جاءت الأمم المتحدة رسميا إلى حيز الوجود قبل 70 عاما عندما تم تصديق ميثاقها. وكان من المفترض أن تكون قوة للسلام والتعايش واحترام حقوق الإنسان.
ووفقاً لديباجة ميثاق الأمم المتحدة: "نحن شعوب الأمم المتحدة قررنا... أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب... وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة وقيمة الشخص البشري".
بعد 70 عاما وبكل سرعة، الاثنين المقبل، في 28 أيلول من المقرر أن يخاطب الرئيس الايراني حسن روحاني الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد استضافت هذه المنصة العديد من الشخصيات السيئة الذين استخدموا الدعوة من أجل تسويق سياساتهم الشريرة. ولكن إطلالة روحاني تأتي كانه افضل بكثير من أسلافه.
روحاني يحاول إظهار نفسه زورا بأنه "معتدل" "أو" إصلاحي "جدير بالثقة والشراكة في المجتمع الدولي، وفي الولايات المتحدة قبل الدول الأخرى. والا لم تكن تلك المهزلة من الاتفاق النووي مع إدارة أوباما التي سلمت من خلالها مجموعة من التنازلات غير المبررة لطهران وفشلت في تحقيق هدفها المتمثل في قطع مسارات ايران للحصول على السلاح النووي.
ولكن حتى لو غضيّنا الطرف عن الاتفاق النووي، فإن ممارسات حكومة روحاني حيال شعبه، لا تترك أي مجال للشك حول حقيقة طبيعته.
بناءا على منظمة العفو الدولية والمنظمات ذات المصداقية الأخرى في مجال حقوق الإنسان، فإن واقع حقوق الإنسان في إيران يتدهور بسرعة في حكومة روحاني. كانت هناك حوالي 2000 حالة إعدام في إيران خلال العامين اللذين تولى فيهما روحاني الحكم، أكثر من أي فترة مماثلة في السنوات الـ 25 الماضية. إيران تحمل الرقم القياسي في عمليات الاعدام في العالم، و تعتبر أكبر الجلادين في إعدام المراهقين.
وفي 23 تموز الماضي، نشرت منظمة العفو الدولية تقريراً صادماً عن "فورة الإعدامات المذهلة في إيران"، وصرّحت ان ما يقارب 700 شخص أعدموا في إيران في حدود ستة أشهر فقط. وهو ما يعادل إعدام أكثر من ثلاثة أشخاص يومياً. وبهذه الوتيرة المروعة تتجاوز إيران العدد الإجمالي لعمليات الإعدام في البلاد التي سجلتها منظمة العفو الدولية العام الماضي 2014 بأكمله.
”إن حصيلة الإعدامات مذهلة في إيران في النصف الأول من هذا العام وترسم صورة شريرة لأجهزة الدولة لقيامها بالقتل مع سبق الإصرار، عن طريق الأحكام القضائية على نطاق واسع”، كما اعلن التقرير. وليس القتل هو القمع الوحيد الذي تمارسه السلطات الإيرانية، حيث أن العقوبات اللاإنسانية والمهينة مثل بتر الأطراف واقتلاع العيون أيضا في الارتفاع.
العقوبات الجسدية وعقوبة الإعدام تمتد إلى مرتكبي الجرائم غير العنيفة، كما أنها تستخدم لاستهداف الناس الذين هم من المعارضة السياسية، مثل غلام رضا خسروي، أحد نشطاء المعارضة الرئيسية الايرانية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذي أعدم شنقا فقط لتقديم المساعدة المالية لشبكة التلفزيون التي تؤيد المعارضة السياسية في إيران.
مثل هذه الشبكة وهؤلاء النشطاء يعملون دائما لحماية حقوق الفئات المهمّشة في ايران، بما في ذلك النساء والأقليات العرقية أو الدينية. ولكن عمليات الإعدام تطال هذه الأقليات أيضا بشكل كبير.
معاداة النساء هي في صميم الحكم الدكتاتوري الديني. ففي أكتوبر 2014، وفي تحد لنداءات دولية، أعدم النظام الايراني السيدة ريحانة جباري، وهي امرأة بلغت من العمر 26 عاما والتي كانت تدافع عن عرضها ضد ضابط للمخابرات الإيرانية الذي حاول اغتصابها. ووصفت منظمة العفو الدولية إعدامها "وصمة عار دموية أخرى على سجل ايران في مجال حقوق الإنسان."
