يُطلق مصطلح الانفصالية على التحركات التي تتبناها مجموعة من المجتمع تسعي إلي الاستقلال‏،‏ بتوجهات أو دوافع تهدف الى فصل أرض أو منطقة يقيمون فيها من الدولة التي تسيطر عليها وتحكمها‏،‏ أو علي الأقل الحصول علي حكم ذاتي في إطار هذه الدولة‏.‏ وفى كثير من الاحيان يشير إلي الانعزال الاجتماعي لفئة معينة من مجتمع دولة ما، عن المجتمع الأساسي للدولة التي تحكمها نتيجة لمواجهة هذه الفئة بعض المشكلات الاجتماعية‏.‏

وللنزعات الانفصالية أسباب أو دوافع‏ ، فإما أن تكون إقليمية ..أو عرقية ..أو لغوية.. أو ثقافية ..أو دينية.. أو ربما يجتمع أكثر من سبب منها في حالة واحدة‏.‏ وتوجد أيضا درجات وأساليب للحركات الانفصالية‏،‏ فأحيانا يتم استخدام القوة المسلحة أو العمليات المسلحة عبر تشكيل منظمات أو جماعات تحمل السلاح لتحقيق أهدافها‏،‏ وهناك المظاهرات والاحتجاجات والإضرابات السياسية والاجتماعية والعمالية‏،‏ وهناك الإجراءات السياسية والدستورية الشرعية‏.‏

وتعد قارة إفريقيا من أشهر مناطق العالم التي تعاني اضطرابات سياسية متنوعة الأشكال‏،‏ سواء انقلابات علي النظم الحاكمة‏،‏ أو اعتراضات علي نتائج انتخابات معينة‏،‏ أو محاولات تمرد ومحاولات اغتيال وغيرها‏،‏ ومن ضمن تلك الاضطرابات طلب جماعات معينة الانفصال وتشكيل دول مستقلة‏.‏

وتمتد نزاعات الاستقلال من الصحراء الغربية إلي كازامانس في السنغال إلي الكاميرون إلي جنوب السودان‏.‏ ولاتزال منطقة البحيرات العظمي من أكثر المناطق الإفريقية اضطرابا‏.‏

وقد حاول سكان إقليم بيافرا الإنفصال عن نيجيريا وتكوين دولة مستقلة خاصة بعرقية الإيبو في 30 مايو 1967 وحتى 15 يناير 1970. وحصلت الجمهورية الانفصالية على اعتراف عدد قليل من الدول و هم هايتي و الجابون و كوت ديفوار و تنزانيا و زامبيا.

ومن ابرز مناطق النزاع في القارة الاسيوية النزاع الهندي الباكستاني حول إقليم كشمير‏. وكذلك تطلعات حركة التاميل الانفصالية السريلانكية ، وفيهما ما يظهر حجم التمزق الإقليمي الذي يمكن أن ينجم عن انفصال هذه الأجزاء معا‏.‏ وبالقدر نفسه‏،‏ فإن إندونيسيا تنظر الى حقها في إقليم آتشيه‏. ‏ فيما تتخوف الصين من احتمال إعلان تايوان استقلالها عنها‏.‏
كما تواجه الصين ايضا رغبات انفصالية في منطقتي شينجيانج '‏ تركستان الشرقية‏'‏ "والتبت" الواقعتين في اقصي غربها‏.‏

وفي تايلاند ذات الأغلبية البوذية يشكل المسلمون فيها 5%،‏ من إجمالي السكان البالغ‏64.6‏ مليون نسمة‏.‏ ويتركز المسلمون في ‏3‏ ولايات بأقصى الجنوب يمثلون الأغلبية فيها‏،‏ وهي‏:‏ فطاني‏،‏ ويالا‏،‏ وناراثيوات‏،‏ وكانت تلك الولايات سلطنة مستقلة إلي أن ضمتها بانكوك منذ قرن إليها‏.‏ تدعي الحكومة التايلاندية أن روح الانفصال في هذه الولايات تزيد من أعمال العنف بجنوب البلاد ‏.‏

