كيف يمكن ان تُخاطب قطر سياسياً بعد اعلان الوسيط الذي سعت هي اليه، بل هي من اصر عليه، عن التوصل لإطار مصالحةً حاكم يمهد للخروج من الازمة قبل انعقاد قمة الرياض مطلع يناير القادم. وبدل ان تعطي الدوحة للوسيط (الكويت) وسمو الامير/ الشيخ نواف الاحمد الجابر الصباح الفرصة لاكمال مساعي الراحل الكبير الشيخ صباح الأحمد الصباح، نجد وزير خارجيتها يتوجه الى موسكو ليتشدق من هناك، بإن الدوحة لن تقيل ان يكون حل الأزمة على حساب سيادتها.

ما هو مفهوم السيادة من المنظور القطري، ولنراجع الحقائق. الرباعية اقدمت على مقاطعة قطر بعد ان وقع سمو الامير/الشيخ تميم بن حمد آل ثاني شخصيا على وثيقتي الرياض بين عامي ٢٠١٣ و ٢٠١٤. فهل مثل الشيخ تميم نفسه إم بصفته الشرعية الوطنية، والسياسية، والقانونية لدولة قطر. ذلك اولا، اما ثانيا، فقد تعهدت قطر (الأمير) لباقي الأطراف الموقعة بإنفاذ ما اتفق عليه، الا انها حنثت بذلك، مما استدعي سحب السفراء من الدوحة عام ٢٠١٤.

كعادتها، اصرت قطر على وساطة كويتية، وكان لها ذلك اكراما لشخص الراحل الكبير الشيخ صباح الأحمد الصباح (رحمة الله عليه)، واعيد السفراء، بالإضافة الى امهال الامير الشاب بعض الوقت بعد التوقيع على ما بات يعرف بالاتفاقية التكميلية لعام ٢٠١٤. وكالعادة، تنكر الامير وقطر لكل التعهدات رغم امهاله ثلاث سنوات، مما اضطر أطراف الرباعية الى اتخاذ القرار بالمقاطعة. ومن جديد، تلجأ لوساطةٍ كويتية، ومرة اخرى تقبل الرباعية بالوساطة اكراما لشخص الوسيط والكويت.

وحتى في ظل وجود جهود الوساطة، بلغ الصلف القطري حد انكار اي وجود لتعهدات قطرية ضمن اتفاقيتي ٢٠١٣ وملحقها الموقع في ٢٠١٤. حينها قررت الرباعية نشر الوثيقتين، ووضعها امام الراي العام القطري قبل غيرة، ليتضح للجميع من كان يكذب. وما انكرته من احتضانها ودعمها لتنظيمات متطرفة، اكدته قائمتها الأولى والتي صدرت عن وزارة داخليتها في مارس ٢٠١٨ والتي أكدت ان من أصل ٢٠ شخصية مدرجة، ١٢ منها قطرية، ومن اصل ٨ كيانات، ٦ منها مقرها الدوحة.
اذا تحديدا ما هو مفهوم السيادة الوطنية يا سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وما هو تحديدا تعريفك انت قبل وزير خارجيتك الذي لا يفوت فرصة للتشدق بالسيادة. الست انت يا سمو الامير هو راس هرم السلطة الدستورية والسياسية القطرية، أليس انت من وقع على تلكم الاتفاقيتيين، إم ان وزير خارجيتك عبر تلك التصريحات يشكك في اهليتك القانونية والدستورية؟

سمو الامير، الاستحقاقات الواجبة عليك تجاه من التزمت به للرباعية والوسيط في الرياض، هي تعهدات ومواثيق سيادية لا تسقط بالتقادم. وان كانت المصالحة بمقياس مفهوكم للسيادة، فلا خير فيها الى ان يشارك في القمة صاحب القرار الحقيقي في الدوحة لتنفيذ ما تعهدت به قطر كي تطوى هذه الصفحة البليدة من تاريخنا السياسي والاجتماعي. وان تعذر ذلك، فعلى الرباعية تنفيذ مشروع قناة سلوى، وبذلك نحقق للدوحة حلمها ان تغدو جزيرة.