تمثل الحريات الشخصية أحد أهم الأمور والأساسيات التي لا يستغني عنها أي إنسان، وقد شهدت الحضارات والأزمان المختلفة على صراع الإنسان المستمر في سبيل الحصول على حريته، فالإنسان الحر يستطيع أن يقوم بكافة مهامه في المجتمع، كما يشعر بالأمان والاستقرار، ويساعده ذلك في طرح وتقديم الكثير من الأفكار الإبداعية التي تعود في النهاية بالنفع على المجتمع. كذلك تساهم الحريات الشخصية في الرفع من شأن المجتمعات والنهوض بالأمم على اختلاف ثقافاتها وجنسياتها. وتبدأ الحرية من الإنسان نفسه، فيجب أن يدرك كل إنسان أن حريته تقف عندما تتخطي حدود وحريات الآخرين، حيث يجب أن يحرص الفرد على مراعاة حدود وخصوصيات الآخرين عندما يسعى خلف حريته، كذلك يجب أن يلتزم بالآداب والقيم والمعايير والتقاليد العامة في المجتمع الذي يعيش ويحيا فيه.
يتجلى احترام الحريات الشخصية كنوع من الأخلاق أو القيم، كما هو الحال في المفهوم الشائع - احترام الآخرين - أو مبدأ التعامل بالمثل، لكن هناك فرق بينه وبين عدة مصطلحات مثل الاهتمام والاعجاب، ويفضل عدم الخلط بين هذين المفهومين، كما يفضل عدم المبالغة في الاحترام حتى لا يساء الفهم. ان احترام حق الحريات الشخصية تعبير عن مدى احترام الشخص لنفسه، وقد أوصت كل الأديان السماوية والأعراف الاجتماعية على وجوب احترام الحريات الشخصية للأخرين لأن ذلك يمثل احتراما لأنفسنا.

احترام الحريات الشخصية للأخرين هي قمة التقدم والتحضر، فإذا وجدنا انسان دائم التحدث عن الآخرين بسوء، فإن هذا الانسان لديه شعور بالنقص ويعاني ضعفا في شخصيته تجعله ينتهك احترام الآخرين بحجة أنه صريح ولا يجامل. ولو ان كل منا التفت الى عيوبه وعمل على إصلاحها لما ظهر بيننا هذا النوع من الناس، وما كان بيننا خلاف وشقاق وغيبة ونميمة، ولعشنا حياة هادئة يملؤها الحب والسعادة والاحترام، ان احترام الحريات الشخصية للآخرين ناتجة من احترام الانسان لذاته. احترام حريات وأراء الآخرين أمر واجب، وكل شخص له كامل الحرية في اتخاذ القرارات التي يراها صحيحة ولو كانت متعارضة مع آرائنا، ويجب احترام الأشخاص وتشجيعهم على طرح آرائهم فالحرية من الركائز الأساسية للديمقراطية. الاحترام هو إحدى القيم الحميدة التي يتميز بها الإنسان، ويعبر عنها تجاه كل شيء حوله.
إذا احترمنا من يقف أمامنا لشخصه وفكره وعقيدته، نكون بذلك قد بنينا أول جسور الثقة والمحبة والاحترام بيننا وبينه. أما السخرية من معتقدات الآخرين ومحاولة استفزازهم والتقليل من شأنهم فذاك قمة الجهل والتخلف. إنني لا أقول لكم بأن نترك المعتقدات الفاسدة تسيطر على فكر أحد، ولكن يجب علينا مجتمعين محاولة تصحيحها عن طريق كسب احترام وثقة من يروج لمثل هذه المعتقدات ومجادلتهم بالتي هي أحسن. إن الحرية التزام ومسؤولية، وإيمان الإنسان بالحرية يجعل أمامه عدة نقاط مهمة في سبيل أن يكفلها للآخرين وليس لوحده فقط، فهناك من الناس من يعتقد أنه حر في كل شيء. هذه ليست دعوة للحرية المنفلتة التي تكون دون ضوابط أو قيود، إنما هي دعوة للحرية المشروطة بالالتزام والشعور بالمسؤولية واحترام حريات الآخرين ومعتقداتهم.

الحرية هي حق من حقوق الانسان التي يسعى اليها دوما، كحريته في التفكير والاعتقاد، واتخاذ قراراته الشخصية، والتصرف بما لا يتعدى على حريات غيره او يؤذيهم، فحرية الانسان هي روحه وكيانه، وبدونها يغدو مقيدا مسلوب الإرادة والعقل. وعليه، يجب أن يكافح الإنسان بلا كلل للحصول على حريته وأن يعمل على الحفاظ عليها، كما يجب ألا يسمح للآخرين بالتحكم في قراراته والسيطرة عليه. وفي سبيل ذلك يجب القيام بحملات التوعية التي تدعم الحريات في المجتمع، وتنشر الوعي بين المواطنين بأهمية حريات وخصوصيات الآخرين، وحرية الفرد تقف عندما تبدأ حرية الآخرين.