من المتوقع أن يتم إبرام اتفاق نووي هذا الأسبوع بين إيران والولايات المتحدة وكلا الطرفين المتفاوضين يدركان ما يسعى الطرف الآخر له، فالولايات المتحدة تريد التصالح مع إيران والوصول إلى حوض بحر القزوين المليء بالنفط وفرص الاستثمار الأمريكي، وإيران تريد رفع العقوبات الاقتصادية لأنها أنهكت اقتصاديا، وقد ألمحت أن منشآتها العسكرية ليست محل تفاوض ولن تسمح بتفتيشها. وهذا يعني أن المصالحة بين الطرفين هي تفاهم على إطلاق يد إيران في المنطقة وتصنيع قنابل ذرية ورفع العقوبات الاقتصادية عنها، مقابل فتح حدودها للشركات الأمريكية لتصل إلى فرصها الاستثمارية في المنطقة الأورو-آسيوية، وهي جمهوريات الاتحاد السوفيتي سابقا المليئة بالنفط والغاز والمعادن والتي تدور في الفلك الأمريكي.&

فما هو الموقف الروسي؟ بالطبع فإن اتفاقا كهذا قد لا يروق لروسيا ولا بد أن هناك تفاهما إيرانيا-روسيا غير واضح لغاية الآن، لأن الوجود الأمريكي على الحدود الروسية لا يصب في مصلحتها سيما وأن اللعبة الأمريكية باستخدام التطرف الإسلامي لمحاربتها أسلوب معروف لدى روسيا وتجاربها لا تزال قريبة العهد به، وربما يكون المقابل الذي ستحظى به روسيا هو تحويل سوريا إلى جمهورية صغيرة تحت حكم الأسد وإعطائها لروسيا خاصة وأن ديون سوريا لروسيا غدت غير قابلة للتسديد، وهذا يعتبر مكسبا لروسيا لتصدير غازها عبر البحر الأبيض المتوسط.&

على أية حال، فإن المفاوضات الأمريكية-الإيرانية تشيح بوجهها عن الدول العربية ولا تقيم لها اعتبارا، وهناك الكثير يمكن لهذه الدول أن تخسره والكثير من المتاعب التي تنتظرها. فإطلاق يد إيران في المنطقة سيجعلها أكثر عداء واستعدادا للمزيد من التوغل واللعب بأمن المجتمعات المجاورة، ولا بد للدول العربية أن تأتي بشيء غير التشديد على لحمة دول الخليج وأمنها الذي لا يتجزأ. كأن تباشر بإنشاء قوة دفاعية مشتركة، وضم اليمن إلى مجلس التعاون الخليجي، لأنها الثغرة التي تنفذ إيران منها، وتعميم الصلاة المشتركة في المساجد السنية والشيعية، والمباشرة بتنفيذ برنامج تثقيفي يبعد شبح الحرب الطائفية عن هذه البلدان.

إن التوعية والتتثقيف لا يقل أهمية عن الإجراءات العسكرية، لأن من يقرأ صفحات التواصل الاجتماعي يدرك هول المأساة، فهناك بشر ليسوا كالبشر، فهم يظهرون من الحقد المتبادل ما لا يتصوره عقل، مما يعكس حجم الكراهية والتخلف المستحكم بين فئات معينة من المجتمع. ولا بد من التصرف السريع على المستوى الرسمي والشعبي لاجتثاث هذه التوجهات.&

&