وتعيش سريلانكا في حرب اهلية منذ عقود تقريبا‏.‏ والنزاع الحالي هو بصفة رئيسية بين الحكومة وجبهة تحرير تاميل‏،‏ المعروفة ايضا باسم نمور تاميل‏،‏ وهذه الجماعة تمثل الاقلية التاميلية التي تريد الانفصال بدولة مستقلة لان الاغلبية السنهالية هي التي تحكم البلد وتسيطر علي ثرواته وقد واجهت سريلانكا توترا حادا بين الاغلبية التي تنتمي الي السنهاليين والاقلية التي تنتمي الي التاميل‏،‏ مما ادي في يونيو‏1965‏ الي مصادمات عنيفة شن خلالها السنهاليون هجمات علي التاميل وعلى مصالحهم التجارية‏.‏ وفي عام‏1983‏ ادت موجة عنف ضد التاميل عبر الجنوب الي انتقال ميزان القوي من تمرد صغير يسهل السيطرة عليه الي ما يشبه الحرب الاهلية وبداية حملة الجبهة ضد الحكومة السريلانكية لضمان وطن منفصل للتاميل المعروفين باسم تاميل ايلام في الاقليمين الشرقي والشمالي من البلاد‏.‏ وسيطر النمور علي معظم المناطق الشمالية والشرقية من سريلانكا‏.‏

وكانت البوادر الأولى لتفكك الاتحاد السوفييتي قد بدأت تلوح في الأفق منذ شتاء العام 1988، الذي شهد ما سمي بحركة "استقلال البلطيق" التي أرغمت مجلس السوفييت الأعلى على تبني وثيقة منح السيادة لجمهوريات البلطيق الثلاث وهي إستونيا ولاتفيا ولتوانيا.

وفي ربيع العام التالي حذت أذربيجان حذو جمهوريات البلطيق وتبنى مجلس السوفييت فيها، أي البرلمان قانون السيادة على أراضيها، لتمثل وثيقة أذربيجان سابقة فتحت الباب على مصراعيه أمام باقي جمهوريات الاتحاد السوفييتي لتعلن جميعها الواحدة تلو الأخرى خلال العام 1990 سيادتها على أراضيها وضمن حدودها الإدارية داخل نطاق الاتحاد السوفيتي.
وتبنى مجلس السوفييت الأعلى بقيادة بوريس يلتسن في روسيا في 12 يونيو/حزيران 1990 وثيقة السيادة الوطنية، وأعلن في وقت لاحق من نفس العام عن منح الحكومة والوزارات والمؤسسات الروسية استقلالا موسعا عن الاتحاد السوفييتي.

وتبنى الحزب الشيوعي السوفيتي بمبادرة من الرئيس الأول والأخير للاتحاد السوفيتي، ميخائيل غورباتشوف في 3 ديسمبر/كانون الأول 1990 مشروع وثيقة إعلان اتحاد جديد يحل محل الاتحاد السوفيتي ويمنح الجمهورية العضو فيه صفة دولة مستقلة ضمن نطاق الاتحاد السوفيتي، على أن تبقى بيد عاصمة الاتحاد شؤون الأمن والدفاع وتحديد نهج السياسة الخارجية واستراتيجية التنمية الاقتصادية.

وفي أعقاب أحداث أغسطس/آب 1991 ومحاولة الانقلاب الفاشلة على رئيس الاتحاد السوفييتي، ميخائيل غورباتشوف لثنيه عن جميع الاتفاقات التي أبرمها مع زعماء الجمهوريات الـ9، أخذت الجمهوريات التي وقعت على اتفاق اتحاد الدول المستقلة تعلن استقلالها عن الاتحاد السوفييتي الواحدة تلو الأخرى.

وباءت جميع المحاولات لقيام اتحاد جديد يحل مكان السابق بالفشل، ولم يتوصل غورباتشوف وزعماء الدول الجديد المنبثقة عن الاتحاد السوفييتي إلى اتفاق يبقي على الاتحاد السوفييتي بشكل أو بآخر، حتى اتفق قادة روسيا بوريس يلتسن، وأوكرانيا ليونيد كرافتشوك، وبيلاروسستانيسلاف شوشكيفيتش في 21 ديسمبر/كانون الأول 1991 على قيام رابطة الدول المستقلة.

الجدير ذكره، أن واشنطن وحلفاؤها، دعمت في السابق، الحركات المتشدّدة في مناطق القوقاز الشمالي: الشيشان وداغستان وكاباردينو وأنفوشيا، بهدف ضرب روسيا.

