&
&العزلة او الانزواء عن المجتمع او الانسحاب من المشهد السياسي قد يأتي احيانا كثيرة كنوع من التكتيك والمناورة يقوم بها المثقف او السياسي للوصول الى هدف معين او يأتي نتيجة اتخاذ موقف رافض لحالة ما في المجتمع سواء كانت سياسية او ثقافية او اجتماعية &، وقد مارسها الكثير من الزعماء والسياسيين والمثقفين كوسيلة ضغط على شريحة اومكون او طبقة سياسية لتغيير نهجها السياسي اواخضاعها لشروط معينة ، هذا ما فعله الزعيم الهندي(غاندي)احتجاجا على حالة الفرقة والتناحر القائمة بين القوى السياسية في البلاد . يبدو لي ان المرجع الديني(علي السيستاني)وزعيم حركة التغيير الكردية(نوشيروان مصطفى)قد فعلا ذلك ايضا ولذات الغرض ، وانسحبا من الفوضى السياسية القائمة بعد ان عجزا عن اصلاحها بالطرق السياسية اوعبر التوجيهات الدينية .. يعتبر الاول الرجل الديني الابرز في العراق ، ساهم بشكل مباشر في الاطاحة بنظام(صدام حسين)من خلال اصدار تعليمات مشددة لاتباعه بعدم مقاومة القوات الامريكية الغازية بذريعة انها (تلحق الضرر بمصالح الشعب) ، وساهم ايضا في وضع اسس الدولة الجديدة من خلال اجراء انتخابات وكتابة الدستور وتشكيل البرلمان والحكومة ، مارس السياسة بادق تفاصيلها وشكل قوات الحشد الشيعي وتدخل في كل صغيرة وكبيرة في العراق ولم يترك شيئا الا وتطرق اليه بشكل مباشر ، دعم حكومة(المالكي) طوال سنوات حكمه العجاف ، ولكن عندما فشل في ادارة الدولة وتحول الى كرت محروق نحاه عن الحكم وعين مكانه(حيدرالعبادي)على امل ان يحافظ على وحدة الصف الشيعي ويقوم بالاصلاح ولكنه كان اضعف من ان يتولى مشروعا ضخما ومعقدا مثل هذا ، ولما رأى ان الامور ستخرج من بين يديه وتتجه الى الانفجار والانفلات انسحب عن المشهد السياسي بهدوء وآثر العزلة وعدم التدخل في الامور السياسية(.. إلا في حدود ضيقة) ، ويبدو انه ينوي الان العودة الى الواجهة عبر هذا المنفذ(الضيق)ويزيح(العبادي)ويضع مكانه قريبه(حسين الشهرستاني) بحسب بعض وسائل الاعلام وان كان فاسدا وتفوح منه رائحة النفط المسروق والصفقات المشبوهة مع شركات النفط العالمية بملايين الدولارات!!.&
والشخص الثاني الذي اختفى فجأة عن الانظار وترك الساحة السياسية وانصاره في احلك ظرف واصعبه دون ان يترك اي تفسير حول اختفاءه المفاجيء حتى لاقرب مقربيه ، هو (نوشيروان مصطفى) السياسي الليبرالي المخضرم البعيد كل البعد عن الدين والتدين ، دخل في المعترك السياسي بعمر مبكر وشكل مع جلال طالباني حزب(الاتحاد الوطني الكردستاني) ثم انقلب عليه وانشق عنه واعلن عن تشكيل حركة سياسية معارضة &سماها (التغيير = كوران) ودعا الى اصلاح شامل في المؤسسات الحكومية &وطالب بتداول السلطة التي احتكرها الحزبان الحاكمان(الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين) منذ 1992 ، استطاع في فترة قياسية من استقطاب جماهير واسعة حوله وحصلت حركته على 24 مقعدا برلمانيا من اصل 111 مقعدا في انتخابات عام 2010 ، هذا الفوز الساحق مكنها من المشاركة في السلطة والدخول في التشكيلة الحكومية الجديدة ، واستطاعت الحركة ان تحقق بعض الانجازات الممتازة في الوزارتين المالية والدفاع(البيشمركة)اللتين اسندتا اليها ، وكان بامكانها تحقيق مكاسب اخرى لشعب كردستان لولا ظهور قضية الولاية الثالثة لرئيس الاقليم(مسعودبارزاني)ورفضها القاطع التجديد له وابداء اي مرونة سياسية معه يراعى فيها الوضع الراهن العصيب الذي يمر به اقليم كردستان ، وتأزمت الامور اكثر عندما منع( بارزاني)دخول رئيس البرلمان المحسوب على حركة التغيير الى مقر عمله في اربيل العاصمة ..
الجميع كانوا يتوقعون من رئيس الحركة(نوشيروان مصبطفى)ان يبادر الى تهدأة الاوضاع والتحرك بسرعة لحلحلة المشكلة قبل ان يتفاقم ويزيل الخلاف القائم ويصل الى حل سياسي وسط ، ولكن شيئا من هذا لم يحصل ، وما حصل انه لملم اغراضه في خضم صراع حركته مع السلطة واختفى في هذا الظرف العصيب؟! هل خاف على نفسه من الاغتيال؟ ام سافر لكي يتلقى العلاج ويقضي فترة استجمام في احدى الدول الاوروبية ام غادر بناء على طلب او استدعاء او ضغط من جهة ما ؟! لا احد يعلم بالضبط السر وراء سفره ثم عودته المفاجئة ثانية.. السؤال المطروح بقوة ماذا في جعبة الرجل؟ ثمة اخبار تقول انه عاد ومعه مشروع لوحدة اندماجية بين حركته وحزبه القديم الذي انشق منه للوقوف بوجه حزب بارزاني ووضع حد لنفوذه الواسع.. &