يقول المثل الكردي أن "سارق العجوُر يظهر لوحده في فصل الخريف"، أي دع السارق حالياً فهو بنفسه سيكشف عن هويته فيما بعد، وهذا ربما ما قام به مؤخراً اللواء سعيد قاسمي، القيادي السابق في الحرس الثوري الإيراني، والقيادي الحالي في ميليشيات "أنصار حزب الله" في قوله بأن "تنظيم داعش استلهم فكرة العمليات الانتحارية وإعداد الانتحاريين من فكر الإمام الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران.

ويظهر بأن السيد قاسمي ومن غير قصد أراد تأكيد الشكوك التي راودت الكثير من السوريين ومراقبي الدول المجاورة حول احتمالية أن تكون إيران هي التي لها حصة الأسد فـ: "الشركة المساهمة" المعروفة باسم داعش في توسيع استثماراتها الدموية في كل من سوريا والعراق، خصوصاً وأن تحركات داعش في الدولتين تسير وفق ما ترتضيه مصالح النظامين السوري والإيراني، بل وبات غالبية السوريين مؤكدين بأن داعش لا يزال يخدم النظام الأسدي في كل عملياته العسكرية وتحركاته على الأرض وفي كل مناطق نفوذه.

&وقد تكون تصريحات السيد قاسمي من خلال وسائل الإعلام وقوله بأن فلسفة الانتحار استلهمها تنظيم داعش من فكر السيد خميني جاءت عفو الخاطر، أو لعله كان يهدف من وراء تصريحاته تلك حض الجماعات المرتبطة به في كل من سوريا والعراق الى الايحاء لهم للبدء بالعمليات الانتحارية تنفيذاً لوصايا الامام الخميني مُلهم الأفكار والنظريات، وذلك عندما أرجع فلسفة تفخيخ الذات الى الثورة الخمينية، ويبدو أن الرجل لا يخفي ميوله لأي شكلٍ من أشكال العنف المُمارس والارهاب الذي تمارسه الجماعات المرتبطة بهم في كل من العراق وسوريا، بل ومن فرط الاعجاب بتجربة الدواعش راح يقارن نفسه بالمنظمات الارهابية، ناسياً بأنه محسوبٌ على دولة لها قوتها ووزنها وثقلها السياسي في المنطقة، ويترتب عليها الالتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية، وذلك وفقاً لما ورد في موقع "عطار نيوز" الذي نقل كلمةً لقاسمي بمدينة نيشابور شمال شرق إيران والقائل حينها بأن "قوة صنع القوى الاستشهادية (الانتحارية) كانت بيدنا ولكن بعض القيادات لم ينتبهوا لذلك ولهذا فإن داعش اليوم يتبع هذا النهج".

بل ومن الانبهار بالنهج الداعشي القذر قال قاسمي أن "داعش وباستلهام نهج الإمام خميني استطاع أن يُشكل "حشدا عالمياً خبيثا" بدل " الحشد العالمي الإسلامي" الذي كان يسعى إليه الخميني" على حد قوله، أي أن تنظيم داعش الخبيث وفق قول القاسمي أخذ الفكرة والاكسير من عقل واستراتيجية الحكومة الايرانية وتحديداً من إمامها المؤسس واستخدم الفكرة قبلهم.

عموماً تلك لم تكن المرة الأولى التي يعبر فيها قادة الجمهورية الإسلامية في إيران عما يؤمنون به عبر خطاباتٍ تلتقي عقائديا مع خطاب تنظيم "داعش الإرهابي" حيث كان قد نقل مدير مؤسسة الشهداء في إيران نادر نصيري، تصريحات مماثلة عن المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، حول اعتبار قتلى الميليشيات الايرانية في سوريا بأنهم "مجاهدون وشهداء"، إذ ووفقاً لمنظورهم فيذهب كل واحد من هؤلاء المرتزقة الى قتل الناس في ديارها بسوريا وتكريماً لإجرامهم يسمونهم شهداء، وذلك على غرار الدواعش القادمين من كل أصقاع المعمورة ليمارسوا هواياتهم الدموية هناك وفوق منها يتسنموا مقام الشهادة.

ويبدو من خلال فهم مضمون التصريحات بأن تجربة داعش الاجرامية وتقدمه الكاسح وبوتيرةٍ متسارعة منذ العام الماضي، وارتكابه الفظائع والمجازر في كل من سوريا والعراق مع احتلاله للدساكر والمدن في طريقه، أغرت الحكومة الإيرانية ويناءً عليه أراد نظام الملالي أن يستفيد من كل خبرة وأساليب داعش الإرهابية في التفخيخ والتفجير والعمليات الانتحارية، ليستفيد من هذا الارث الدموي لداعش وليعمم الثقافة والتجربة المتوحشة لدى التنظيم المذكور على الفصائل التابعة له، لذا راح يُذكّر تابعيه بأن فلسفة الدواعش هي أصلاً عائدة بأصلها للإمام الخميني، وهو ما يتوجب عليهم استرجاعه الى منابعه، واستعادة تلك الفلسفة لصُناعها حتى يطبقوها في عملياتهم العسكرية، في كل من العراق وسوريا، باعتبار أن صاحب الفكرة أولى بتطبيق مضمونها، وبذلك فقط ربما تعود مضامين البضاعة المُجرمة لأصحابها الحقيقيين حسب القاسمي وأوبته.

&