موت الضمير بات حقيقة مؤلمة في بلداننا، بل أصبح مرضاً معدياً وخطيرا ينتشر في البيئة وينتقل عن طريق الهواء الملوث برائحة الاوراق الخضراء ( الدولار ) ورائحة النفط والغاز، وهو ينتقل من من بلد ألى اخر بسرعة تفوق القدرة على مواجهته.

فحين رقدت مدينة ( حلبجة ) بصمت وجفونها مسدولة ومحروقة بالسموم الصدامية القاتلة , سكتت الانظمة العربية والدولية سكوت الموتى، باستثناء بعض الصحف العالمية التي كتبت عن المجزرة.&

نعم.. كانت الانظمة العربية والعالمية والاسلامية وأجهزتها الاستخباراتية على علم بمثل هذه المجازرو الممارسات و الجرائم اللاإنسانية للنظام البعثي البائد ولكنها تسترت عليه لان كانت لها مصلحة في بقائه.

فعندما قُصفت حلبجة بالسموم القاتلة من قبل النظام البعثي البائد في ربيع عام 1988....., سكتت الجامعة العربية والامم المتحدة والمنظمات الانسانية الدولية والعربية والاسلامية ,و لم نسمع لهم&صوتا، ولا شجبا ولا حتى استنكارا وعندما احتل صدام حسين الكويت, صفقوا له ومجدوه لانهم كانوا يومنون بان يجب ان يرجع (الفرع للاصل) باعتبار ان الكويت هي المحافظة رقم 19 العراقية.

كما صفّق آخرون ومجدوا الطاغية صدام اعظم تمجيد عندما كتب القران الكريم بدمه الرخيص..... وباركوه وبايعوه عندما (عنفص) وزايد عليهم بتشكيل جيش القدس ليدافع عن الامة العربية ومنجزاتها بعد ان دافع عن البوابة الشرقية.

نعم لقد سكت العالم سكوت الموتى واعتبروا ( حلبجة والانفال و تجفيف الاهوار والمقابرالجماعية ) شانا داخليا لا يجوز التدخل فيه.

ولو كان للمجتمع العربي والدولي والاسلامي موقف حازم وصارم وسريع ضد استخدام السموم القاتلة في مدينة ( حلبجة وفي حملات الانفال الصدامية )، لما تجرأ اليوم النظام البعثي في سوريا باستخدام الاسلحة الكيمياوية ضد المدنيين الابرياء في مجزرة الغوطة الكيمياوية.

نعم... لولا فيتو الدب الروسي و التنين الصيني منذ البداية، لما تجرأ الأسد على قتل السوريين بمختلف أنواع الأسلحة التقليدية وغير التقليدية وبهذه الطريقة الوحشية.

&

انهض وحطم جدار الصمت يا( هادي العلوي)*:&

كتب المفكر هادي العلوي براءته من هويته لأطفال حلبجة حين قال: (أيها الطفل الكردي المحترق بالغاز في قريته الصغيرة، على فراشه أو في ساحة لعبه، هذه براءتي من دمك أقدمها لك، معاهداً إياك ألا أشرب نخب الأمجاد الوهمية لجيوش العصر الحجري، ولا أمد يدي إلى واحد من أنظمة العصر الحجري، أقدمها لك على استحياء ينتابني شعور بالخجل منك ويجللني شعور بالعار أمام الناس أني أحمل نفس هوية الطيار الذي استبسل عليك وليت الناس أراحوني منها حتى يوفروا لي براءة حقيقية من دمك العزيز أنا المفجوع بك، الباكي عليك في ظلمات ليلي الطويل، في زمن حكم الذئاب البشرية الذي لم نعد نملك فيه إلا البكاء. اقبلها مني أيها المغدور: فهي براءتي إليك من هويتي).&

لو كان العلوي على قيد الحياة ـ ماذا كان يكتب للطفل (اليان من كوباني) ابن الثالثة ربيعا بعد ان جرفته الامواج البحر ميتاً على شواطئ وهو في طريقه مع عائلته الى المجهول هرباً من جحيم الحرب ومجازروسموم ومخالب (الأسد) وشراسة مرتزقة داعش واخواتها؟

ـــــ

( * ) هادي العلوي , مواليد بغداد 1933-1998 مفكر و كاتب و باحث عربي عراقي كبير، عبّر عن صداقته الاصيلة للشعب الكردي بمواقفه الرصينة في الوقوف بجانب الحق و العدل و ضد استعمال الاسلحة الكيمياوية في كردستان في الثمانينات من القرن الماضي.&

&