&

بعد مقتل نائب قائد عمليات الحرس الثوري الايراني بسوريا ثم مقتل مصطفى بدر الدين قائد حزب الله العسكري البارز بالقرب من مطار دمشق، تأكدت ايران تماما انها خدعت شر خديعة فى خان طومان من كافة الاطراف بما فيها الحلفاء و اولهم موسكو التى خزلتها فى توفير الغطاء الجوى بالايام السابقة، بعد ان نقل لهم الروس تطمينات الجانب الامريكي بعدم تقدم جيش الفتح عن تل العيس، و ان قائد فيلق القدس قاسم سليماني كان على حق وقت اجتماعه بالرئيس الروسي ببوتين بمنتصف ابريل السابق و رفض اي هدنة قد تكون فرصة سانحة للاتقاط المعارضة المسلحة انفاسها و توحيد صفوفها مرة اخرى و تسليحها، فمنذ ايام قليلة و عبر مصيدة واحدة حصدت جبهة النصرة ما يقرب من 13 ظابط من الحرس الثوري الايراني فى هجوم انتحاري لجبهة النصرة على غرفة عملياتهم بالتزامن مع أسر جيش الفتح ثلاث ظباط ايرانيون من بينهم نائب قائد العمليات الايرانية فى سوريا، الامر الذى صنع هزة شديدة بطهران و جعل مغاوير ايران بسوريا فى موقف لا يحسد عليه .
&
و لذلك نعود و نكرر "حرب سوريا" ليس به نصرا محسوم او طرف خاسر كل شئ، فهي حرب استنزاف، و حرب الاستنزاف هى حرب النفس الطويل، فواشنطن غير مهتمة ببقاء بشار الاسد من عدمه بقدر اهتمامها بأن تظل كافة أرجاء سوريا بؤرة دائمة الاشتعال، نيران تأكل ببطء كل من يقترب منها، فهى حرب استنزاف لكافة الاطراف المتداخلة بالملف السوري، لذلك تفكر موسكو مرتين قبل اى خطوة فى سوريا على غرار اوكرانيا فالدولتين تم اعدادهم لكي تكون بؤر استنزاف لموسكو على غرار الوحل الافغاني الذى سقط فيه السوفييت، مع الفارق ان اي تقهقر لروسيا بتلك المعركة الحالية عن نفوذها بالبحر المتوسط سيعيدها لروسيا ما قبل عام 2000م أي الى روسيا بوريس يلتسن، و ان كل ما تقدمته قطع بوتين الشطرنجية على الساحة الدولية بات فى مهب الريح .
&
فالمملكة العربية السعودية باتت ترمي بكل ثقلها فى الملف السوري و يتجلى ذلك عبر تصريحات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي التى تنعكس مباشرة على الميدان السوري، فعندما قال الجبير سندعم المعارضة بصواريخ ارض جو ايام قليلة من هذا التصريح و رأينا المقاتلات السورية القديمة تتساقط، و الان يصرح بأنه لا يستبعد دعم المعارضة بأنظمة دفاع جوي قبل ان يعلق على الملف اليمني و يقول الحوثيين جيراننا و جزء من نسيج اليمن و الاولوية لمحاربة تنظيم القاعدة، و تأتى تلك التصريحات بعد تبادل الاسرى بين الطرفين .
&
حقيقة الامر و بلا أي جدال تلك الجولة انتهت بانتصار ساحق للمعارضة السورية و قدم فيها الفريق خالد بن علي بن عبدالله الحميدان مدير الاستخبارات السعودية مفاجئة كبرى لجميع الاطراف، فأول مدير للاستخبارات السعودية من خارج عائلة ال سعود حقق ما لم يستطع بندر بن سلطان او بن بندر بن عبد العزيز تحقيقه فى الوقت الذى لم تكن اذرع بوتين متواجدة بسوريا و قبل ان تتوغل مغاوير ايران بها، كما عادت تركيا بقوة للميدان عبر معبر سري جديد من تركيا الى حور كلس بدلا من معبر باب السلامة، و جائت هزيمة ايران بأعتراف و على لسان اسماعيل كوثري رئيس لجنة الدفاع بالبرلمان الايراني بعد ان تم تصفية و أسر العديد من كبار قيادات و مستشاري الحرس الثوري خلال مصائد خان طومان، كما لم يكن الانتصار مقتصر على الميدان العسكري فقط بل و السياسي و الدبلوماسي ايضا، فبعد سلسلة تحركات موسعة للرياض على رقع النفوذ الايراني بافريقيا و اسيا الوسطى و دول القوقاز، تعود السياسة الخارجية و الدبلوماسية السعودية مجددا لكي توجه ضربة جديدة لطهران و لكن بتلك المرة كانت بتركمانستان .&

الباحث و المحلل السياسي بشؤون الشرق الاوسط
&
&