تعميم بلقنة أوروبا
شهدت وما زالت تشهد منطقة البلقان حركات انفصالية‏،‏ وبدأت هذه الانفصالات بتفكك الاتحاد اليوغسلافي السابق إلى دول‏،‏ وكانت صربيا الوريث الأكبر لهذا الاتحاد‏،‏ إلا أنها فقدت في تسعينيات القرن الماضي جمهورية البوسنة والهرسك التي أعلنت عن نفسها كدولة مستقلة‏،‏ ثم فقدت إقليم كوسوفا الذي تقطنه أغلبية من الألبان المسلمين عددها‏2‏ مليون نسمة‏.‏
وهناك القضية القبرصية‏،‏ أو قضية جزيرة قبرص التي انقسمت إلي شطرين‏:‏ شطر يوناني‏،‏ وهو ما عرف لاحقا باسم قبرص ويحظى باعتراف المجتمع الدولي‏،‏ وشطر تركي يحمل اسم قبرص الشمالية أو قبرص التركية والذي لم يعترف به المجتمع الدولي و يحظى بتأييد تركيا منذ إعلان استقلاله من جانب واحد عام‏1983.‏

ومن النزعات الانفصالية البارزة في أوروبا،‏ الحركة الانفصالية القوية في إقليم كاتالونيا الإسباني الخاضع للحكم الذاتي بعاصمته برشلونة‏،‏ والتي تزايدت في الفترة التي أعقبت سقوط حكم فرانكو عام‏1975،‏ وأصبحت تشكل صداعا في رأس الحكومات الإسبانية المتعاقبة‏ .

كما توجد في إسبانيا حركة إيتا المسلحة التي تقاتل من أجل استقلال إقليم الباسك والتي يعبر عنها سياسيا حزب‏ " خيري باتاسونا".‏

ومن الحركات الانفصالية البارزة حركة الجيش الجمهوري الأيرلندي الذي اختار الحل الديمقراطي السياسي والسلمي علي الحل العسكري المسلح‏،‏ ويعبر عن مطالبه السياسية حزب‏ "‏ شين فين"‏ الجناح السياسي للجيش الجمهوري‏،‏ وهناك أيضا توجهات أسكتلندية متزايدة للانفصال عن بريطانيا‏،‏ تم التعبير عنها بوضوح في العديد من استطلاعات الرأي التي أجريت حول هذا الموضوع‏.‏

وفي فرنسا حركة انفصالية تتصاعد يوما بعد آخر في جزيرة كورسيكا جنوبا‏،‏ وهناك أيضا إقليم بريتاني‏،‏ والمشكلة في إيطاليا أكبر وأعمق‏،‏ إذ يسعي الشمال الأكثر تقدما ونهضة صناعية إلي الانفصال عن إيطاليا نفسها‏،‏ ويعبر عن هذا التوجه حزب رابطة الشمال أو الرابطة الانفصالية‏،‏ ولكن الحكومة المركزية الإيطالية تدرك تماما أنها يجب أن تدافع بكل ما تملك عن وحدة أراضيها وتماسك أقاليمها‏،‏ خاصة الشمالية منها التي توجد بها معاقل الصناعة والاقتصاد في البلاد بصفة عامة‏.‏ وهناك أيضا حركات انفصالية صغيرة في الدنمارك والسويد والنرويج‏،‏ ولكن أغلبها يعبر عن توجهات وانتماءات سكان البلاد الأصليين أكثر من كونها حركات سياسية أو انفصالية مؤثرة‏.‏

النزعات الانفصالية في الأميركيتين
توجد بعض النزعات الانفصالية في أميركا الشمالية والجنوبية واللاتينية فهناك إقليم كيبك الذي ظهرت فيه منذ استقلال كندا عام‏1931‏ حركة تذمر عرفت بالثورة الصامتة‏،‏ كانت تسعي لحفظ حقوق الكنديين الفرنسيين‏،‏ والدعوة إلى انفصال كيبك عن باقي كندا‏،‏ وبدأت هذه الحركة تتبع أساليب عنيفة‏،‏ وظل أمر كيبك يقلق الحكومة الكندية حتي استفتاء عام‏1995‏ حول رغبة المواطنين في الاستقلال حيث بلغت نسبة المصوتين لصالح عدم الاستقلال‏6،50%‏ مقابل‏4،49%‏ لمؤيدي الانفصال اي بفارق‏45‏ الف صوت فقط من بين خمسة ملايين ناخب شاركوا في الاستفتاء‏.‏

