منذ تأسيس دولة الامارات العربية المتحدة في الثاني من ديسمبر عام 1971، وهي ترتكز على روزنامة من المبادىء والثوابت والأسس الأخلاقية والانسانية والحضارية والسياسية، التي غرسها في أبناء هذا الوطن جميعاً الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وفي مقدمة هذه الأسس والثوابت والقيم مد يد العون للملهوفين واغاثتهم والتضحية والعطاء غير المحدود وبذل كل ماهو نفيس من أجل وطننا وترابنا وشعبنا.
هذه القيم والمبادىء تحكم سياسات دولة الامارات العربية المتحدة تجاه دول العالم كافة، فبما بالنا ومن هبت قيادتنا الرشيدة استجابة لندائهم هم أشقاءنا في اليمن، الذي يرتبط مع دولة الامارات برباط قربى ودماء وتاريخ أخوي لا فصام له، حيث تعرض الأشقاء إلى ضيم وجور شديدين على يد فئة باغية وميلشيات طاغية لا تعرف للوطن معنى ولا للمروءة والشهامة سبيلاً، فعاثت في أرض الأشقاء فساداً ولم ترتدع بأدوات السياسة والدبلوماسية المتعارف عليها، واستهانت بكل النداءات والتدخلات والوساطات الاقليمية والدولية، فلم يكن هناك من بديل سوى أن نكون ممن قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم فيهم "إنكم لتكثرون عند الفزع وتقلون عند الطمع"، فلم يكن ترك أشقائنا في اليمن لمصيرهم على يد الفئة الباغية خياراً مطروحا، ولم يكن هناك من سبيل سوى التضحية بأغلى ما نملك من أجل الدفاع عن قيم الامارات ومبادئها وصون عهد في رقابنا تجاه اليمن وأهله الكرام.
دماء طاهرة لشهداء الواجب من جنود القوات المسلحة الباسلة لدولة الامارات العربية المتحدة، سالت هذه الدماء على تراب اليمن الشقيق لتظل خير شاهد على وفاء الامارات وشعبها واخلاصها، وليكتب هؤلاء الشهداء الأبرار أسمائهم بحروف من نور في تاريخ دولتنا وسجل تضحيات قواتنا المسلحة، فقد ضحى هؤلاء بأغلى مايملكون، وهي أرواحهم، من أجل انقاذ أبناء شعب شقيق من براثن ميلشيات انقلابية، وتقديم العون للأشقاء في المملكة العربية السعودية وبقية الأشقاء العرب من أعضاء تحالف دعم الشرعية الدستورية في اليمن، وذلك دفاعاً عن الأرض والأوطان ومصالح الشعوب، وهو هدف لا جدال فيه ولا حياد عنه كما أكد ذلك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بقوله "إن ابناؤنا جادوا بأغلى ما يملكون، رجال نشأوا من معين الأصالة ورووا وطنهم وأمتهم حبا ووفاء.. نتوجه بالإكبار والعرفان لشهدائنا البررة لتضحياتهم الخالدة التي ستكلل بعون الله بالانتصار الذي تلوح بشائره في الأفق." مشددا سموه على أن "تطهير اليمن من الميليشيات الانقلابية والعدوانية التي عاثت فسادا وتخريبا هدف لن نحيد عنه" وأن "أبناء الإمارات ثابتون في المضي بطريق إزاحة الظلم والضيم عن إخواننا اليمنيين".
إن للمهام رجال، ورجال الإمارات البواسل كانوا دوما عند حسن الظن بهم في تلبية نداء الواجب، وضربوا أروع الأمثلة على الوطنية والنبل والعطاء والتضحية ليس في اليمن فقط بل سبق ذلك سجل وطني مشرف تفتحر به الامارات وقواتها المسلحة، وتاريخ رائع لأدوار تاريخية قامت بها قواتنا المسلحة ضمن مهام كان للمبادىء والقيم الدور الأساسي فيها ابتداء من المشاركة في قوات حفظ السلام في كوسوفا والصومال وتطهير الجنوب اللبناني من الالغام وتقديم الدعم الانساني للشعب الأفغاني وغير ذلك من مهام مشرفة تعتز بها الامارات وشعبها لما تجسده هذه الأدوار والمهام من قيم حضارية وانسانية أصيلة.
إن الشهادة في ميادين الواجب وساحات الدفاع عن الحق شرف لهذه الكوكبة من أبناء وطني الغالي، وسيظل عطائهم الوطني وسام على صدور أبنائهم وصدورنا جميعاً من بعدهم، فقد اصطفاهم الله عزوجل في معارك الكرامة والدفاع عن الحق ودرء الظلم واغاثة الملهوفين، إذ لم تكن الامارات يوما من الدول الساعية إلى الحروب والخلافات، بل كانت، ولا تزال، دائما قلعة شامخة للعروبة والتسامح والاعتدال والتعايش الانساني من دون تفرقة بين لون وجنس وعرق، ساعية بكل جهد وإخلاص إلى بناء نموذج انساني لا يعرف إليه العنف ولا الكراهية سبيلاً.
شهدائك ياوطن ضحوا بحياتهم ودفعوا ثمناً غالياً للمبادىء، وارتقوا إلى العلا، وازدانت بهم سجلات الشرف والفخر والمجد، فلن نكون جميعاً أقل منكم وفاء لهذه المبادىء والقيم، ولن نكون أقل منكم وطنية وحرصا على رفع راية هذا الوطن المعطاء، ونعدكم أن تكون الرسالة التي سعيتم إليها في اليمن وغيرها من ساحات الحق وميادينه دين في أعناقنا جميعاً، ندافع عنها ماحيينا، ونصونها ما بقيت قلوبنا تنبض، وعهدنا أن نكون لكم امتداداً ولذكراكم أوفياء، وكل أملنا في لقاكم في جنات الخلد والنعيم المقيم، ولا نقول سوى ما يرضي رب العالمين "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
ستبقى الامارات وفية لمبادئها راسخة في إيمانها بمواقفها ودفاعها عن الأشقاء ومصالحهم ومكتسباتهم وأرضهم وشرفهم في الدول العربية كافة، ودفاعها عن القيم الانسانية والحضارية في كل مكان، وسنكون دائما في المكان والزمان وأي ساحات دفاع عن قيم ولن تثنينا دماء أبنائنا الغالية التي سالت في سبيل أداء الواجب، عن المضي قدماً على درب الشرف والفخر والدفاع عن راية وطننا الغالي وتلبية نداء قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ـ حفظه الله .
- آخر تحديث :
التعليقات