ما كان المفترض أن يقع رئيس التحرير السابق لتلك المجلة، التي كانت ناطقة بإسم إحدى الفصائل الفلسطينية اليسارية، التي كانت أعتبرت في بدايات الكفاح المسلح ثاني تنظيمات ثورة فلسطين المعاصرة بعد حركة "فتح"، في الأخطاء التي وقع فيها في مقال له في أحد مواقع التواصل الإجتماعي في الذكرى الحادية والأربعين لإنطلاقة الثورة الإيرانية التي كما هو معروف كانت قد إنطلقت في فبراير عام 1979.

وهنا ولإنني أحد الذين رافقوا (أبوعمار) في أول زيارة له إلى طهران،بعد أيام قليلة من إنطلاق الثورة الإيرانية، فقد كان عليَّ أن أصحح بعض ما قاله هذا "الرفيق اليساري"،حتى النخاع الشوكي، بأن أي طائرات إيرانية مقاتلة لم تعترض طائرة (عرفات) لأن سلاح الجو الإيراني كان قد جرى "تحييده" كاملاً بمجرد إنتصار الثورة الخمينية وأنه، أي (أبوعمار) لم يلوح بـ "حطته" لطياريين إيرانيين، لم يكونوا موجودين، وأن قيادة إيران الجديدة كانت تعرف مسبقاً كل شيء عن هذه الزيارة وأن نزول الطائرة السورية، التي كان وفرها حافظ الأسد "مجاناً" لتلك الرحلة، كان عادياًّ في مطار "مهراباد" الذي أصبح إسمه :"مطار الإمام الخميني" .

كان من بين الذين رافقوا (أبوعمار) في هذه الزيارة الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس (أبومازن) وهاني الحسن وبعض قيادي الموقع الثاني في حركة "فتح" وكان قد تم نقل (عرفات) والوفد المرافق كله إلى "مدرسة علوي" وحيث تم عزل (أبوعمار) عن وفده وأعطي كما أُخبرنا لاحقاً "غرفة" في الطابق الأرضي الذي كان يقيم فيه "الخميني" الذي بقي الإتصال به والتحادث معه محدداً بـ "عرفات"..وقيل وأنا لم أستطع التأكد من هذا أن هاني الحسن قد شاركه في بعض اللقاءات.

وحقيقة أنني بقيت، كبعض الآخرين من أعضاء ذلك الوفد، أحرص على سماع خطابات الخميني للجماهير الإيرانية التي كانت تزوره يوميا في "مدرسة علوي" هذه والآن وبعد كل هذه السنوات الطويلة فإنني أقول، ويشهد الله على هذا أنه، أي الخميني، لم يذكر فلسطين في أيٍّ من خطاباته هذه وأنه لم يشر إلى وجود وفد فلسطيني في طهران وأنه لم يعرض على (أبوعمار) أن يتحدث إلى الجماهير "الغفورة" التي كان يتحدث إليها قائد الثورة الإيرانية.

وبالطبع فإنني وقبلي غيري من القادة الفلسطينيين، من بينهم (أبومازن)، لم نسمع بأن خميني قد أصدر "فتوى" بأنه: "واجب على كل إيراني وكل مسلم أن يجاهد لتحرير فلسطين والقدس والأقصى" ويبدو أن مثل هذا الكلام قد قاله "الخميني" أمام وفد من حركة "فتح" كان قد زاره خلال إقامته في العراق قبل أن ينتقل إلى فرنسا مروراً بالكويت والمعروف أنه قد إنتقل من فرنسا إلى طهران بطائرة فرنسية تم دفع "أجرتها" من تبرعات الإيرانيين إلى ثورتهم الخمينية.

وهنا فإنه عليَّ بعد كل هذه السنوات الطويلة أشير إلى أنّ (أبوعمار) لم يكن مرتاحاً لتلك الزيارة وأن الخميني كان قاسياً معه عندما طلب منه إعادة الجزر الإماراتيةالثلاثة :"طمب الكبرى وطمب الصغرى و(أبوموسى)" كـ "عربون" علاقات جديدة عربية – إيرانية وأنه أي الخميني قد قال: أنها إيرانية وأنها ستبقى إيرانية إلى يوم القيامة والمعروف أن عرفات قد حاول جاهداً تحسين العلاقات بين العراق وإيران بعد هذه الثورة لكنه قد فشل في ذلك بسبب رفض الخميني الحاسم ما أدى إلى إنحيازه أي (أبوعمار) إلى العراق وإلى صدام حسين في حرب الثمانية أعوام الإيرانية – العراقية.

وهكذا وفي النهاية فإنني أجزم أنه لم تكن هناك مثل هذه الفتوى"الخمينية" وأن إيران في عهد الخميني قد كان إنحيازها ضد منظمة التحرير وضد (أبوعمار) وضد "فتح" وأن هذا الإنحياز لا يزال مستمراً حتى الآن ومع الأخذ بعين الإعتبار أن الجبهة الشعبية مثلها مثل "حماس" باتت تنحاز إلى إيران على إعتبار أن هذا هو موقف النظام السوري..وعلى إعتبار أن ضاحية بيروت الجنوبية بزعامة حسن نصرالله أصبحت ملحقة بـ "طهران" أو "قم" لا فرق وأن مثل نظام "الملالي" في هذا المجال هو قاسم سليماني الذي أقيم له تمثالاً في مارون الراس الجنوبية –اللبنانية وهو يشير بأصبعه نحو فلسطين المحتلة.