أما في المكسيك فهناك حركة جيش زاباتيستا للتحرير الوطني وهي مجموعة ثورية مسلحة من ولاية تشيباس في جنوب المكسيك‏.‏ وبدأت الحركة عام‏1994،‏ وطالبت الدولة المكسيكية بالاعتراف الرسمي بحقهم في الاستقلال‏.‏ قاد ماركوس زعيم الحركة ورفاقه ثورة تحرير لشعب التشيباس في المكسيك تحت شعار كل السلطة للشعب‏،‏ ودخل ثوار الزاباتيستا في مواجهات مع الحكومة المكسيكية‏.‏

واستمرت مرحلة الصراع حتي عام‏2000،‏ ووعد الرئيس المكسيكي فنسنت فوكس بسحب القوات الحكومية من ولاية تشيباس الجنوبية وإعطاء الولاية مزيدا من الحكم الذاتي‏،‏ تلبية للحركة التي أصبح لها مكانها وشعبيتها القوية‏.‏ لكن سرعان ما خاب أمل الثوار بعد ان فشلت الحكومة في تطبيق بنود اتفاق السلام لعام‏1996‏ و فشل البرلمان المكسيكي في القيام بذلك.‏

وفي كولومبيا تعد فارك أكبر وأقدم مجموعات حرب العصابات اليسارية تسليحا في كولومبيا‏،‏ التي ظهرت عام‏1964،‏ بدأت المجموعات اليسارية المتمردة القتال بهدف إحلال دولة ماركسية محل الحكم في كولومبيا‏،‏ غير أن دافعها اصبح أقل وضوحا مع مرور الزمن وأصبحت متورطة في تجارة المخدرات وعمليات الخطف والاستغلال‏.‏

الولايات اللامتحدة
إثر الفوز المفاجئ للمرشح الجمهوري دونالد ترامب في انتخابات الرئاسة الأميركية سادت أجواء من التشاؤم والحذر داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية. ففي الداخل الأميركي لاحت نذر مخاوف اقتصادية وحراك شعبي تمثل في تظاهرات مناهضة للرئيس ترامب عمت عدداً من الولايات.

ومقابل التكهنات التي تمركزت حول دخول الولايات المتحدة حقبة من الانعزالية مصحوبة بهيمنة شعبوية وتدني في درجة حرية التعبير والحريات العامة. عادت إلى الظهور في المشهد الأميركي نزعات انفصالية.

ويرجع ظهور تلك النزعات إلى القرن التاسع عشر وتحديدا عندما نادت ولاية كارولينا الجنوبية بعدم الاعتراف بالحكومة المركزية في واشنطن وبما يصدره الكونغرس من قرارات ملزِمة إذا لم تتفق مع مصالح الولاية.

وسبق للسكان الأصليين لولايتي ألاسكا وجزر هاواي أن ناشدوا الأمم المتحدة، عبر بيان اصدروه في 7/5/2015 النظر في مسألة ضم أراضيهم بطريقة "غير مشروعة" إلى الولايات المتحدة، وعن "طريق الخداع" وانتهاك مبادئ الأمم المتحدة. ودعا ممثلو الولايتين الأمم المتحدة إلى إصلاح تلك الأخطاء، وإجراء "استفتاء لتقرير المصير".

وخلال السنوات الأخيرة تمت المطالبة بإعادة ألاسكا إلى روسيا ، وهناك من طالب بتحويل ألاسكا إلى دولة مستقلة بين أميركا وروسيا.

وكانت 15 ولاية أمريكية قد قدمت 10/11/2012 ، بعد أيام فقط من انتهاء الانتخابات الرئاسية طلباً للانفصال من الوطن الأم لإقامة حكومات منفصلة وكيان مستقل وتضم هذه القائمة: كل من ولاية لويزيانا وتكساس ومونتانا وداكوتا الشمالية وانديانا وميسيسبي وكنتاكي وكارولينا الشمالية وألاباما وفلوريدا وجورجيا ونيوجرسي وكولورادو وأريغون ونيويورك.

وقامت خلال العقود الثلاثة الأخيرة في الولايات التالية: جورجيا و كارولينا الجنوبية وتكساس و فيرمونت بإجراء بعض الأعمال والنشاطات التي يمكن اعتبارها بمنزلة التحركات الانفصالية، ففي شهر مايو2010 أعلنت مجموعة تدعى "جمهورية بالمتو الثالثة" (Third Palmetto Republic) في كارولينا الجنوبية عن وجودها ويذكر أن هذه الولاية استقلت مرتين حتى الآن مرة في عام 1776 و الأخری في عام 1860.