إيران تعدّ أكبر سجن للصحفيين في الشرق الأوسط، حيث هناك اليوم عشرات من الصحفيين قابعون في المعتقلات. وهذه العملية جانب من محاولة النظام لفرض الرقابة على المعلومات في جميع أنحاء البلاد. إيران واحدة من أكبر دول تفرض الرقابة على الإنترنت و استخدام أجهزة الحجب. أنها أغلقت حوالي خمسة ملايين من المواقع الكترونية المخصصة للفنون، والقضايا الاجتماعية، والأخبار، وتعمل جاهدة لحجب محتوى شبكات التواصل الاجتماعي.
والقائمة تطول وتطول.
روحاني قد تحاول الإفلات من المسؤولية وإلقاء اللوم في كل هذه القضايا على العناصر السيئة الأخرى في النظام الإيراني، لكننا نعرف أن طهران تجيد وببراعة لعبة الشرطي الحسن والشرطي الشرير لفترة طويلة. ولكن عندما ينظر المرء عن كثب، يرى أنه من المستحيل أن ننكر أن الشرطي الجيد والشرطي السيء واحد في نفسه. حيث شاهدنا أن روحاني نفسه دافع بقوة عن الإعدامات حيث قال «لايحق لأحد أن يحتج على الإعدامات لأنها إما تأتي تنفيذاً لحكم الله أو تطبيقاً لحكم القانون الذي وضعه الشعب»!!
وفي صيف وخريف عام 1988، تم ارتكاب المجازر بحق ثلاثين ألفاً من السجناء السياسيين معظمهم من أعضاء ونشطاء منظمة مجاهدي خلق، وكان روحاني آنذاك أحد كبار المسؤولين في النظام الإيراني. والأوضح هو أن الملا مصطفى بور محمدي الذي كان واحدا من ثلاثة أعضاء في "لجنة الموت" التي أرسلت هؤلاء السجناء السياسيين إلى حبل المشنقة في "محاكم" عقدت في الغالب خلال دقيقة أو دقيقتين، هو اليوم وزير العدل في حكومة روحاني.&
&الشرق الأوسط تدور رحاها اليوم في حروب لم يسبق لها مثيل في سوريا، والعراق، واليمن، ومن المعروف أن طهران هي اللاعبة الرئيسية في هذه الحروب الثلاثة، ولا سيما في المذبحة المستمرة في سوريا حيث انها تقدم دعما كاملاً للدكتاتور السوري بشار الأسد.
الإيرانيون يطالبون بحقوقهم الأولية الأساسية التي داسها النظام الحاكم. يجب على جميع البعثات في الأمم المتحدة أن تقوم بسماع ومشاهدة ما يطالب به المنشقون الإيرانيون الذين سيجتمعون في نيويورك يوم 28 سبتمبر للمشاركة في مسيرة "أصوات من إيران" للتنديد بتدهور حالات حقوق الإنسان وموجة الإعدامات الأخيرة خلال فترة روحاني. وسينضم إليهم شخصيات أمريكية من كلا الحزبين وأعضاء الكونجرس من بينهم السفير السابق في الامم المتحدة والوزيور بيل ريتشاردسون، ووزير الأمن الداخلي السابق توم ريدج، ورجل القانون الشهير البرفسور آلان ديرشوفيتز.
قضية إيران التي تبدو معقّدة هي في الواقع بسيطة إلى حد ما: إذا حصلت مكافأة إزاء سلوكك السيئ، فلن تزيد مرة أخرى إلا سلوكاً أكثر سوءاً.
يجب سحب الترحيب بروحاني في نيويورك لأنه لا يزال يمثل نظاماً يرعى الإرهاب ويقمع شعبه بقسوة.
إن تجاهل انتهاكات حقوق الإنسان في إيران وتنامي الإرهاب والتدخل في المنطقة من شأنه أن يشجّع النظام والسماح له بمواصلة القمع الوحشي والعنف المتصاعد.
بإمكاننا استخدام هذه الزيارة في 28 سبتمبر لزيادة الوعي العام في العالم بشأن الملايين من الإيرانيين في إيران وحول العالم الذين يطالبون بتغيير النظام وبإقرار الحرية والديمقراطية في إيران.
وكل هذا سيكون تمشيا مع المبادئ التوجيهية لتشكيل الأمم المتحدة، أليس كذلك؟
&
*كين بلاكويل السفير الأميركي السابق في الأمم لحقوق الإنسان
التعليقات