تناول السيد إبراهيم الزبيدي مقالتي (نفط كوردستان) في مقالته (النفط وكوردستان والنظر بالمقلوب)، بدأها بالتجريح وكيل الاتهامات جزافا، ولست في معرض الرد على ما خصني به من اقاويل لا سند لها، وانما مناقشة ما طرحه، اذ بنى مقالته على أسس لا وجود لها وانما كما يقول (كان الاجدى) و(وكان نافعا) وهوما لم يحصل و(لو افترضنا جدلا .....) الخ واتساءل من الذي ينظر بالمقلوب على أسس افتراضات لا وجود لها؟ والحقيقة انا لم اتحدث لا عن معاناة شعوب العراق ولا عن القوى السياسية التي تناوبت على الحكم وانما عن الغبن والحيف التاريخي الذي لحق الشعب الكوردي ولجوء الدولة العراقية منذ تكوينها الى نهب ثرواته الوطنية لتمويل كل جرائمها العنصرية ضد الشعب الكوردي وبهدف الغاء وجوده وكونه ثاني أكبر قومية رئيسة في البلاد.

المثال التالي عن إحصاء النفوس في مدينة كركوك وحدها والموثق تاريخيا واداريا يوضح الابعاد الحقيقية للجريمة المستمرة والسياسة العنصرية الوقحة التي مارستها الحكومات العراقية المتعاقبة ضد شعب كوردستان:
إحصاء عام 1957
- العرب 109،620
- الكورد 187،593
إحصاء عام 1977 بعد حملات التعريب والتهجير
- العرب 218،755
- الكورد 184،875
إحصاء عام 1997
- العرب 544،596
- الكورد 155،861

السيد الزبيدي المتحمس للدفاع عن الجرائم التي اقترفتها السلطات العراقية المتعاقبة ضد الشعب الكوردي يبرر حروبها العدوانية بالقول انه ما من نظام يتمرد عليه مواطنوه ويحمل السلاح لإسقاطه (ثم يبتسم لهم ويكافئهم) دون ان يذكر ان المقاومة الوطنية الكوردستانية كانت نتيجة الظلم اللامحدود وسياسات التعريب والترحيل والتهجير العنصرية ومقتل (182000) مواطن وتدمير (4500) قرية في عمليات الانفال وحدها ناهيك عن مجزرة حلبجة وترحيل الالاف المؤلفة من الكورد الفيلين والثمانية الاف بارزاني الذين دفنوا احياء.

الكاتب الزبيدي غير سعيد بنتائج المذابح الدموية ضد الكورد فهو يقول انها كانت ضد (بعض الكورد وليس ضد كل الكورد) ويحمل القيادات الكوردستانية وزر جريمة الدفاع عن شعبهم (أكثر من غيرهم) عما يسميه كامل المسؤولية عن الخلل الذي لحق بالعراقيين)، ولعل أفضل ما يكشف عن حقيقة الموقف العنصري للكاتب هو استعماله لكلمات نابية كمثل (استكراد).

ان ما يطرحه السيد الزبيدي وامثاله كان ولا يزال وسيبقى السبب الرئيس لفشل العراق في ان يصبح دولة المواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات ومن المؤكد ان استمرار التنكر لحقوق شعب كوردستان ولباقي مكونات العراق القومية والدينية والطائفية سيكون المسمار الأخير في نعش هذه الدولة المستحدثة التي لم تراعي منذ تأسيسها وحتى اليوم حقوق مواطنيها وتنوعهم القومي والديني وستكشف الأيام قريبا عمن يعيش في الأوهام العنصرية وينظر بالمقلوب.
[email protected]