وتأسست "جمهورية فيرمونت الثانية" عام 2003 وهي شبكة متشكلة من عدة مجموعات يقدمون أنفسهم تحت عنوان "المواطنين السلميين". وتسعى هذه الشبكة عبر الطرق السلمية للحصول على استقلال فيرمونت مرة أخرى، في 28 أكتوبر 2005 عقد نشطاء هذه الحركة "مؤتمر استقلال فيرمونت" حيث يعتبر أول تجمع يقام في ولاية یبحث قضية الانفصال عن الولايات المتحدة.

وبدأت حركة "جمهورية تكساس" نشاطاتها وفعاليتها المثيرة للجدل أواخر عقد الثمانيات. وفي عام 2009 طرح ريك بري عمدة تكساس قضية الانفصال في إحدى اجتماعات الحزب الجمهوري حيث أعلن أن: "تكساس مكان لا مثيل له، عندما انضمت إلى الولايات المتحدة في عام 1845 كانت إحدى القضايا التي تم الاتفاق عليها أنه في أي وقت رغبنا نستطيع أن نخرج من هذا الاتحاد... أتمنى أن تنتبه أميركا وبالأخص واشنطن إلى هذا الأمر.. إذا استمرت واشنطن في إهانة الشعب الأميركي لا يمكن لأحد أن يتوقع ماذا سيحدث في المستقبل".

وتعد تكساس أكبر ولايات أميركا بعد الاسكا، وتبلغ مساحتها 696200 كيلومتر مربع. أي أنها أكبر من فرنسا بنسبة 10% وتقارب مساحتها ضعف مساحة ألمانيا. وهي من أكبر الولايات الزراعية في الولايات المتحدة ، والنفط هو أشهر صناعاتها.

وتتمتع تكساس أو ما يعرف ب" ولاية النجمة الوحيدة (Lone Star State)"، بخصوصية قانونية حيث شرعت لغتين رسميتين في الولاية ،عدا الانكليزية اللغة الرسمية للبلد هناك الاسبانية لغة رسمية أيضاً.‏ وللولاية ذاكرة تاريخية جيدة مع أيام الحرية البيضاء.‏ فبعد ستة أشهر من الحرب مع المكسيك من أجل الاستقلال، أعلنت جمهورية تكساس، التي حافظت على سيادتها من عام 1836 حتى عام 1845.‏

وتطالب بعض المنظمات الشعبية الناشطة في ولاية كاليفورنيا بالاستقلال عن الولايات المتحدة، وقد عقدوا اجتماعاً في 15 نيسان 2010 لدعم مطالبهم في الانفصال ولبحث قضية الدفع قدماً في تحقيق هدفهم المتمثل في الاستقلال.
وتلقب كاليفورنيا بالولاية الذهبية (The Golden State) هي ثالث أكبر ولاية أميركية من حيث المساحة، بعد ألاسكا وتكساس. حيث تبلغ مساحتها 410000 كيلومتر مربع وإجمالي عدد سكانها 38041430 حسب احصائيات العام2012.

وكاليفورنيا هي أيضا موطن العديد من المناطق الاقتصادية الهامة، مثل هوليوود (الترفيه) وجنوب كاليفورنيا (الفضائيات) والوادي الأوسط(الزراعة) ووادي السليكون (الكمبيوتر والتكنولوجيا العالية) وهي المسؤولة عن 13 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في الولايات المتحدة.
ورداً على فوز دونالد ترامب بالرئاسة في الولايات المتحدة، وتقدم دعاة الانفصال بمشروع "نعم لمشروع استقلال كاليفورنيا" بشكل رسمي.

وتقدم مؤيدو الانفصال بوثيقة "كاليكسيت": الدعوة إلى الاستفتاء على الاستقلال في 2019" للحصول على تأييد نصف مليون ناخب أميركي على الأقل، للمرور إلى المرحلة الثانية أي إصدار مشروع قانون يدعو الناخبين على التصويت في 2019، وتقرير مصير ولاية كاليفورنيا، إما البقاء داخل الاتحاد، أو الاستقلال.

