شهدت مصر ولأول مرة مظاهرات ضد الرئيس السيسي في عدة محافظات كان أبرزها القاهرة، الإسكندرية، السويس، والدقهلية. بين تهويل الإعلام التركي والقطري، وتهوين الإعلام المصري من المظاهرات تاهت الحقيقة، ولكن مع بداية ظهور تقارير لصحف غربية ومع الاتصال بمصريين يعيشون في هذه المدن، تبين لنا أن هناك مظاهرات لم تكن بالملايين كما نشر الإعلام التركي القطري، ولا هم ٣٠-٤٠ فرد كما نشر الإعلام المصري. كانت مظاهرات الإسكندرية هي الأكبر والأقوي بدأت من شارع ٤٥ بمنطقة العصافرة قبلي ثم أتجهت لشارع جمال عبد الناصر ووصلت الأعداد لعدة ألاف.
مظاهرات ٢٠ سبتمبر أعادت لذهني مظاهرات ٦ أبريل سنة ٢٠٠٨، كانت بسيطة وتركزت في المحلة وولد من رحمها مظاهرات يناير بعد أقل من ثلاث سنوات. المظاهرات التي شهدتها مصر كانت بسبب دعوة محمد علي للتظاهر هذا الجاهل سياسيا، والذي يدعي أنه يحارب الفساد الذي كبر وترعرع هو فيه. وليس لي علاقة بحياته الخاصة فهو حر ليعش حياته كما يحلو له.
المظاهرات التي شهدتها مصر كسرت حاجز الخوف، وأنا لست ضد المظاهرات فأنا تظاهرت ضد السيسي في ١ أغسطس ٢٠١٦ أمام البيت الأبيض وتظاهرت ضدة في مايو ٢٠١٧ أمام السفارة المصرية بأتاوا. وكنا أول من كسر حاجز الخوف وأول من تظاهر ضد السيسي فأنا لا يستطيع أحد أن يزايد علي مواقفي ولا علي تاريخي.
ولكن هناك فرق بين المظاهرات التي لها مطالب، والمظاهرات التي تهدف لهدم نظام كامل وبالتالي هدم بلد بالكامل، والعودة للمربع صفر. والتي يكون هدف من يشعلها ومن يقف وراءها ليس الخير للشعب ولا للوطن بل هو صراع من أجل السلطة عن طريق إشاعة الفوضي.
هذه المظاهرات والدعوات لن تسقط الرئيس السيسي للأسباب الأتية:
١- الرجل والحق يقال نجح في إعادة الأمن للبلاد، وعندما نتكلم عن الأمن فهو الأهم في حياة كل الشعوب، وأتذكر عندما سألني سياسي كندي كيف لشعب قام بثورتين أن يرضي بحكم ديكتاتوري، فقلت له ولماذا صوت الأمريكان لجورج بوش الأبن في سنة ٢٠٠٤ رغم فشله ورغم تدميره للاقتصاد الأمريكي؟؟.فآجاب، غلب عليهم الجانب الأمني. قلت له أنت أجبت علي سؤالك، ومن حق المصريين أن يضعوا الأمن من أولي أولوياتهم.
٢-الشعب المصري يدرك تماما أن سبب قيام المظاهرات هو صراع علي الحكم وليس لمصلحتهم هم وليس من أجل الشعب، فثورة ٢٥ يناير كان لها هدف ”عيش، حرية، عدالة إجتماعية“ أما مظاهرات ٢٠ سبتمبر فهدفها إسقاط السيسي ليحل بدل منه الحكم الفاشي الديني.
٣-غالبية المصريون يعشقون الرئيس السيسي وخصوصا من هم فوق الثلاثينات وكلما تقدم العمر زادت درجة العشق، فكيف يسقط رئيس يعشقة ويؤيدة غالبية شعبه.
٤- للسيسي أخطاء، نعم كثيرون يعترفون بذلك، ولكن ما الحل؟؟ هل هو الثورة وإزاحة السيسي، في الوقت الذي لا يوجد فريق أخر يستطيع ملئ الفراغ غير الإخوان!!!!. بالطبع الشعب لن يقبل عودة الإخوان ولكن الجميع مع فكرة ان إصلاح المنزل أيسر من هدمه لأن لو تم هدمه ربما لن نستطيع بناءه مرة أخري.
٥- الغرب وأمريكا لا يريدون سقوط النظام، فالسيسي أستطاع التصدي للإرهاب في الشرق الأوسط وهو الوحيد القادر علي القضاء علي الإرهاب، كما أن الثورات في البلاد العربية جاءت بنتائج سلبية علي كل الغرب الذي تسلل الإرهاب له من ناحية ودفع مليارات الدولارات تكلفة للاجئين من ناحية أخري، وأصبح زيادة عدد اللاجئين في البلاد الغربية يهدد التركيب الديموجرافي للبلاد ويهدد السكان الأصليين فيها.
٦- البديل صعب بل قاتل فالتيار المدني بعيد جدا عن القدرة حتي علي المنافسة فالبديل سيكون التيار الديني الفاشي، أو شخص عسكري أخر فلماذا التغيير أذا؟؟.
٧- ظهور أصوات غير مصرية تنادي بالثورة وهي أصوات يكرهها المصريون وبدون ذكر أسماء، كانت هذه الأصوات سبب أن يلتف الشعب حول الرئيس السيسي حتي هؤلاء الذين ليسوا علي توافق تام مع النظام.
٨- الشعب المصري لديه ثقة كبيره في نزاهة الرئيس وطهارة يده ولم ينخدع بالأقاويل التي رددها أعداء النظام.
٩ـ المصريون يرون أن سقوط السيسي هو سقوط لمصر ولن يسمحون بسقوط وطنهم مرة أخري.
١٠- الأقليات هي أكثر من يتمسك بالرئيس ويشعر بذلك الغرب ويريد بقائهم في بلادهم لمعرفته التامه أن حال شعورهم بالخطر سيلجأون للغرب.
كل هذه الأسباب تجعل من المستحيل سقوط النظام المصري. ولكن ربما تكون المظاهرات سبب في أن يعالج النظام أخطاءه وتبدأ الحكومة في النظر للفقراء، وتبدأ في تلبية بعض مطالبهم والمساعدة في توفير حياة كريمة لهم. فالفقراء لا يهتمون بالمشاريع، فليس بالمشاريع يأكل الشعب بل الخبز.
ربما تكون المظاهرات بداية في أن يتوقف المؤيديون للنظام عن تعاليهم وعن كبريائهم الذي يكسب النظام كل يوم أعداء جدد فمن يطلق عليهم المصريون ”المطبلاتيه“ هم سبب سخط الكثيرون علي النظام. ربما يدرك النظام أن عصر الديكتاتوريات قد أنتهي وأن الشعب المصري لن يقبل كتم الإنفاس طويلا، فهي فرصه لأعادة حرية الصحافة والكف عن دعم أبواق إعلامية ضررها للنظام أكثر من نفعها له. الأستقرار في مصر وفي أي مكان في العالم سيأتي عن طريق واحد ووحيد وهو بناء نظام ديموقراطي يتيح التداول السلمي للسلطة وعندما يصبح هناك أمل في التداول السلمي للسلطة سوف لا يكون هناك داعي للثورات التي تكون لها جوانبها السلبية أكثر من نتائجها الإيجابية.