يحق للجميع من كافة الديانات والطوائف والمذاهب زيارة الأماكن ذات الصفة الدينية لديهم، وكم هو تسامح ديني أن تتم هذه الزيارات بشكل تلقائي ورغبة ذاتية من الأفراد كما يتم طواعية الزيارات الدائمة في مواسم الحج والعمرة للأماكن المقدسة في مدينة مكة بالمملكة العربية السعودية، حيث تتم هذه الزيارات بدون تحريض من الدول أو تخطيط لزيادة العدد أو نقصانه، بل بالعكس إذ لا يسمح إلا لألف شخص من كل مليون من عدد سكان كل دولة حسب سعة المكان. وهذه الزيارات في موسم الحج أو العمرة للأماكن المقدسة في مدينة مكة المكرمة مسموحة لكل المسلمين من كافة المذاهب والطوائف إذ هي من فروض الإسلام ( و لله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ). ولم يرد في القرآن أو السنّة ذكر لأية أماكن أخرى في أية دولة يجب على المسلمين الحج إليها كفرض من فروض الإسلام. ومن سيحتج أو يرفض لو سافر أي مواطن إيراني مصر مثلا وذهب لزيارة مسجد السيدة زينب والصلاة فيه والتقاط صورة له أمامه؟ وكذلك لو سافر هذا المواطن الإيراني إلى الأردن وزار ضريح الصحابي جعفر بن أبي طالب؟.

إذن لماذا طلبات نظام الملالي لترتيب زيارات جماعية؟
هذه الطلبات الرسمية لنظام الملالي في إيران تتركز على الأردن لتنظيم رحلات جماعية لإيرانيين تحت مسمّى السياحة الدينية، ووصلت حدود هذه العروض الإيرانية أن قال السفير الإيراني في الأردن " مصطفى مصلح زادة " في نوفمبر 2012 أي بعد عام ونصف من اندلاع الثورة السورية ضد حليفهم وحش سوريا، قال: " إنّ إيران على استعداد لتزويد المملكة الأردنية بالمشتقات النفطية لمدة ثلاثين عاما مقابل السماح بالتبادل التجاري والسياحة الدينية "، أما إعلام الملالي فقد أطلق على هذا العرض صفة ( النفط مقابل السياحة الدينية ). واستمرت هذه العروض الملالية بالتركيز على الأردن تحديدا بدليل أنّ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردني " هايل داود " كشف قبل أيام قليلة عن رفض الأردن مؤخرا ثلاثة طلبات إيرانية بفتح باب السياحة الدينية للإيرانيين بشكل منظم في داخل المملكة الأردنية.

لماذا الأردن تحديدا الآن؟
وجود نظام الملالي علني في سوريا من خلال نظام الوحش حيث يوجد ألاف من عناصر الحرس الثوري دفاعا عنه، والحجة التي لا تنطلي على جاهل أنّ هذه ألألاف تدافع عن مقامات ومزارات آل البيت التي كانت آخر نكتة لهم أنّهم اكتشفوا وجود مقامات لآل البيت في مدينة درعا على الحدود الأردنية. وفي لبنان وجود نظام الملالي علني أيضا من خلال وكيل ولي الفقيه مسؤول الحزب الذي يعطي نفسه صفة حزب الله، وأعماله داخل لبنان وقتاله الشعب السوري منذ أربعة سنوات تجعله حقيقة حزب الشيطان. ويعتبر انتصار كبير لنظام الملالي لو تمكن من التمدد داخل الأردن تحت مسمّى السياحة الدينية حيث سيصل عندئذ ألاف مؤلفة في رحلات جماعية وتبقى غالبيتهم داخل نسيج المجتمع الأردني مستغلين وسائل عديدة لتجنيد موالين لهم، وأيضا استغلال الحجة الخطابية البالية وهي"& قتال الإحتلال الإسرائيلي " التي استعملها السفير الأيراني في تصريحه السابق عام 2012 على مسمع الأردنيين من خلال قناة تلفزيونية أردنية خاصة، هذا بينما يعرف الجميع أنّ نظام الملالي منذ عام 1979 لم يستعمل ضد الاحتلال الإسرائيلي سوى البيانات الخطابية بينما العلاقات السرّية مع الاحتلال في أرقى مستوياتها، خاصة العلاقات التجارية التي رصد تفاصيلها يحتاج إلى مجلد كامل وليس مقالة. وتفتخر أوساط نظام الملالي أنّ يهود إيران وصلوا إلى أعلى المناصب في دولة الإحتلال ومنهم اليهودي الإيراني " موشية كاتساف " الذي كان رئيسا لدولة الاحتلال، واليهودي الإيراني " شاؤول موفاز " الذي كان وزيرا للدفاع في دولة الاحتلال. وإذا تمكن الإيرانيون من اختراق الأردن بوجود عناصرهم وموالين لهم عندئذ يكتمل تمددهم ليصبح ممتدا في مساحة جغرافية عربية متواصلة: العراق، سوريا، لبنان، الأردن، وهنا نتذكر تحذير الملك عبد الله الثاني قبل سنوات مما أطلق عليه "الهلال الشيعي".

