المفترض أن ديفيد فريدمان أميركياَّ وسفيراً للولايات المتحدة لدى إسرائيل وليس لا ناطقاً بإسمها ولا رئيساً لوزرائها حتى "يحشر" أنفه في كل شاردة وواردة وحتى يتصرف بهذه الطريقة الإستعلائية ويرفض ويقبل بدون الأخذ بعين الإعتبار أنه يمثل دولة لا أحد ينكر أن من حقها أن تكون لاعباً رئيسياً بالنسبة للصراع العربي – الإسرائيلي والتدخل الإيجابي لوضع حدٍّ له بعد أكثر من سبعين عاماً أمّأ أن يتصرف "هذا"، الذي من المفترض أن يكون محايداً بقدر الإمكان، وكأنه رئيس الوزراء الإسرائيلي أو رئيس الحركة الصهيونية وأيضاً أو رئيس حزب "الليكود" الأكثر يمينية وتطرفاً في هذه الدولة، التي فرض وجودها على هذه المنطقة بالقوة والعنف والتآمر والألاعيب السياسية، فإنّ هذا غير جائز وغير مقبول على الإطلاق.

لم يترك فريدمان، منذ أن أصبح سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل أي شأنٍ بالنسبة لهذا الصراع الشرق أوسطي إلاّ وحشر "أنفه" فيه ليس كسفير دولة من المفترض أن تكون محايدة، وحقيقة أنها لم تكن محايدة بالنسبة لهذا الصراع الذي تجاوز عمره السبعين عاماً، وإنما كأكبر مسؤول إسرائيلي.. أي أكبر وأهم من بنيامين نتنياهو.. وأيضاً أكبر من ديفيد بن غوريون لو أنه لا يزال على قيد الحياة وأكثر حرصاً على الشؤون الإسرائيلية حتى من أرئيل شارون وحتى من مناحيم بيغن وموشيه دايان!.

كان يجب أن يكون فريدمان هذا رئيساً لحزب "الليكود" ورئيساً لوزراء إسرائيل بدلاً من بنيامين نتنياهو وليس سفيراً للولايات المتحدة، في عهد دونالد ترامب، التي لم تكن محايدة بالنسبة لهذا الصراع ولا في أي يوم من الأيام لا في فترة الديموقراطيين ولا في فترة الجمهوريين فالسفير وأي سفير يجب أن يكون محايداً وإن "شكلياًّ"، وحتى وإنْ كانت دولته أقرب إلى طرف من الطرف الآخر وبخاصة إذا كانت لها مصالح "إستراتيجية" مع الطرفين والمعروف هنا أن مصالح أميركا مع العرب القريبين والبعيدين أكثر كثيراً من مصالحهم الفعلية مع الكيان الإسرائيلي الذي يتصرف الأميركيون معه وهو يتصرف مع الأميركيين وكأنه إحدى الولايات الأميركية الأساسية والرئيسية.

وهكذا فإن ما بات واضحاً ومعروفاً ومؤكداً أن ديفيد فريدمان لم ترسله إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى إسرائيل ليكون سفيراً للولايات المتحدة في منطقة لا تزال ملتهبة بصراع تاريخي لم تُنْهه هذه الإتفاقيات العربية – الإسرائيلية غير الثابتة وغير المستقرة بل ليكون صاحب القرار الفعلي في الدولة الإسرائيلية وحقيقة أن هذا هو ما حصل وما بقي يحصل يومياًّ وحيث أن حتى بنيامين نتنياهو قد إنزوى جانباً وترك لمن من المفترض أنه يمثل دولة لها مصالح حيوية و"إستراتيجية" في هذه المنطقة الهامة جداًّ ليتخذ القرارات الإسرائيلية وينطق بإسم إسرائيل وكأنه المسؤول الإسرائيلي الأول في هذه الدولة.
وحقيقة أنه ما كان على العرب وفي مقدمتهم "الفلسطينيون" أنْ يسكتوا على هذا الأمر إذْ أنّ بإمكان الولايات المتحدة أنْ تعين ديفيد فريدمان رئيساً لإسرائيل أو رئيساً لوزرائها أو ناطقاً رسمياًّ بإسمها وأنْ تُعَين بديلاً له يكون أميركياًّ بالفعل وحقاًّ وحقيقة وينطق بإسم أميركا ويمثل مصالحها وأنْ يكون على مسافة واحدة بين طرفي الصراع في هذه المنطقة التي غدت ملتهبة بصراعات أخرى كثيرة أمّا بالنسبة لهذا السفير فإن "الأصح" والأفضل للإسرائيليين والأميركيين أن يكون سفيراً لإسرائيل ولـ "بنيامين نتنياهو" تحديداً في الولايات المتحدة أمّا أن يكون سفيراً لواشنطن في القدس الغربية ويتصرف كأكبر مسؤول في هذه الحكومة "الليكودية" فإن هذا غير جائز على الإطلاق وأنه على العرب المعنيين أن يكون لهم موقف حاسم تجاه هذه المسألة التي هي في غاية الأهمية!!