كلما أنتج الكاتب إبداعا تلقفه الناقد كونه المعيار الذي يكشف جودة النص، وعلى الكاتب الإيمان بدوره المنتهي بمجرد وصول النص إلى القارئ "نهاية المؤلف أو موت الكاتب لبارت وفوكو" إلا أن الواقع الثقافي يحيلنا إلى ظاهرة خطيرة كون الناقد يتخلى عن دوره متعذرا بحجج واهية وخوفه من تهجم الكتاب على شخصه والتشهير به عبر جرائد ومجلات ، فالكُتاب يرفضون نقدا ويقبلون مدحا وإطراء على هواهم وإلا فالعمل المنجز يبقى على حاله والاقتراب منه دون هذه القاعدة يفتح باب تأويلات كثيرة يفسد النيات من خلالها، لذلك فالظاهرة غير صحية ثقافيا ومعرفيا؛ لأننا لم نشهد فترة زخم نقد نتآلف مع موضوعيته، على العكس نحن نشهد تراخي الناقد وخموله، إضافة إلى ندرة في الأعمال الثرية الهادفة على الجهتين إبداعا ونقدا.

تفقد العملية النقدية أحيانا أدواتها المعرفية، وتنحاز إلى فئة دون أخرى؛ كون الناقد يرى الهرم من الزاوية التي يريدها؛ وبذلك يستسهل الأعمال التي تبدو فريدة من نوعها إذا وقعت في يد كميائي ناقد يخرج عناصرها، وينّشط تفاعلها لتعرج في سماء الفكر الأدب.

تهدى لنقاد كثيرون أعمال إبداعية تحببا ومجاملة، وهذا يزرع الخوف في أن يحدث النسيان كسرا للصنيع والجميل فيعيش الناقد بفكرة الخوف من الغربلة، ونزع الستر عن النص، ومسح لمعانيه لتقدّيمه للقارئ فاضحا غرضه المستتر وراء العبارات والمجازات والاستعارات، من هذا الاعتبار يتخلى الناقد عن كتابة دراساته ويعجز في خلق الفعل النقدي حتى لا يقع تصادم يفقده علاقاته، أما عن الكاتب فيرى النقد الموضوعي غدرا أو يتوهمه مؤامرة.

الكتاب مراتب والنقاد بمثلهم ونحن بحاجة إلى خلق تقاليد ثقافية ووئد الرداءة في الضفتين.