ولنجاح المشروع يتحتم أن يحصل الاستفتاء على تأييد الناخبين، إذا أقيم، وذلك بمشاركة 50% من الناخبين على الأقل، وأن تكون نسبة التأييد فوق 55%، لاعتماد الانفصال رسمياً وتأسيس جمهورية كاليفورنيا المستقلة.

لكن من جهته، الباحث كايسي ميشال في مجلة ذا ديبلومات الأميركية، يؤكد أن احتمال انفصال كاليفورنيا تعادل حظوظه نجاح ترامب في إعادة توحيد سلمي لشبه الجزيرة الكورية. و أن البنى التحتية التي تدفع حركة الانفصال داخل كاليفورنيا "تبهت" مقارنة مع ولايات أخرى وخصوصاً تكساس. فبعكس الأخيرة التي تلقت اعترافاً بها خلال أواسط القرن التاسع عشر من بريطانيا وفرنسا وبعض الدول الأخرى، لم تتلقّ كاليفورنيا اعترافاً كهذا.

وعن الجهة التي تقف وراء هذا المطلب الانفصالي، خصوصاً مع ادّعائها بأنها حركة داخلية المنشأ، يعتقد ميشال أن حركة "نعم كاليفورنيا" تحافظ على سلسلة من الروابط الخارجية يمكن أن تحجب عملية استمرارها. فالمنظمة الأولى التي تتصدّر التحركات هي "نعم كاليفورنيا" ورغم أن مقرّها في الولاية نفسها. إلا أن رئيسها لويس مارينيللي أمضى بضع سنوات في كاليفورنيا لكنه يعيش في روسيا. أي في دولة تتهمها وكالات الاستخبارات الأميركية بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما انضمّ مارينيللي إلى مؤتمر انفصالي في موسكو تمّ تمويله جزئياً من الكرملين. وحضره ممثلون عن حركات انفصالية في تكساس وبورتوريكو وهاواي.

الجدير ذكره، ان التفكير الانفصالي في الولايات المتحدة الأميركية بدأ منذ القرن التاسع عشر ولا يوجد في الدستور الأميركي أي بند يتحدث عن الانفصال. في الماضي فعندما كانت الولايات الجنوبية مستقلة أقّر الكونغرس تعديلاً يمنع الانفصال وهذا يشير إلى أن الكونغرس له الصلاحية في منح حق الانفصال أيضاً. لكن احتفظت 3 ولايات (رودأيلند، نيويورك، فيرجينا) من أصل 13ولاية شكلت في البداية نواة الولايات المتحدة بحقها في طلب الانفصال عندما انضمت إلى هذا الاتحاد ومنذ ذلك الوقت حتى الآن لم يكن هذا الأمر موضع اختلاف لذلك يمكن تعميمه على كافة الولايات الأخرى.

وفي القرن التاسع عشر قبل أن تبدأ كارولينا الجنوبية بسلسلة مطالبتها بالانفصال أقرت 7 ولايات (كنتاكي، بنسلفانيا، جورجيا، كارولينا الجنوبية، ويسكونسن، ماساتشوتسن، فيرمونت ) قوانين تقضي بإلغاء سلطة واشنطن ولم يصدر أي رد فعل عن واشنطن تجاه هذا الأمر. طبعاً حكومة لينكولن كانت تتصرف بشكل تعتبر فيه أن الانفصال أمر غير قانوني وانتصار قواته في الحرب مؤشر عملي على العقوبة التي تنتظر الولايات في حال حاولت أو فكرت بالانفصال، هذا القانون غير المدون والذي ما يزال ساري المفعول حتى الآن. كما أعلنت المحكمة الأميركية العليا أن الانفصال أمر غير قانوني لكن أشارت في بيانها إلى أن الانقلاب أو اتفاق الولايات يمكن أن يؤدي إلى الانفصال.

ويثير انتشار النزعات الانفصالية في الولايات المتحدة الاميركية تساؤلات حول مستقبل الدولة الفيدرالية بغض النظر عن نوع الفيدرالية المطبقة في الواقع العملي الاميركي.

وفي ظل جائحة كورونا التي كشفت عن نقاط ضعف وقوة النظم السياسية الكبيرة منها والصغيرة في آن، فضلاً عن عيوب العولمة والشعبوية، ستتغذى الوطنيات الانعزالية ليجتاح العالم تسونامي "كنتكته"- من كانتون- وبالتالي تتغير الخرائط السياسية ليبدو العالم أكثر فسيفسائية عرقياً وأثنياً.