المفترض أن يحقق الفلسطينيون في الأرض المحتلة منذ عام 1948 في إنتخابات الكنيست الإسرائيلي اللاحقة أو المقبلة ثمانية وعشرين مقعداً طالما أنهم قد حققوا وبسهولة في هذه الإنتخابات الأخيرة، التي لا تزال مفتوحة على شتى الإحتمالات، خمسة عشر مقعداً وأغلب الظن أنه ستكون هناك إنتخابات جديدة طالما أن تشكيل حكومة إسرائيلية سيبقى متعذراً نظراً لأن موازين القوى وفقاً لهذه النتائج، التي تم الإعلان عنها لا تزال على ما كانت عليه "تقريباً" في الإنتخابات السابقة.

مما يعني أنه بينما أن الإسرائيليين يفترقون ويتباعدون حتى بالنسبة للقوى والأحزاب اليمينية الشديدة التطرف والعداء للشعب الفلسطيني فإن الفلسطينيين يزدادون تقارباً وتوحداً، والمقصود هنا هو فلسطينيو الأرض المحتلة منذ عام 1948، الذين حققوا في هذه الإنتخابات خمسة عشر مقعداً وذلك في حين أن المفترض أن يحققوا في أي إنتخابات مقبلة، سواء أكانت قريبة أم بعيدة، خمسة وعشرين مقعداً على الأقل وهذا إن لم يكن ممكناً تحقيق فوق هذا العدد ثلاثة مقاعد أخرى.

ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن مشاركة عرب الـ "48" في إنتخابات الكنيست الإسرائيلي كانت مرفوضة وكانت تعتبر :"أم الكبائر" وخيانة وطنية وقومية لكن ما ثبت في السنوات الأخيرة هو أن هذه الإنتخابات معركة سياسية في غاية الأهمية وأنه على أبناء الشعب الفلسطيني هؤلاء أن يثبتوا وجوداً سياسياً فاعلاً في هذا الجزء من وطنهم وإنه عليهم أن يقولوا للعالم كله، من خلال فوزهم في هذه الإنتخابات، وأي إنتخابات لاحقة أنهم منغرسون في ترابهم الوطني وأنهم قادرون على كسر قيود الإسرائيليين الأكثر تطرفاً وأن هناك مستقبلاً واعداً ينتظرهم إن على المدى القريب وإن على المدى البعيد.

والمعروف أن العرب بصورة عامة وبما في ذلك فلسطينيو "الخارج" كانوا ينظرون لهؤلاء، أي لعرب عام 1948 على أنهم إسرائيليون وأنه لا يجوز الإقتراب منهم والتعامل معهم وحقيقة أن هذا هو ما كان يريده الأكثر تطرفاً صهيونياً وهم لازالوا يريدونه ويسعون إليه وهنا فإن قول الحقيقة يقتضي التأكيد على أن حركة "فتح" وبخاصة في السنوات الأخيرة هي صاحبة الدور الرئيسي في أن يصبح ما يصفونهم بأنهم:"أهلنا في الأرض المحتلة" جزءاً رئيسياً من المسيرة النضالية الفلسطينية ولكن على أساس أن "واقعهم" يختلف عن واقع أشقائهم إن في الضفة الغربية وقطاع غزة وإن في ديار المهاجر القريبة والبعيدة.

وهنا فإن ما يجب النظر إليه بكل واقعية هو أن هناك تحولاً إيجابياً عربياً تجاه الأشقاء الفلسطينيين في الأرض المحتلة عام 1948 وأنه لم يعد هناك ذلك الحول السياسي الذي جعل بعض الوفود الشبابية العربية المشاركة، في مؤتمر "صوفيا" الشبابي العالمي في عام 1968، تقاطع الشاعرين الفلسطينيين العظيمين محمود درويش وسميح القاسم، رحمهما الله، لأنهما جاءا في إطار وفد الحزب الشيوعي الإسرائيلي "راكاح" الذي كان معظم قادته وقواعده أيضا من العرب الفلسطينيين.