إنّ الذين يعرفون لبنان وساروا في "زواريبه" السياسية كلها، وهنا وحتى لا يذهب البعض بعيداً، فإنّ كل شجرة أرز في هذه البلد الجميل تساوي الدنيا كلها وما فيها.. هذا البلد الذي، بقي يستقبل العرب وغير العرب الذين قد غادروا أوطانهم بعدما إزداد عليهم ضغط الحكام الذين لا يتقنون إلّا "الخنق والذبح" وبناء السجون وتوسيع المعتقلات التي باتت تنتشر في بلدانهم أكثر من إنتشار المدارس الإبتدائية والإعدادية والثانوية .. وأيضاً أكثر من إنتشار المستوصفات والمشافي!!.

وهكذا فإنه عندما يقرر هؤلاء تحويل هذا البلد إلى ميدان مبارزة لهم، هذا البلد الذي كان أول من عرف المدارس والجامعات وأول من استقبل من هربوا من أوطانهم، وبخاصة بعد مراحل الإنقلابات العسكرية التي كان أصحابها يصفونها بأنها ثورات والتي لا تزال تقدم لبلدانها من يعتبرون أنفسهم أهم جنرالات العالم.. وهم في الحقيقة مجرد إنتاج إنقلابات عسكرية أوصلت الكثير من بلدان العالم الثالث.. والثاني أيضاً إلى ما وصلت إليه من تسابق على بناء السجون والمعتقلات .. والمشانق أيضاً إنْ في عهود الإنقلابات العسكرية.. في أفريقيا.. وغيرها وفي بعض الأقطار العربية!!.

وبالطبع فإنّ ما كان شهده لبنان في مراحل: "الإنقلابات" هذه التي كانت تسميها إذاعاتها وأجهزتها الإعلامية "ثورات" قد شهدته دول عربية أخرى وحيث أنّ من قد وصلت به "الشجاعة" إلى أنْ يغمز بطرف عينه اليسرى كان يتم قلع عينيه الإثنتين وعلى أساس أنه عميلاً.. للإمبريالية والإستعمار والصهيونية العالمية.

وهنا فإن المفترض أن الذين عاشوا تلك المرحلة، التي نسأل الله ألّا يعيدها، وهذا مع أنّ بعضها لا زال موجوداً وأنّ وسائل الإعلام التي كانت تشكل أبواقا وعلى الطالع والنازل، كما يقال، لا تزال ترقص وتردح وتصف أي معترض على أنه أكبر عميل للعدو الصهيوني والإمبريالية العالمية وعلى أساس أنه لا يتغنى بإنجازات أنظمة قد فُرضت فرضاً على بعض شعوب هذه المنطقة وشعوب ما يوصف بأنه العالم الثالث بأسره.

وعليه فإنه مادام أننا نتحدث عن لبنان هذا الذي كان ليس زهرة هذه المنطقة فقط، لا بل أنه زهرة العالم كله فإنّ ما يوجع قلوب الذين كان قد إحتضنهم عندما لفظتهم "أقطارهم الثورية جداًّ" أنه قد إنتهى إلى هذه النهاية المأساوية وأنّ من يحكمه الآن هو هذا "الحسن نصر الله" الذي قد بات ولياًّ للولي الفقيه ولإيران الخمينية والخامنئية.