وهي تشبه مطالبات الاحتلال الإسرائيلي،
بزيارات اليهود لما يعتبرونه ضريحا لحاخام يهودي اسمه "يعقوب أبو حصيرة" في إحدى قرى محافظة البحيرة المصرية. ووصلت الخرافات اليهودية إلى حد الترويج بأنّه رجل له حظوة إلهية فقد جاء من المغرب بحرا لزيارة فلسطين فغرقت الباخرة التي هو على متنها ، فتعلق بحصيرة أوصلته بحرا إلى سوريا ثم فلسطين، وأثناء عودته مات في هذه القرية المصرية حيث دفن فيها. من يصدّق خرافة هذه الحصيرة التي كانّها غواصة تنقل هذا الرجل بحرا إلى سوريا ثم فلسطين؟. إنّها مجرد خرافة من ضمن الأساطير التي يروّج لها إعلام وحاخامات الاحتلال، لذلك ألغى القضاء المصري في ديسمبر 2014 أي احتفال يهودي بهذه الذكرى الحصيرية المزعومة، وألزم القضاء المصري وزير الدولة لشؤون الآثار المصري بشطب هذا القبر من سجلات الآثار المصرية لأنّه مبني على خرافة وأكذوبة لا علاقة لها بالحقيقة. لذلك ليس مستبعدا إن تمت الزيارات الإيرانية إلى الأردن تحت مسمّى السياحة الدينية أن يكتشف هؤلاء الزوار مزارات جديدة للسيدة زينب أو فاطمة الزهراء رضي الله عنهن في الأغوار الأردنية.

الحذر الأردني المطلوب
ويبدو أن الجهات الرسمية الأردنية واعية لهذا المخطط الإيراني الخبيث بدليل أنّ وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية الأردني أشار في تصريحه المشار إليه سابقا لأسباب الرفض الأردني للطلبات الإيرانية إذ قال: " إنّ المرحلة الحالية والسنوات الأخيرة وما تشهده المنطقة من توتر وتجاذبات طائفية ومذهبية والحقيقة بعض المواقف التي مالت نحو الموقف المذهبي، أوجدت توترا نحو الإيرانيين ونحو فتح باب المجال للسياحة الدينية الإيرانية، لذلك كان ردنا بأنّ المرحلة الحالية غير مناسبة لتنشيط هذه السياحة وفتح هذه الأجواء ".

وكل المراحل لن تكون مناسبة،
لفتح أي باب من الأبواب تحت أية ذريعة لهذا التمدد لنظام الملالي الإيراني، فلم تعرف المنطقة العربية هذا السعار الطائفي المرفوض إلا بعد استلام الخميني للسلطة في إيران عام 1979 وإطلاقة نظرية ولي الفقيه التي نصّبته وكيلا لله تعالى في الأرض ومن يعصى أوامره فقد عصا الله تعالى.
www.drabumatar.com

&