قلباً
لا أقول وداعا فالوداع لا لقاء بعده
&
التعليقات