بات واضحاً ومؤكداً أنّ رجب طيب أردوغان "لا يمزح" عندما يشير ويتحدث بكل جدية أنه سيعيد "أمجاد" الدولة العثمانية وأنه سيسحب البساط من تحت أقدام ما فعله مصطفى كمال "أتاتورك" وما تركه كتراث سياسي للأتراك و"شطب نهائي" لتراث العثمانيين فقد ثبت أن هذا الرئيس التركي كان جاداًّ عندما قال أن ليبيا أرضاً عثمانية وأن تركيا عندما تسيطر عليها فإنها تستعيد ما هو لها بعد كل هذه السنوات الطويلة وبعد نحو قرن كامل من السنوات!

ولعل ما تجدر الإشارة إليه في هذا المجال أن أردوغان، المصاب بداء العظمة، قد أعاد لأحفاد وأبناء العثمانيين، الذين كانوا تركوا تركيا خوفاً من بطش "أتاتورك" الذي "قلع" الإمبراطورية العثمانية من جذورها، "جنسيتهم" التركية وسمح لهم بالعودة بعد كل هذه السنوات الطويلة إلى وطنهم وعلى أساس أنّ الدولة العثمانية عائدة لا محالة وأنه أول خليفة عثماني بعد السلطان عبدالمجيد الثاني الذي أُسْقطت هذه الدولة في عهده لحساب الجمهورية التركية في عام 1923.

إن هذه مسألة جدية وإن أردوغان لا "يهذي" ولا يمزح في هذا المجال وأنه كان جاداّ عندما وصف ليبيا بعد غزوها بأنها أرضاً عثمانية وأنه الأحق بها من غيره والواضح أنه في هذا المجال يسعى أيضاً لإقتطاع بعض المناطق العراقية والسورية على أساس أنها كانت أملاكاً للعثمانيين وأنه غير مستبعد، إن هو بقي يجلس على كرسي الحكم في إسطنبول أو انقره لا فرق أن يدعي أن البحر الأبيض المتوسط بحيرة عثمانية وأن جزيرة قبرص "نجمتها" فـ "الهذيان" في هذا المجال لا حدود له وإلاّ لما "تزنر" بـ "الإخوان المسلمين" من أجل هذه القضية.

والمعروف أن الإخوان المسلمين بدءاً بـ "إمامهم" حسن البنا وصولاً إلى هذه الأيام، حيث إختاروا أردوغان إماماً ومرشداً عاماً لهم، بقوا منذ البدايات وحتى الآن يرفعون راية إحياء الخلافة العثمانية وإستعادتها وهذا لم يعد خافياً على كل معنيٍّ ومتابع لهذه الأمور وقد إزداد الحديث عنه بعدما لمع نجم هذا الرئيس التركي وبعدما إنتقل ثقل الحركة الإخوانية من القاهرة إلى إسطنبول "العثمانية" وحيث باتت هذه الحركة متحالفة مع إيران الخمينية وتغرق حتى عنقها في بحيرة الأموال القطرية.

وهكذا فإنه لا بد من التأكيد على أن هذه المسألة في غاية الجدية وأن رجب طيب أردوغان بات يحلم بالفعل بأنه أمير المؤمنين بعد السلطان عبدالمجيد الثاني الذي كان حكم شكلياًّ منذ عام 1922 وحتى عام 1924 وحيث طوى "أتاتورك" صفحة الخلافة العثمانية التي فتح هذا الرئيس التركي صفحتها مجدداً معتمداً على الإخوان المسلمين وعلى بقايا العثمانيين الذين بدأ بلملمتهم من ديار الغربة القريبة والبعيدة والذين أصبحوا جزءاً من شعوب البلدان التي لجأوا إليها وحتى أنهم لا يتكلمون اللغة التركية .. ولا يعرفون شيئاً عن جدهم الأول سليمان شاه الذي كان غرق في مياه الفرات هذا الذي كان هارباً بقبيلته خوفاً من بطش المغول بقيادة جنكيز خان.