مَثلت الزياوة التى قام بها الرئيس الفرنسي إلي مصر حدثاً سياسياً من العيار الثقيل علي مستوي علاقات باريس مع القاهرة وأيضا علي مستوي واقع الاحداث اليومية التى تشهدها منطقة الشرق الاوسط سواء نظرنا إليها من زاوية الحروب الاهلية التى تشهدها سوريا وليبيا واليمن أو من زاوية التقسيمات الجعرافية التى تخطط لها قوي دولية نافذة ..&
فرنسا ..&
تحمل وداً خاصاً لمصر منذ سنوات بعيدة ليس فقط من منطلق البعد الثقافي الذي يجمع بينهما بشكل أو بآخر ولكن أيضاً لأنها تمثل محورا اساسيا لا يمكن اهمال دوره فيما يتعلق بدواعي الاستقرار في منطقة الشرق الاوسط علي وجه الخصوص ..&
تسعي لتثبيت وسائل قوة تأثيرها في الشرق الاوسط عن طريق تأسيس شراكات رئيسية مع دولة مصر المحورية تقوم علي التفاهمات الثنائية حول العديد من الملفات المشتعلة ، وتعظيم دور التنمية الإقتصادية المتبادلة بين الطرفين ، وتطوير النتائج الإيجابية للصفقات التسليحية التى جرت بينهما لصالح ترسيخ الدور الفرنسي ككل ..&
وتسعي أيضا إلي تفعيل دور التسوية السلمية التى أعلنتها باريس منذ عدة أشهر للبدء في وضع تصور واقعي وعملي لإنهاء الصراع الفلسطيني / الإسرائيلي علي مراحل تنتهي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ..&
مصر ..&
تري في الطرف الفرنسي قوة دولية لها وزنها علي المستوي الثنائي وعلي المستوي الدولي لا يمكن إهمال الثمار الإيجابية التى يمكن ان تجني من ورائها ..&
وهي علي قناعة ان شراكتهما ستمكنهما من تحقيق خطوات واقعية وملموسة لإيجاد حلول عملية وسلمية علي مستوي ملفات الصراع في سوريا واليمن وليبيا وملف الانسداد السياسي في لبنان ..&
وتثق في توجهات الطرف الأخر الساعية إلي التنسيق مع اطراف شرق اوسطية وغربية لمحاربة التطرف والارهاب خاصة وان كل من القاهرة وباريس لها موقف غير متردد حيال متطلبات منازلة الانظمة الدموية علي عكس المواقف التى تتبناها واشنطن ..&
وتدرك ان وجهات نظرها القائمة علي ضرورة العمل من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني بوقف ممارسات إسرائيل العدوانية تمهيداً لإقامة دولته الحرة المستقلة في اقرب فرصة مواتية في ضوء مراحل التفاوض التى طرحتها باريس منذ بعضة أشهر ..&
الشراكة بين الطرفين ..&
تؤسس لتوجه إستراتيجي تعتني في المقام الأول بتوسيع مجالات التحالف بين باريس والقاهرة ، وتمنج الحكومة المصرية فرص أكبر لتنويع مصادر تسليح القوات المسلحة بالتعاد الحربي اللازم المتوافق مع متطلبات المرحلة ..&
وتبني لفرنسا دعاية عملية لا شك فيها لكيفة تعاملها كطرف عالمي له وزنه مع الدول الأخري القادرة علي حفظ السلام وبناء الاستقرار في أماكن متعددة علي مستوي العالم تحتاج للتهدئة والتنمية والتطوير والاصلاح السياسي والديموقراطي ..&
تمنح القاهرة مرونة اكثر للتفاعل مع القضايا الشرق اوسطية من المؤكد انها ستساعدها علي تسريع خطوات إستعادتها لمكانتها الريادية التى كانت تتمتع بها من قبل ، وتفرض علي قوي اقليمية ودولية احترام رؤيتها لكيفية حلحلة الاشتباكات شديدة التعقيد التى تسيطر علي الملفات الاكثر سخونة في المنطقة ..&
