لو لم يكن هذا النظام هو المحسوب على سوريا، زوراً وبهتاناً، لكان المفترض أن يقف العرب كلهم ضد رجب طيب أردوغان إذ أنَّ ما لا نقاش فيه ولا خلاف عليه هو إن "إدلب" كلها جزءاً من هذا البلد العربي وأن تركيا دولة محتلة وأن الأتراك يحتلونها كإحتلالهم لـ "لواء الإسكندرون" الذي سنبقى نعتبره جزءاً من الوطن العربي إلى أن تتم إستعادته.

إنه لا يمكن إلا إعتبار أن تركيا دولة محتلة وأن رجب طيب أردوغان قد ذهب بطموحاته التوسعية حتى إلى ليبيا في إفريقيا وإنه كان قد أعلن ومراراً وتكراراً أنه وريث السلطنة العثمانية وإن من حقه وعلى هذا الأساس أن يضيف كل ما كان عثمانياً إلى هذه الدولة التركية التي سنبقى نطالبها بإستعادة كل ما أضافته إلى كيانها من الأرض العربية.

والمعروف هنا، وهذا من المفترض أن أردوغان يعرفه ولا يستطيع إنكاره، هو أن هذه المواجهة هي مواجهة روسية – تركية وإن نظام بشار الأسد هو مجرد غطاء لكل هذا التدخل الروسي إن في إدلب وإن في غيرها وأنه لو لم يكن الواقع هو هذا الواقع لكان الرئيس التركي، الذي يعتبر نفسه عثمانياً وإن من حقه إستعادة أملاك الدولة العثمانية، قد حرك جيوشه حتى في إتجاه دمشق نفسها مادام أن جمال السفاح كان حاكماً لها وكان قد علق على أعواد المشانق فيها خيرة أبناء الأمة العربية في تلك المرحلة التاريخية التي باتت نائية وبعيدة.

كان يجب ألاّ يستبدل رجب طيب أردوغان أسماء مدن وقرى ومناطق إدلب العربية بأسماء تركية عثمانية لو أنه صادق في توجهاته والواضح أنه عندما إلتحق بـ "استانا" إلى جانب الروس والإيرانيين كان يسعى لضم أجزاء من سوريا إلى بلاده وعلى غرار ما كان فعله مصطفى كامل أتاتورك بالنسبة للواء الإسكندرون العربي والذي سنبقى نعتبره عربياًّ إلى أن تتم إستعادته.

ثم وإن المؤكد أن أردوغان ما كان من الممكن أن "يسكت" على مقتل أكثر من ثلاثين من أفراد وضباط جيشه "العثماني" لو أن جيش النظام السوري هو المسؤول بالفعل عن هذه المذبحة أما وأنه يعرف أن الجيش الروسي هو من إرتكب هذه "الفعلة" فإنه قد بادر إلى الإتصال بالرئيس بوتين لتفادي ما أعتبره: "مأساة إنسانية"!