لقد أصبحت الهجمات الإرهابية التي تضرب مناطق عديدة في العراق باستعمال طائرات مسيرة أمرا اعتياديا، لا يبعث بالريبة أو الصدمة لحدوث أمر غير متوقع، ولا يحتاج جهدا جهيدا لمعرفة الجهة الضالعة وراء هاته الهجمات الا ان القراءات في الأسباب والرسائل الموجهة تختلف من هجمة لأخرى كما أن اختيار المواقع المستهدفة لا يحدث بعشوائية بل هو وسيلة لتصل الرسالة الى العنوان المناسب، ولعل استهداف مطار أربيل الدولي القريب من قاعدة للقوات الأمريكية، رسالة تحذيرية الى واشنطن، مفادها ان الصواريخ الإيرانية قريبة من كل المصالح الامريكية في العراق الضعيف أمنيا والمخترق بسهولة من طرف الحرس الثوري الإيراني وعناصره في الميدان.

وفي حادث مشابه تزامنا مع زيارة الكاظمي الى طهران، قصفت إيران لمواقع حزبية لكردستان على لسان سياسي كردي عراقي طلب عدم كشف هويته، في حوار مع موقع عربي أنه من الواضح تماما أن تحاول رفع وتيرة تصعيدها في كردستان العراق، تحت حجة محاربة الإرهاب لكن الغاية الحقيقية لتحركات وطهران هي في الواقع فرض أجنداتها على المنطقة، وترجمة نزعاتهما التوسعية في العراق وعموم المنطقة العربية".

استهداف مطار أربيل يأتي في سياق متصل وهو أيضا رد فعل على دعم الولايات المتحدة الأمريكية لهاته الأحزاب المعادية لمصالح إيران التوسعية ويبدوا ان هذا التضييق الكبير على تحركات عناصر من الحرس الثوري والمخابرات الإيرانية داخل الشمال الإيراني الذي تحقق بفضل الدعم المخابراتي الأمريكي في العراق يجعل من نفوذ إيران يتضاءل وينحسر وهذا ما لم تستطع إيران ان تتقبله بالرغم من انها تحاول جاهدة اقناع بغداد بأن وجودها فبي الشمال العراقي يخدم مصالح حكومة بغداد قبل ان إيران.

لقد أصبح التصعيد الإيراني في العراق وخاصة في كردستان يتوالى منذ أن أدركت إيران أن الإدارة الامريكية الجديدة لا تبحث توجد عسكري في المنطقة بقدر ما تركز اهتماماتها نحو الحرب الاقتصادية مع الصين والحرب مع الوباء ورغبة بايدن بالتعامل مع ملفات الشرق الأوسط بشي من المرونة من أجل تجنب سقوط الأرواح وتخفيف فاتورة تواجدها العسكري، وتجد إيران من ليونة الموقف الأمريكي فرصة مناسبة لممارسة الضغط من خلال توجيه رسائل عدائية واستهداف أماكن حيوية قريبة من تواجد القوات الأمريكية من دون الحاجة الى اسقاط الضحايا فهي تدرك تماما ان أي قطرة دم أمريكية ستكلفها غاليا وتقلب كل شي ضدها.

ان منطق القراصنة وقطاع الطرق الذي تمارسه إيران في المنطقة من خلال استهداف سفن تجارية عبر مضيق خليج العرب القيام بعمليات متفرقة في العراق، قد أنفذ صبر دول الجوار التي لا تريد ان تنجر الى حيلة طهران بفتح جبهة حرب، من الواضح أيضا أن إيران تحاول بشق الانفس توجيه الأنظار لها والجلوس معها على طاولة الحوار من أجل الحصول على امتيازات في المنطقة مقابل تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط عموما، والعراق تحديدا.