وتمنح باريس حق الترويج لإمكانية التقريب بين الآراء والتصورات غير المتطابقة فيما يتعلق بالقضايا المحورية هنا وهناك بهدف ، علي أمل ان يوفر الطرفان نموذج عملي لقدرات التوفيق بين الصياغات المتعارضة لحلول مطروحة لبعض الملفات او للترتيبات الأمنية والإصلاحية التى تراها بعض الاطراف الدولية ذات أهمية خاصة ، مثل ..&
منظمات التطرف والارهاب ..&
يتوافق الطرفان علي ضرورة التنسيق بينهما بسبب اعترافهما باهمية هذا الملف او ان شئنا الدقة لأنهما يعتبرانه في مقدمة اولوياتهما .. فتنظيم داعش يمثل لهما هاجساً لا بد أن يكون لهما دور تكاملي متوافق للمحاربته خاصة في ضوء تمدده السرطان بالعراق وسوريا وليبيا ، وتهديد قادته بنقل عملياته الدموية إلي مدن كلا الدولتين وإلي قلب أوربا ..&
مأساة الشعب الليبي ..&
لا شك ان المشكلة الليبية تمثل لكل من القاهرة وباريس قلقا لا ينقطع خاصة بعد ان سحبت واشنطن نفسها من الساحة إلا فيما يتعلق بجمع المعلومات ودفع الرشاوي المالية .. وكلاهما يعلم حق العلم ان التصعيد ناحية الشرق والشمال الذي اعلن تنظيمي القاعدة وداعش انهما يخططان للقيام به في القريب يعني بما لا يدع مجالا للشك ان الشعبين المصري والفرنسي وغيرهما من الشعوب العربية والأوربية قد اصبحوا في مرمي نيرانهما ..&
الملف السوري ..&
التوافق المصري الفرنسي حيال محاربة الإرهاب يمتد إلي رؤية كل منهما لكيفية التعامل اقليميا ودولية مع الحرب الدائرة فوق الأراضي السورية .. فهما متوافقين علي ضرورة الوصول علي تسوية سلمية سياسية ومن ثم علي ضرورة العمل معا لإنجاح مفاوضات جنيف الثالثة بعض النظر عن بقاء بشار الاسد في السلطة أو عزله بعيدا عنها ..&
أما ملف الصراع الفلسطينيى الإسرائيلي ..&
فيحظي باكبر اهتمام من جانب الطرفين .. وقد ابدت القاهرة تأييدها التام للمبادرة التى طرحتها باريس منذ بعضة اشهر عبر الاعلان عن إستعدادها للمشاركة في مراحلها الثلاث خاصة وان كلاهما لها علاقات وثيقة بالملف من ناحية وباطرافه من ناحية أخري .. وكلاهما قادر علي القيام بدور متميز وفعال لدي الجانبين ومناقشة نوعية الضمانات والحوافز التي يطالب بها كل منهما تمهيدا لإستئناف علمية السلام بينهما التى من المتوقع ان تتوج بمؤتمر دولي للسلام يعقد قبل شهر مايو القادم ..&
هذه الشراكة تختلف من حيث الشكل والمضمون عن الشراكة الأمريكية / الخليجية التى سعي الرئيس الامريكي ضمن زيارته مؤخراً للسعودية لإعادة تثبيت قواعدها المهتزة بسبب سياسات بلاده غير المنضبطة ، الأمر الذي دفع صحيفة التايمز ان تقول في افتتاحية عدد 18 الجاري انه لم يكن صادقاً في " طرح رؤيته لمستقبل علاقات واشنطن بدول مجلس التعاون لأنه غير قادر علي إحداث التوازن بين علاقة واشنطن مع الرياض وعلاقتها بطهران " ..&
لا احد ينكر أن الشراكة الإستراتيجية المصرية / الفرنسية ، شراكة واعدة في المقام الاول ، لكن المطلوب من طرفيها ان يقنعنا المجتمع الدولي بإيجابية تحركه لكي يبادر بتحمل مسئوليته حيال الارهاب من جهة وحيال وقف اندلاع مزيد من النيران بين حطام الملفات المشتعلة من ناحية أخري ولمواجهة تعنت الإستعمار الإسرائيلي فيما يتعلق برفض التفاوض من اجل منح الشعب الفلسطيني الاستقلال وإعلان دولته المستقلة .. &
التعليقات