المسلم العاقل يعلم يقيناً أن أي إساءة صادرة من أي فرد أو جهة تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم لن تستطيع أن تنال من جنابه الطاهر ولن تتأثر رسالته عليه السلام بمجرد كلمات أو رسومات، قال تعالى(إنا كفيناك المستهزئين)، (إن شانئك هو الأبتر)، وكما تكفَّل الله بحفظ كتابه وبيته الحرام فإنه قد تكفَّل أيضاً بحفظ نبيه جسداً ومقاماً وأثراً وتأثيراً.

لكن عند النظر إلى تلك الأزمة ففي الواقع أن ما قام به الطالب ووالده وكل من كان معهم هو الإرهاب بعينه، المعلم لم يسيء للطالب وإنما ذكر رأيه حول شخصية تاريخية هو لا يؤمن بها كما يؤمن بها المسلم، كذلك موقف الرئيس ماكرون ليس فيه أي إساءة للإسلام بأي شكل من الأشكال، وحتى لو افترضنا أنه أساء للإسلام فإن جميع الدول الإسلامية في بعض مناهجها تسيء للمسيحية وللمسيحيين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ولا أجدني مضطراً لذكر تلك النصوص(كذلك المسيحية واليهودية بينهما صراع وكل دين يرفض الآخر لأن هذهِ طبيعة الأديان منذ فجر التاريخ، لذا أتت العلمانية كمحاولة إنسانية لإنهاء هذا الصراع)، ورغم ذلك وبفضل العلمانية رحبت فرنسا وأوروبا بهؤلاء المسلمين رغم أنهم يعلمون نظرتهم للمسيحية وللمسيحيين، لكن العلمانية جعلتهم إنسانيين ومحايدين قدر الإمكان، أرجوكم؛ دعونا نكُن واقعيين ولا نخدع أنفسنا. وفي جميع الأحوال ليس هناك أي مبرِّر للاعتداء على أي شخص أو قتله، فرنسا دولة علمانية كما هو معلوم، وفيها مسموح بحرية التعبير العالية، حتى الأديان الأخرى نالت نصيبها مما يعتبرونه في ثقافتهم حرية لا ازدراء.

من حق المعلم الفرنسي أن يقول رأيه عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فنبينا بالنسبة له غير معصوم بل لا يعتبره نبياً، كذلك نحن المسلمين لا نعتبر يسوع إله ونعتبره مجرد عبد ورسول لله(وهذا الرأي بالنسبة للمسيحي يعتبر إهانة)، ورغم كل ذلك سيبقى محمد رمز إسلامي عظيم وسيبقى يسوع رمز مسيحي عظيم، وستذهب تلك العبارات والرسومات كما لو أنها لم تكن.

إن ما قام به الطالب المسلم ووالده أشد جرماً وإرهاباً مما قام به المعلم الفرنسي، هذا المعلم لم يحمل سلاحاً، بل إنه لم يؤذِ الطالب بكلمة نابية، فقط قال رأيه الذي يكفله له الدستور والقانون الفرنسي، فإن لم يعجبك هذا البلد بتلك القوانين فاخرج منه ولا تبقى فيه، فليس من حقك وأنت غريب ولاجئ في بلدهم أن تفرض عليهم معتقداتك فإن قبلوا بها وإلا قتلتهم! أيُّ منطقٍ هذا؟!

لم يسيء للإسلام وللرسول صلى الله عليه وسلم أكثر من مسلم جاهل أو مؤدلج، لكن المسلم العاقل المنفتح يدرك أن الموضوع تم تضخيمه حتى أخذ منحى آخر ليكون في صالح النظام التركي والذي هو العدو الحقيقي للإسلام وللعرب جميعاً، ليس دفاعاً عن فرنسا بقدر ما هو دفاع عن هويتنا العربية وأوطاننا إلى أن تتطهر تماماً من أي فكر إخواني أو توجهات وميول أردوغانية، يجب أن يعي ويدرك كل عربي في هذهِ المرحلة الراهنة أن النظام التركي والإيراني هما العدو ولا أحد غيرهما(هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنَّى يُؤفكون).
...