تعتبر ظاهرة القراءة مؤشرا من مؤشرات التنمية، لأن الشعوب التي لا تقرأ هي الشعوب التي توجد في مؤخرة السلم الحضاري في الوقت الحاضر. ولم تعد الأمية تطلق على حالة الجهل بالقراءة والكتابة، لأن هذه الفئة التي لا تقرأ أو لا تكتب بدأت تضيق إلى حد كبير بفضل انتشار التعليم في اغلبية المجتمعات العربية.
القراءة غذاء للعقل، ومتعة للنفس، بها يوسع الانسان معارفه ومداركه، وينمي قدراته ومهاراته، بل إن القراءة اليوم أصبحت مقياسا لتقدم الأمم ورقيها. فما من أمة تقرأ إلا وتحكمت في زمام الأمور بالعالم، وما من أمة تخلف أفرادها عن فعل القراءة إلا وقبعت في أسفل السافلين بالعالم. القراءة هي إحدى الوسائل المهمة لاكتساب العلوم المختلفة، والاستفادة من منجزات المتقدمين والمتأخرين وخبراتهم. وهي أمر حيوي يصعب الاستغناء عنه لمن يريد أن يكتسب العلم بشكل خاص، والمعرفة بشؤون ما يحدث في هذا العالم المتغير بشكل عام. كما أن القراءة حاجة ملحَّة لا تقل أهمية عن الحاجة إلى الطعام والشراب.
وفقا لدراسة لجنة "الكتاب والنشر" فإن العالم العربي ينشر 1650 كتابا سنويا فقط، بينما تنشر الولايات المتحدة وحدها 85 ألف كتاب سنويا، والدراسة التي قامت بها اللجنة تشير إلى نتائج مماثلة خلصت إليها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) أوضحت أن نصيب كل مليون عربي لا يتجاوز ثلاثين كتابا، مقابل 854 كتابا لكل مليون أوروبي، أي أن معدل قراءة الشخص العربي ربع صفحة في السنة مقابل معدل قراءة كبير للفرد الأميركي الذي يصل إلى 11 كتابا في العام الواحد.
كل الدراسات التي أجريت والبحوث التي أعدت حول أهمية القراءة، تربط بين الاهتمام بالقراءة وبين طبيعة النظام السياسي، حيث تؤكد هذه الدراسات والبحوث إنه عندما تتسع وتزدهر الحريات ترتفع معدلات القراءة في المجتمعات الديمقراطية، ويعتبر المواطن نفسه شخصاً فاعلاً في الحياة العامة، ويزداد اهتمامه بالإنتاج الثقافي والفكري والسياسي. وعليه، كانت معدلات القراءة، في الحقبة التي ازدهرت فيها الأيديولوجيات السياسية في العالم العربي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، بين الفئات المتعلّمة أكبر بكثير مما هي عليه في الوقت الحاضر. أما الآن، ولأن معظم المواطنين سلموا مصائرهم للقدر ويشعرون بعدم جدوى انخراطهم في الشأن العام، فإن الاهتمام بالقراءة تراجع بشكل كبير.
وبسبب هذه التحولات اندثرت الأحزاب والمنتديات الأدبية والفكرية، والصحف والنقابات التي كانت تشكل الميدان السياسي والفكري للطبقة الوسطى، واندثر معها مثقفوها الفاعلون، وبات المفكرون في عصر العولمة بلا أفكار، وتغلب أهل الثقة (أي أصحاب الحظوة لدى الحكام) على أهل الخبرة والعلم. وفي هذا المضمار تغيرت أنماط القراءة جراء العولمة المتسارعة من القراءة الورقية إلى القراءة الإلكترونية، وازداد نطاق القراءة بازدياد عدد السكان والجامعات ومراكز البحوث. ومع ذلك، فإن حال القراءة في بلادنا العربية تثير الخجل قياساً على أحوالها في دول العالم.
نحن أمة لا تقرأ، بل من اقل الأمم قراءة في العالم، هذه حقيقة تضاف الى مجموعة الحقائق الأخرى المؤلمة التي نوصم بها مثل الفقر والتخلف والأمية. ومن المؤسف ان اغلبية وزراء التربية والتعليم والثقافة والإعلام في العالم العربي لا يملكون المواهب الخلاقة والأفكار المبدعة التي يتحلى بها أقرانهم في الدول المتحضرة. لا تتقدم الأمم والشعوب التي لا تقرأ، فالقراءة تحيي العقول وتنير الأفئدة وتوسع المعارف.
أقوال الحكماء عن أهمية القراءة:
"قيل لأرسطو" : كيف تحكم على إنسان ؟ فأجاب : أسأله كم كتابا يقرأ وماذا يقرأ؟.
حب المطالعة هو استبدال ساعات السأم بساعات من المتعة. "مونتسكيو".
الكتب هي الآثار الأكثر بقاء على الزمن. "إمرسون".
لا ينمو الجسد إلا بالطعام والرياضة، ولا ينمو العقل إلا بالمطالعة والتفكير. "مثل ألماني".
من يكتب يقرأ مرتين. "مثل إيطالي".